.. واستكمالا لمسلسل إهدار المال العام، الذي فيما يبدو لاتتوقف أجزاؤه، كشفت دراسة أعدها الخبير الاقتصادي الدكتور صلاح جودة - مدير مركز الدراسات الاقتصادية - عن إهدار الحكومات المتعاقبة عشرات المليارات في عدد من المشاريع التي توقفت لسوء التخطيط وتخبط وفساد الجهاز الإداري ومحاربة الحكومات بعضها بعضاً، خاصة حكومة د.كمال الجنزوري الذي بإقالته أعلنت حكومة الدكتور عاطف عبيد وفاة جميع المشروعات التنموية التي أنشئت في عهد سابقه... ومن تلك المشاريع: مشروع حديد أسوان: تم إطلاق المشروع في النصف الثاني من التسعينيات، حيث أعلن الرئيس حسني مبارك أن المشروع سيوفر إنتاجية، وأعلنت حكومة د. كمال الجنزوري عن أن هناك مخزوناً من الحديد موجوداً في شرق أسوان في منطقة وادي العلاقي، وأعلنت الحكومة عن مناقصة عالمية للشركات للدخول في هذا المشروع وفازت شركة مصرية بالتعاون مع أكبر تجمع أوروبي لشركات الحديد في العالم «ألماني-فرنسي-إيطالي» بالمشروع وتم دفع مبلغ يزيد علي 120 مليون جنيه مصري ولكن الدولة قامت بإقالة الدكتور الجنزوري الذي كان يتبني المشروع الذي تعرض للتوقف المفاجئ ومعه إهدار لما يزيد علي 120 مليون جنيه، بالإضافة إلي الخسائر التي تحققت نتيجة عدم الاستفادة من المشروع، وكذلك إهدار فرص العمل التي كانت ستتم بتوفير حوالي 3000 فرصة عمل لأهل الجنوب، أي ما يوازي حاليا200 مليون جنيه، إلي جانب تعرض عدد من المسئولين عنه للسجن بسبب مخالفات تتعلق به، ولا أحد يعرف حتي الآن مصير هذا المشروع ومصير الأرض ومصير المعدات أو مصير أصحابه. و المثير أن محكمة النقض حين صدر حكمها ببراءة المتهمين بالمشروع سجل رئيس المحكمة في حيثياته إدانته لمن قاموا بإعداد أو بتلفيق هذه القضية وما سببوه من خسارة للاقتصاد القومي.. ولكن لا حياة لمن تنادي.. وتم الإفراج عن المتهمين بعد 3 سنوات أمضوها في السجن ظلماً.. بينما استمر ملفقو القضية في الحكم يمارسون سلطاتهم بلا حساب. الغريب أن الرئيس مبارك كان من أكبر المتحمسين للمشروع، قيل عام 1999 عندما أثبتت نتائج الدراسات ضخامة الاحتياطي في مناجم الحديد في المنطقة وعندما أكدت التحاليل أيضا أن حديد أسوان من أنقي الخامات في العالم، حيث تصل نسبة الحديد فيه إلي 74 % وهي نسبة عالمية عالية، وقد كلف رئيس الوزراء ووزير الصناعة بالعمل فورا لوضع هذا الموضوع موضع التنفيذ وجاءت الشركات العالمية بعد أن اطلعت علي النتائج ثم اختفي المشروع كأمثاله من المشاريع القومية.. جدا! شرق التفريعة:- مشروع شرق التفريعة من المشروعات العملاقة التي بدأ تنفيذها عام 1998، ويقع المشروع شرق بورسعيد علي الطرف الشمالي الغربي لسيناء، وتبلغ مساحة منطقة المشروع 220 كم، ويحد المنطقة من الشمال البحر المتوسط بواجهة بحرية طولها 22 كم تقريبا. وكان المشروع مخصصاً لإقامة ميناء لاستقبال نحو 7.1مليون حاوية سنويا في المرحلة الأولي للمشروع، بينما كان خيال الحكومة يتجه نحو إنشاء أكبر منطقة صناعية حرة في الشرق الأوسط تقام علي مساحة 6،78كم2، وهي منطقة متعددة الأغراض تصلح لجميع أنواع الصناعات ولكن مع حلول أكتوبر من عام 1999 ومع إقالة الدكتور كمال الجنزوري أعلن د/ عاطف عبيد - رئيس الوزراء السابق - وفاة المشروع لعدم جديته رغم تكلف البنية الأساسية للمشروع حوالي 2 مليار جنيه، أي ما يوازي وقتها 600 مليون دولار، وما يوازي حاليا 3.5 مليار جنيه مصري. وحتي الآن لم تتم الاستفادة منه أو حتي مراجعة الأموال التي تم إهدارها في المشروع أو حتي الاستفادة منها.. نقل الوزارات إلي مدينة السادات: بدأ المشروع كفكرة في عهد الرئيس الراحل أنور السادات الذي تحمس كثيرا للمشروع عام 1978، وتم تكليف المهندس حسب الله الكفراوي، وزير الإسكان والتعمير في ذلك الوقت به، وعلي الرغم من انتهاء الحكومة من تنفيذه في مدينة السادات بتكلفة بلغت حوالي 85 مليون جنيه مصري يومئذ، أي ما يعادل ( 690 مليون جنيه مصري حاليا ) لايزال المبني المجهز لاستقبال الحكومة مهجورا حتي الآن دون استغلال حقيقي يعوض الخسائر التي تكبدتها الدولة. الظهير الصحراوي: وهو مشروع تبنته وزارة الدكتور أحمد نظيف منذ تولي الأخير منصب رئيس الوزراء عام 2004 وكان يستهدف إقامة حوالي 1500 قرية كظهير صحراوي لمصر وذلك لتوفير فرص عمل وحماية الأراضي الزراعية من الاعتداء عليها، ولكن بمرور الوقت تبين أن الحكومة لم تقم بإضافة أي ظهير صحراوي حتي الآن سوي 4 قري وعلي الرغم من أنه تم رصد مبالغ كبيرة من الميزانية لبناء المشروع وصلت إلي ما يقرب من 1.5 مليار جنيه، فإنه بدلا من إقامة قري الظهير الصحراوي خرجت علينا الحكومة بمشروع اسمه المتخللات الزراعية، أي إقامة المباني بين الأحوزة الزراعية، وبدلا من أن يتم ضم هذه الأحوزة للأراضي الزراعية تم البناء عليها، أي أن الحكومة تقوم بتجريف الأراضي الزراعية أو الأراضي الصالحة للزراعة وذلك للبناء عليها ثم تقوم بعد ذلك باستصلاح الأراضي الصحراوية!! شركة سيناء للفحم: بدأت الفكرة بإنشاء شركة لاستغلال الفحم الموجود في منجم جبل المغارة وبالفعل تم إنشاء شركة سميت بشركة سيناء للفحم ولكن المشروع توقف تماما رغم أن تكلفته الاستثمارية بلغت 7.1 مليار جنيه بزيادة قدرها مليار جنيه عما جاء بدراسة الجدوي الاقتصادية عام 1992، مما جعل الشركة المنتجة تتعثر ماليا حتي ظهر رأس المال بقيمة سالبة فاضطرت هيئة الثروة المعدنية بوزارة البترول إلي طرح مزايدة عالمية لاستغلال منجم فحم المغارة نهاية العام الجاري لأن المشروع قام علي فلسفة اقتصادية خاطئة، ودراسات جدوي غير دقيقة، وأنه لم تتمكن شركة سيناء للفحم وهي الشركة التي كانت متولية تنفيذ المشروع وهي شركة حكومية منذ إنشائها من تحقيق أهدافها، مما أدي إلي تضخم ديونها بنحو 1.3 مليار جنيه. وتعثرت الشركة إزاء عدد من البنوك أبرزها بنك الإسكندرية والذي تم التفاوض مع رئيسه باعتباره الدائن الأكبر بعد تخفيض مليار جنيه فوائد تأخير، تمت إضافتها علي رصيد القرض لعدم التزام الشركة في السداد حتي تم التمكن من التفاوض، وتزامن ذلك مع بيع بنك الإسكندرية والذي ساعد علي الإسراع في تسوية ديون الشركة، حيث تم الاتفاق علي إلغاء نصف الديون وجدولة النصف الثاني علي عشرين عاماً.