تزعمت مصر جبهة الدول العربية الرافضة للتدخل العسكرى فى سوريا، حيث صرح وزير الخارجية نبيل فهمى بأنه فى الوقت الذى ترفض مصر فيه وتدين استخدام الأسلحة الكيميائية من أى طرف، وتطالب المجتمع الدولى بمحاسبة المسؤول عن ذلك بعد تقديم فريق المفتشين التابعين للأمم المتحدة تقريره، تؤكد مصر بوضوح أنها لن تشارك فى توجيه أى ضربة عسكرية وتعارضُها بقوة اتساقا مع مواقفها الثابتة من معارضة التدخل العسكرى الأجنبى فى سوريا، وتمسكها بأن استخدام القوة فى العلاقات الدولية مرفوض إلا فى حالة الدفاع عن النفس أو تحت الفصل السابع من الميثاق. وطالب فهمى فى تعليقه على ما تردد عن توجيه ضربة عسكرية ضد سورية نتيجة اتهامها باستخدام الأسلحة الكيميائية، مجلس الأمن الدولى ببذل كل جهوده للتحقيق فى الأحداث واتخاذ الإجراءات اللازمة إزاء هذه الجريمة البشعة. هذا وقد أدان الوزير ممارسات النظام السورى ضد شعبه، وذكر أن مصر تناشد كل الأطراف السورية والمجتمع الدولى سرعة تفعيل مؤتمر «جنيف 2» لإيجاد حل سياسى للوضع فى سورية برمته، يحفظ لسورية وحدة أراضيها وتنوعَها ويُحقق المطالب والتطلعات المشروعة لمختلف مواطنيها وأطيافها المتعددة. الضربة العسكرية المتوقعة ضد سوريا لن تمر مرور الكرام، بل سيعقبها تهديد لميزان القوى بالشرق الأوسط، هذا ما توقعته صحيفة «الإندبندنت» البريطانية أمس، لافتة إلى أن «أى ضربة صاروخية مهما كان نوعها سترفع درجة حرارة الوضع السياسى فى المنطقة بأكملها، خصوصا أن العالم سيعتبرها تدخلا عسكريا جديدا لتحالف غربى تقوده واشنطن». التحذير من العدوان على سوريا لم يتوقف على «الإندبندنت» بل عبرت عنه أصوات داخل أمريكا نفسها، فقد نقلت وكالة «رويترز» للأنباء عن مسؤولين بالكونجرس قولهم أمس إن «إدارة أوباما لم تتشاور مع لجنة المخابرات على النحو اللائق فى ما يتعلق بسوريا، بل اقتصرت المحادثات التى أجرتها الإدارة مع مجلسى الشيوخ والنواب على إطلاعهما على مستجدات الوضع بشكل موجز جدا». كان عدد من المشرعين قد ذكروا فى الأيام الأخيرة أنه يتعين على أوباما إشراك الكونجرس بصورة أكبر فى أى قرار يتعلق بمعاقبة سوريا عسكريا، ردا على هجوم بالأسلحة الكيماوية وقع الأسبوع الماضى، كما بعث الجمهورى جون بينر -رئيس مجلس النواب- رسالة لأوباما أول من أمس «الأربعاء» طلب منه فيها أن يوضح للشعب والكونجرس أهدافه وسياسته واستراتيجيته فى ما يخص سوريا. صحيفة «واشنطن بوست» طالبت هى الأخرى الرئيس الأمريكى بالتشاور مع كل أعضاء الكونجرس قبل ضرب سوريا، لافتة إلى أن هناك هوة واسعة بين المحادثات التى أجراها أوباما مع بعض أعضاء مجلس النواب والشيوخ وبين إجراء مناقشات مع كامل أعضاء الكونجرس. وفى لندن كانت حالة التردد من المشاركة فى ضرب سوريا هى السائدة، وقالت صحيفة «التايمز» إن رئيس الوزراء ديفيد كاميرون أجبر على التراجع فى قضية التصويت على عمل عسكرى فى سوريا، مشيرة فى تقرير لها إلى أن التدخل الحربى البريطانى فى دمشق أصبح مجالا للنقاش بعد أن رضخ رئيس الوزراء أمام ضغوط زعيم حزب العمال إد ميليباند لتأجيل تصويت البرلمان للموافقة على توجيه ضربة عسكرية. كان حزب العمال قد هدد بسحب دعمه للخطط الحكومية إذا لم يتم الانتظار حتى رفع نتائج تحقيق المفتشين لمجلس الأمن، بينما أكد وزير الخارجية وليام هيج ضرورة أن يكون أى تحرك «على أساس توافقى»، وكانت بريطانيا قد طرحت على الأممالمتحدة مسودة قرار يسمح ب«إجراءات ضرورية» لحماية المدنيين السوريين. وفى ما يتعلق بالجانب السورى واستعداداته للمعركة، أكد الرئيس السورى بشار الأسد أن بلاده ستدافع عن نفسها أمام أى عدوان، مؤكدا فى خطاب لوفد من الساسة اليمنيين أن «التهديدات بشن عدوان مباشر على سوريا ستزيدها تمسكا بمبادئها الراسخة وقرارها المستقل النابع من إرادة شعبها وأن سوريا ستدافع عن نفسها فى وجه أى عدوان». و نقلت صحيفة «الجارديان» البريطانية عن ضابط سورى بالقوات الجوية قوله إن هناك 8 آلاف مقاتل على الأقل مستعدون لشن هجمات انتحارية، لافتا إلى وجود «13 طيارا مقاتلا وقعوا على تعهد الأسبوع الجارى لتشكيل طاقم من الانتحاريين لمواجهة أسطول الطيران الحربى الأمريكى». وأضاف الضابط فى مقابلته مع الصحيفة البريطانية «إذا قامت الجيوش الأمريكية والبريطانية بإطلاق صاروخ واحد سنطلق ثلاثة أو أربعة، وإذا أغارت طائراتهم علينا فستواجه نيران الجحيم فى سمائنا»، موضحا أنه إذا لم تتمكن قوات الدفاع الجوى من التصدى للغارات الجوية فهناك طيارون مقاتلون على استعداد لمهاجمة تلك الطائرات الغربية والاصطدام بها وتفجيرها فى الهواء. وكخطوة دعم جديدة لسوريا أرسلت موسكو سفينتين حربيتين إلى شرق البحر المتوسط، وفقا لما أوردته وكالة «إنترفاكس» الروسية أمس، ونقلت عن مصدر بهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة قوله إن «سفينة مضادة للغواصات وطراد صواريخ سيصلان فى الأيام القادمة بسبب الوضع المعروف جيدا».