كيف نتجاوز المحنة؟ وضع الدكتور محمد غنيم السؤال بعد أن قدم توصيفاً لحالة مصر التي قال عنها إنها في حالة «انحسار حضاري».. وفي توصيفه لحالة الانحسار الحضاري اعتمد الدكتور غنيم علي تقارير التنمية البشرية التي كتبت بدرجة عالية من الحياد بدءاً من عام 2005. وقال الدكتور غنيم في أمسية مع أعضاء اللجنة المصرية للتضامن برئاسة أحمد حمروش وأدارها الدكتور حلمي الحديدي إن معيار التقدم العسكري مبني علي ثلاثة أسس الأول: متوسط العمر بعد الولادة والثاني: التعليم ونسبة الأمية عند البالغين والثالث: نصيب الفرد من الناتج الإجمالي القومي. وأجري الدكتور غنيم قراءة سريعة لحال مصر في الفترة الأخيرة من سنة 2005 إلي 2009، وقال إن ترتيب مصر في 2005 كان رقم 112 من 177 دولة وفي تقرير 2009 وصلنا إلي رقم 123 أي أننا تقهقرنا، وقارن الدكتور غنيم مصر في تقهقرها بالنسبة لدول مثل سوريا والأردن وماليزيا وإسرائيل.. وتوقف عند النسب المخيفة التي تقول إن ما تنفقه إسرائيل علي الصحة يمثل ثلاثة أضعاف ما تنفقه من الناتج الإجمالي، وأن ثلث المصريين لا يعلمون القراءة والكتابة بينما نسبة الأمية في الأردن 9.8% وفي إسرائيل 9.2% وفي ماليزيا 30.11%، مع الوضع في الاعتبار أن القراءة والكتابة في مصر ليستا نقيضتين للأمية، وقال إن مصر تنفق علي التعليم 9.3% من الناتج القومي بينما الأردن 9.4% وماليزيا 2.6% وإسرائيل 9.6%، وفي البحث العلمي مصر تنفق 2.0% من الناتج القومي، أي حوالي 2 مليار جنيه يذهب معظمها إلي رواتب موظفين جالسين في أكاديمية البحث العلمي لا يفعلون شيئاً، بينما الأردن تنفق 5.4% من الناتج القومي علي البحث العلمي. واستعرض الدكتور غنيم أنماط الصادرات المصرية، ونصيب الفرد من الناتج القومي إضافة إلي مشاكل حقوق الإنسان والحريات والمنهج السياسي لدولة في القرن 21. وتساءل الدكتور غنيم: كيف نخرج من المحنة ووضع حزمة من التصورات التي يراها مداخل لمصر في عام 2025 مثلاً؟ وبدأها بحتمية تغيير الدستور بصياغة دستور يسمح بتعددية وتداول سلطة وحقوق مواطنة وحريات.. وسيادة أحكام القانون والمساواة أمامه دون تمييز وإقامة دولة العدالة الاجتماعية يكون فيها التعليم أولوية أولي حتي قبل الدفاع الأمني ويتغير فيها الخطاب الديني الشعبوي والخطاب الديني المغلق، قائلاً: نريد محمد عبده ثانياً بخطاب ديني تقدمي في دولة تعتمد علي البحث العلمي والاستثمار في إقامة قاعدة علمية وتفتح سبل الاتصال مع العلماء العرب.. ولديها حكومات منتخبة لا تضحك علي الشعب ولديها اقتصاد سوق مع ضرورة تدخل الدولة لضبط الأمور ولديها نظام ضرائبي عادل وجباية محكمة. والتفت الدكتور غنيم وهو يتحدث عن النظام الضرائبي العادل إلي الدكتور عبدالعزيز حجازي رئيس الوزراء الأسبق الذي كان يجلس أمامه، قائلاً: فيه كتير يا دكتور حجازي بياخدوا مليون جنيه في الشهر مش كده؟ ويرد الدكتور حجازي عليه قائلاً: كتير قوي. وأعرب غنيم عن دهشته لأن الدولة لا تفرض ضرائب علي الأرباح الناتجة عن التصرفات الرأسمالية، وقال إن مستثمراً مصرياً باع شركة أسمنت السويس إلي شركة لافاراج محققاً أرباحاً رهيبة ولما سألوه عما سيفعله بعد البيع والأرباح قال: إنه سيقيم منتجعاً سياحياً في جبال الألب! ثم تحدث عن مشكلة الماء والغذاء في بلد سيصل إلي 100 مليون نسمة، وقال: لن يكون لدينا إلا ال55 مليار متر مكعب ماء وليس لدينا لا قوة خشنة ولا ناعمة. وقال الدكتور يحيي الجمل، معلقاً علي الدكتور غنيم: إنه لا أمل لمصر إلا في تغيير يقوم علي قدمين الأولي الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون، والأخري البحث العلمي وطالب بالوقوف مع ما طرحه الدكتور غنيم وإقناع الشعب به. ثم تحدث الدكتور عبدالعزيز حجازي، وطالب الدكتور غنيم بأن يضع المنهج الذي يحكم منظومته للتغيير قائلاً: أسمع شعارات كثيرة ونحن أحوج ما نكون إلي تحديد هوية النظام وأنه آن الأوان لمصر أن يكون لها هوية ومنهج لا يعبث به أحد، وأعرب عن اعتقاده أن مصر ستتجه إلي ما يسمي الطريق الثالث وهو غير طريق (السداح مداح) وأنه عندما يوضع هذا المنهج ستدخل في تفاصيله. وقال الدكتور حجازي إن منظومة التغيير الآن هي محل نقاش يتبلور حول برنامج عمل يصل بنا إلي 2025..وقال: إننا شعب غني ولديه ثروات ولكن إدارته تحتاج إلي تغيير. ووجه الدكتور حجازي حديثه للدكتور غنيم قائلاً: إنت بتاريخك العلمي وفكرك أكبر من أن تندرج فيما نراه الآن، فرد عليه الدكتور غنيم قائلاً: تقصد إيه؟ التغيير يعني؟ ورد الدكتور حجازي: حضرتك أكبر ورد الدكتور غنيم: أنا كنت في حزب وتركته وأدعو إلي تغيير المواد 76 و77 و88 في الدستور توطئة لدولة مدنية فيها حقوق مواطنة ونرجو أن يكون التغيير سلمياً وهادئاً ومنطقياً وليس عيباً أن أقول ذلك ولا أدعي الكمال فيما طرحت. وتساءل الدكتورغنيم:كيف نصل إلي نافذة ضيقة ربما تأتي بها تغييرات في مناخ قابل للتغييروهذا موجود الآن بنسبة معقولة..ندعو إلي دولة مدنية وحكومة منتخبة..بها تعددية وتداول سلطة وقيمة للمواطن ومساءلة وهذا عن طريق سلمي ورصين وقد تكون اللحظة مناسبة ونرجو أن تكون قريبة.وقال الدكتور غنيم: نريد أن نصل إلي الناس التي تطلب التغيير.. وإذا آمن به عدد كبير ووافق علي هذا المنهج وسجل اسمه للمطالبة به يمكن أن نكون أمام ضغط كبير، أما إذا قلنا إن الناس المطالبة بالتغيير وصلوا إلي (50) ألفاً أو (60) ألفاً فهذا ما نسميه «الحركة في العدم» أما أن نصل إلي نصف مليون مثلاً أوأكثر فهذا سيكون له تأثير قوي. وقال الدكتور غنيم إن الجمعية الوطنية للتغيير ليست حزباً وأدعو إلي أن تكون «ولا حاجة» حتي لا تختلف علي المناصب، وقال: إذا تمت زيارات ميدانية أخري مثل زيارة الدكتور البرادعي للمنصورة فسنقوم بتحميس الناس ونري إلي أي مدي سيكون إقبالها في الفترة الزمنية المقبلة.