فى ثانى تدخل عسكرى لها بإفريقيا خلال عام، أرسلت فرنسا أول من أمس الجمعة قواتها إلى جمهورية إفريقيا الوسطى الغارقة فى الفوضى منذ الإطاحة بالرئيس فرنسوا بوزيزى مارس الماضى، على خلفية الاشتباكات الدموية التى وقعت بين ميليشيا «سيليكا» ومعظمها من الإسلاميين وميليشيا «الدفاع عن النفس» التى شكلتها الأغلبية المسيحية، وخلفت مئات القتلى.
الرئيس الفرنسى، فرانسوا هولاند، أعلن خلال اجتماع للزعماء الأفارقة فى باريس، أن أزمة إفريقيا الوسطى تظهر الحاجة الملحة فى أن تشكل القارة قوتها الأمنية الإقليمية. وأبدت فرنسا استعدادها لتدريب 20 ألف جندى إفريقى سنويًّا، وإمداد هيكل قيادة القوة الإفريقية بالعاملين. وأضاف هولاند: «يجب أن تكون إفريقيا سيدة مصيرها، وهذا يعنى أن تتولى زمام أمنها».
وفى تصريح تليفزيونى، قال هولاند: «نظرًا إلى الوضع الطارئ، قررت التحرك على الفور، بالتنسيق مع الأفارقة وبدعم من الشركاء الأوروبيين»، مؤكدًا أن «ليس لفرنسا هدف غير حماية أرواح الناس»، لافتًا إلى أن التدخل الفرنسى سيكون «سريعًا» و«لن يستمر فترة طويلة». وأوضح أن العناصر العسكرية الفرنسية الموجودة فى إفريقيا الوسطى والتى يبلغ عددها 650 فى الوقت الراهن «ستتضاعف خلال أيام إذا لم يكن خلال ساعات».
وزير الخارجية الفرنسية، لوران فابيوس، صرح بأن القوات الفرنسية ستركز فى البداية على تأمين العاصمة والطرق المؤدية إلى تشاد والكاميرون، وستنتشر أيضًا مع قوات إفريقية فى بلدات أخرى من بينها بوسانجوا. وزير الدفاع الفرنسى، جان إيف لودريان، أوضح أن مهمة العسكريين الفرنسيين تقضى بضمان الحد الأدنى من الأمن وتأمين الشوارع وحركة التنقل الرئيسية للسماح للناس بالتوجه إلى المستشفيات، كما أشار إلى أنه يتعين أن «تكون القوات الإفريقية فى وضع يؤهلها لإحلال الأمن على الأرض بانتظار العملية الانتقالية السياسية». من جانبه رحب رئيس وزراء جمهورية إفريقيا الوسطى، نيكولا تيانجاى، بالخطوة الفرنسية واعتبرها «إيجابية للغاية». ودعا تيانجاى إلى تحرك سريع من أجل «وضع حد لهذا العنف وهذه الفظائع». وعلق الرئيس الغينى، ألفا كوندى، فى مؤتمر باريس قائلاً: «نحن ممتنون لفرنسا، ولكن ليس من طبائع الأمور أن تضطر إلى التدخل لإنقاذنا». مضيفًا: «ما يحدث فى بانجى بعد فترة قصيرة جدًّا من ما حدث فى مالى يجب أن يدفعنا جميعًا للتأمل، وأتمنى هنا أن نمنح أنفسنا الوسائل اللازمة لحل الصراعات فى إفريقيا». ورغم التدخل الفرنسى شهد يوم الجمعة تجددًا للاشتباكات بين متمردى سيليكا الذين يديرون شؤون البلاد حاليًا وميليشيا الدفاع عن النفس ومقاتلين موالين للرئيس المخلوع فرانسوا بوزيزى. واستأنف سكان بانجى نشاطاتهم صباح مس السبت بعدما أمضوا 48 ساعة فى منازلهم خوفًا من أعمال العنف والمجازر.