الإدارة الأمريكية تراجع موقفها التشريعى والقانونى مما حدث فى مصر لم تغير واشنطن بعد موقفها من أهمية وضرورة أن يشارك الجميع، بما فيهم الإخوان المسلمون، فى العملية السياسية الديمقراطية المطلوب تحقيقها والمنتظر تفعيلها فى مصر. كما أنها كررت القول وشددت على أن «الشعب قال كلمته»، وأن مرسى «لم يعد فى منصبه» و«أنها متفائلة بحذر» تجاه الحكومة الانتقالية. وانتقدت واشنطن أيضا الاعتقالات التى شهدتها البلاد فى الأيام الأخيرة. وقالت جين ساكى، المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، بأن الاعتقالات «التى تستهدف جماعات بعينها لا تتماشى مع المصالحة الوطنية التى قالت الحكومة المؤقتة والجيش بأنها تسعى إلى تحقيقها»، وأضافت ساكى: «إذا استمرت الاعتقالات والاحتجازات المسيسة فإنه من الصعب أن نرى كيف ستتحرك مصر إلى ما بعد الأزمة الراهنة»، وأن المطلوب هو «عملية لا إقصاء فيها تشمل كل الأطراف».
وإذا كانت الإدارة أعلنت بأنها تراجع قانونيا وتشريعيا موقفها مما حدث فى مصر وتداعياتها فى ما يخص المساعدات. تقدم السناتور الجمهورى راند بول يوم الخميس بمشروع قانون يطالب فيه بقطع المساعدات لمصر. ذاكرا فى بيان له «أن الإطاحة بالحكومة المصرية كانت انقلابا والقانون واضح فى هذا الأمر. إذا حدث انقلاب فإن المساعدة الخارجية يجب أن تتوقف». بول انتقد بشكل عام موقف أوباما المتردد، واصفا إياه بأنه تجاوز للقانون. وعندما طرح الأمر فى الموجز اليومى للبيت الأبيض قال جاى كارنى المتحدث باسم البيت الأبيض: «بينما يساورنا القلق تجاه الأحداث التى سبقت خلع الرئيس مرسى من منصبه فإن الحقيقة هى أن ملايين من المصريين لا يرون بأن ما حدث كان انقلابا ويؤمنون بذلك»، مضيفا «المصريون أظهروا بوضوح بأنه يجب أن يكون هناك تغيير فى الحكومة». وكلمة الحكومة التى تتكرر فى التصريحات الأمريكية الرسمية تعنى ضمنا النظام.
ولعل أفضل نصيحة أو «ربما تحذير» لمن يعيش ويتابع المشهد المصرى ومن ثم يحاول أن يتابع ويفهم تحديدا وبوضوح موقف أو مواقف واشنطن هو أن الأمور «ليست أبيض وأسود»، كما كررت المتحدثة باسم الخارجية القول أكثر من مرة. أو كما يتصور أو يتوهم أو فلنقل يدعى البعض. فالمساحات الرمادية كثيرة والمشهد ضبابى والوضع مائع لا يمكن الإمساك به وتطويعه والتعامل معه. كما أن عوامل التقلب والتبدل والتغيير تتكاثر وتتفاقم وغالبا ما تحجم وضوح الرؤية، ولذلك فإن ما نراه من تردد أو تخبط غالبا ما يعكس ليس دائما عدم الرغبة فى فهم الأشياء بل عدم القدرة على فعل ذلك. تعليقات عديدة قيلت ونشرت فى الأيام الأخيرة عكست هذا الوضع واعترفت به. وتحت عنوان «سحب داكنة فوق مصر» كتبت «نيويورك تايمز» افتتاحية تحذر فيها من تداعيات الأحداث فى مصر قائلة: «نحن متخوفون للغاية من أن تذوب مصر فى حرب أهلية والتى ستضيف صدمة أخرى لمنطقة تعيش بالفعل فى حالة غليان». افتتاحية «نيويورك تايمز» تناولت أسباب قلقها وخوفها فى ما يحدث وأيضا لا يحدث فى بر مصر فى هذه المرحلة الانتقالية. وذكرت الصحيفة بأن فى هذه اللحظة «فإن إعادة السيد مرسى للحكم يبدو عمليا من المستحيل. ولا تزال مصر فى حاجة إلى التحرك من الحكم العسكرى إلى الحكومة المدنية المنتخبة. ولكن يجب فعل ذلك بطريقة أكثر حكمة وأكثر شمولا للجميع (لا إقصاء فيها) وأكثر استدامة». ولم تنس الصحيفة وهى تتحدث عن التحديات أن تقول: «هناك مسؤولية خاصة تقع على عاتق الليبراليين والعلمانيين، وهم القوة المحركة وراء ثورة 2011 والإطاحة بمرسى. وهى أن يتحركوا لما بعد الاحتجاجات من أجل أن يصبحوا قوة سياسية فاعلة. وهذا يتطلب تنظيما أكثر وحنكة سياسية أكثر مما أظهروها حتى الآن». ولم يتوقف بشكل عام التلويح بالفوضى أو الحرب الأهلية (ومن المرجح أنه لن يتوقف)، وذلك فى المقالات المنشورة والنقاشات الدائرة حول حاضر مصر ومستقبلها. وقد شمل التحذير لمن يهللون بانتهاء الإسلام السياسى بأن الإخوان المسلمين إذا لم يتم إشراكهم بالعمل السياسى الموجود والمطروح على الساحة فإن البديل رجوعهم إلى النشاط السرى و«الجهاد من تحت الأرض» و«اللجوء إلى العنف والإرهاب» و.. الجزائر الأخرى يشار إليها فى الأفق. «النموذج الجزائرى» هو الشهير والمنتشر على الساحة هذه الأيام. ودون الدخول فى تفاصيل الاتفاق أو الاختلاف حول «النموذج البديل أو المحتمل» يجب التذكير بأنه جرت العادة على تسمية حدث ما بأحداث أخرى فى التاريخ الحديث أو القديم. إذ عندما تم التلويح بحرب أهلية قد تحدث فى مصر أشير أحيانا إلى سوريا. ومن قبل عندما كانت جماعة الإخوان تسيطر وتهيمن على الحكم. الكل كان يتساءل: «هل مصر الإخوانية ستكون مثل باكستان أم مثل تركيا؟ وبالطبع البعض كان متشائما ويتساءل هل ستكون مصر مثل أفغانستان أم الصومال؟! حديث واشنطن عن مصر لا يزال وسيظل مليئا بالقلق والتخوف والحذر.. وأيضا التحذير من تكرار نفس الأخطاء التى ارتكبت فى عام 2011 وأيضا 2012. تصحيح لا بد منه فى الجزء الأخير من رسالة أمس والخاص ببداية العلاقة بين السيسى والولايات المتحدة حدث خطأ مطبعى معلوماتى لذلك يجب الاعتذار ويرجى قراءته كالتالى: وذكرت «وول ستريت جورنال» بأن علاقة السيسى الشخصية مع العسكرية الأمريكية بدأت منذ أكثر من 30 عاما. وذلك عندما شارك فى برنامج تدريبى أقيم فى فورت بيننج بولاية جورجيا عام 1981.