أسعار الذهب اليوم الأحد 6 أكتوبر 2024    أسعار الدولار اليوم الأحد 6 أكتوبر 2024    حزب الله يقصف تجمع لجنود إسرائيليين في مستوطنة المنارة بالصواريخ    غارات إسرائيلية على منطقة القصير بريف حمص عند الحدود السورية اللبنانية    كارفخال يوجه رسالة للجماهير بعد إصابته بالصليبي    حالة الطقس اليوم الأحد 6 أكتوبر 2024: أجواء معتدلة مع سحب وشبورة مائية    مبادرة "بداية" تسعد أطفال جمعية التثقيف الفكري فى الإسماعيلية (صور)    الأب الروحي لنجوم الغناء المصري "هاني شنودة" يكشف عن علاقته بعمرو دياب ومحمد منير    مدحت شلبي يكشف مصير " زيزو" في نادي الزمالك    والد بلعيد: الأهلي لم يجبرنا على وكيل معين.. وأمير توفيق محترم    احتفالات كبرى بمطار البالون الطائر في الأقصر بذكرى نصر أكتوبر ال51 (بث مباشر)    أسعار اللحوم والدواجن والخضروات والفواكه اليوم الأحد 6 أكتوبر    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»..هل الدعم «النقدي» أفضل من «العيني»؟.. عالية المهدي تجيب.. اتحاد الدواجن يكشف سبب ارتفاع أسعار البيض    عاجل.. إسرائيل تعلن الاستعداد لضرب إيران.. و«الخارجية الأمريكية»: لا ضمانات لاستثناء المنشآت النووية.. وقائد عسكري أمريكي يزور المنطقة    لماذا تأخر حزب الله في كشف حقيقة اغتيال هاشم صفي الدين في لبنان؟    مدرب مصر السابق: كنت أتمنى ضم نجم الزمالك للمنتخب    ترتيب الدوري الإنجليزي قبل مباريات اليوم الأحد    ارتفاع عدد قتلى إعصار «هيلين» في الولايات المتحدة إلى أكثر من 227 شخصًا    الكويت.. سحب جنسية 63 شخصا بينهم مزدوجان متهمان في قضية سرقة القرن العراقية    تبون يثني على العلاقات بين الجزائر وموسكو    «Take My Breathe».. أفضل فيلم عربي طويل بمهرجان الإسكندرية السينمائي    برج الميزان.. حظك اليوم الأحد 6 أكتوبر: جدد أفكارك    برج الأسد.. حظك اليوم الأحد 6 أكتوبر: لا تكن أنانيا    بعد شائعات وفاته.. جورج قرداحي يوجه رساله شديدة اللهجة    «مفيش خروج من البيت».. محمد رمضان يفاجئ لاعبي الأهلي بقرارات جديدة نارية (تفاصيل)    انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة اليوم وتحذيرات من الشبورة المائية على الطرق السريعة    أحمد السقا يمازح علاء مرسي ويبعده عن ابنته ليرقص معها (فيديو)    رسميًا.. رابط منهج العلوم رابعة ابتدائي pdf والخريطة الزمنية للشرح    من دعاء النبي | اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطأي وعمدي    ضبط تشكيل عصابي تخصص في سرقة المساكن بمنطقة حدائق القبة    44 ألف سيارة.. الحكومة تعلن مفاجأة جديدة بشأن ذوي الهمم    في ذكرى انتصارات أكتوبر.. كيف خدع «السادات» إسرائيل؟    تفسير آية | تعرف على معنى كلمات «سورة الفلق»    لتجنب التسمم الغذائي.. الخطوات الصحيحة لتنظيف وغسل «الفراخ»    شعبة الدواء تكشف عن سبب ظهور السوق السوداء    توقعات الفلك وحظك اليوم.. برج الحوت الأحد 6 أكتوبر    مصرع وإصابة 3 أطفال في تصادم دراجة بخارية وسيارة ملاكي بقنا    الزمالك يقترب من ضم مدافع منتخب مصر (تفاصيل)    «مصر للطيران» تنقل 286 مصريًا عالقين في لبنان إلى أرض الوطن.. صور    الأمن العام يداهم بؤرة إجرامية.. ومصرع 3 عناصر شديدة الخطورة بقنا    يقي من الخرف والألزهايمر.. 5 فوائد صحية لتناول البيض    البيع تم قبل شهور.. مصدر مقرب يكشف مصير مطعم صبحي كابر    حدث في منتصف الليل| حقيقة تعرض البلاد لشتاء قارس.. وأسباب ارتفاع أسعار الدواجن    استئصال ورم كبير من قلب مريضة بمستشفى جامعة أسيوط    تعيينات وتنقلات جديدة للكهنة في مطرانية الأردن للروم الأرثوذكس    عرض «فرص الاستثمار» على 350 شركة فرنسية    « عز يرتفع والاستثماري يتراجع».. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 6 أكتوبر 2024    نائبا رئيس الوزراء أمام «النواب» غدًا    مصرع طفلة وشقيقها سقطا من الطابق السادس أثناء اللهو ب15 مايو    جوجل والجنيه.. دعم ل«الصناعة المحلية» أم عقاب لصنّاع المحتوى؟    إعلام لبناني: صعوبات في وصول الإطفاء والدفاع المدني لأماكن الغارات الإسرائيلية    أحمد عبدالحليم: الزمالك استحق لقب السوبر الإفريقي و«الجماهير من حقها الفرحة»    رابع مُنتج للمشروبات في العالم يبحث التوسع في السوق المصرية    كنيسة الروم بلبنان لأهل الجنوب: نحن بحاجة للتمسك بأرض أجدادنا لا تتركوا أرضكم ودياركم    نقيب الأطباء: الطبيب في مصر متهم حتى تثبت براءته عكس كل المهن    رمضان عبدالمعز: الاحتفال بنصر أكتوبر مهم لأنه أمر إلهي    رئيس جامعة الأزهر: الله أعطى سيدنا النبي اسمين من أسمائه الحسنى    إشراقة شمس يوم جديد بكفر الشيخ.. اللهم عافنا واعف عنا وأحسن خاتمتنا.. فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل انتهى شهر العسل بين أوباما ومبارك؟!
نشر في الدستور الأصلي يوم 16 - 04 - 2010

تابع الجميع مؤخرا تلك المعركة الكلامية التي دارت رحاها بين وزارتي الخارجية في الولايات المتحدة ومصر علي خلفية أحداث المظاهرات التي نظمتها ما تسمي بحركة 6 أبريل ضد مد قانون الطوارئ والمطالبة بتعديلات وإصلاحات دستورية عاجلة قبل الانتخابات.
بعد أقل من يوم واحد من هذه المظاهرات وفي سرعة غير عادية فوجئ الجميع ب«فيليب كراولي» المتحدث باسم الخارجية الأمريكية يعلق في بداية مؤتمر صحفي عن «قلق أمريكا الشديد» مما سماه «اعتقال المصريين في فلك حالة الطوارئ»، وأكثر من هذا حث «كراولي» الحكومة المصرية علي الالتزام بحقوق كل المصريين في التعبير عن آرائهم السياسية مادامت تتم بصورة سلمية، وأضاف «كراولي» مقدما النصيحة مرة أخري للحكومة المصرية وكأنه يوبخها وينذرها أن الولايات المتحدة تؤمن بأنه يجب السماح لكل الأفراد بممارسة حقوقهم المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ولم يكتف «كراولي» بذلك بل قرر أن يختتم البيان بعبارة موحية يمكن اعتبارها إعلاناً مبكراً عن توجه أمريكي جديد في الفترة المقبلة خصوصا تجاه الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي ستجري في مصر في العام الحالي والعام المقبل وعموما تجاه موضوع الإصلاح الدستوري والسياسي، قال «كراولي» «إن الشعب المصري يجب أن تكون لديه كامل القدرة علي المشاركة في العملية السياسية وأن يحدد في النهاية من الذي يترشح ويفوز في انتخابات مصر المقبلة»، كلمات قليلة من الخارجية الأمريكية لم تقتصر فقط علي أحداث بعينها هي مظاهرات الثلاثاء 6 أبريل ولكنها امتدت لكي تستفز إدارة الرئيس مبارك ووزارة الخارجية المصرية وتضعهما وجها لوجه أمام إدارة أوباما بعد فترة شهر عسل طويلة.
لقد جاء بيان الخارجية الأمريكية قصيراً جداً، وفي بداية مؤتمر صحفي عام علق فيه المتحدث باسمها «فيليب كراولي» علي أحداث عالمية عديدة مثل انتخابات السودان والمظاهرات العنيفة في قيرغيزيا وتايلاند وطموح إيران النووي، إلا أن هذا البيان القصير كان الأكثر إثارة في مؤتمر «كراولي» الصحفي ومن الواضح أنه سبب صدمة شديدة لدي الخارجية المصرية وإدارة الرئيس مبارك التي يبدو أنها فوجئت بعودة مثل هذه النوعية من البيانات المستفزة بعد أن كانت قد توقفت تقريبا مع خروج جورج بوش من البيت الأبيض ودخول باراك أوباما بدلا منه، ولذلك أسرعت الخارجية المصرية بدورها وقررت أن تكيل الصاع صاعين للخارجية الأمريكية فأصدرت بياناً سريعاً هي الأخري وكان ذلك في صباح 8 أبريل، وأعرب المتحدث باسمها حسام زكي عن رفضه لبيان «كراولي» واعتبره خوضاً في الشأن الداخلي المصري بغير علم أو دراية.. «لافتا الانتباه إلي أن ذلك البيان تجاهل - علي حد قوله - أن جميع الموقوفين في تظاهرة 6 أبريل قد تم الإفراج عنهم، لكن الأهم من ذلك أن بيان حسام زكي أكد الدهشة التي أصابت الخارجية المصرية من أن بيان «كراولي» لم يقتصر في التعليق علي حدث بعينه هو تظاهرات الثلاثاء 6 أبريل وما جري فيه ولكنه امتد دون مبرر واضح لتناول قضايا أخري داخلية مصرية - كما قال زكي - بشكل يخرج عن المألوف ولا تقبل به مصر، وأضاف زكي: «إن الانتخابات التي تجري في مصر هي شأن يخص المصريين الذين لا يقبلون علي اختلاف توجهاتهم السياسية - علي حد قوله - أن تتحدث حكومة أجنبية بالنيابة عنهم».
إذا لاحظ حسام زكي أن الخارجية الأمريكية لأول مرة منذ مجيء إدارة أوباما وبعد شهر عسل طويل بين هذه الإدارة وإدارة الرئيس مبارك في مصر قد سارعت بصورة مبالغ فيها ودون علم أو دراية في الخوض في شأن مصري داخلي حساس، والأكثر من هذا أنها لم تكتف بذلك ولكنها سمحت لنفسها بالإدلاء برأي مبكر في أحداث مهمة ستشهدها مصر في 2010 و2011 هي انتخابات مجالس الشوري والشعب والانتخابات الرئاسية.
ولم يقتصر رد الفعل علي وزارة الخارجية ولكن امتد لأركان أخري من الإدارة المصرية حيث أعلن الوزير مفيد شهاب أن مصر لا تقبل ضغوطاً علي سياستها أو شئونها الداخلية أما «الأهرام» فقد حرصت علي صفحتها الأولي إبراز انتقادات منظمات عالمية لانتهاكات الحكومة الأمريكية لحقوق الإنسان ضد منكوبي إعصار كاترينا عام 2005.
كما تنوعت ردود الأفعال السياسية في الداخل نحو هذا البيان المفاجئ فالبعض لم يأخذه مأخذ الجد، مثل الدكتور مصطفي الفقي - رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب - الذي رآه مثله مثل بيانات روتينية عديدة تصدرها وزارة الخارجية الأمريكية كل يوم عن أحداث عديدة حول العالم، كما رأته قيادات الحزب الوطني عودة لأسلوب الابتزاز القديم الذي مارسته إدارة جورج بوش علي إدارة الرئيس مبارك باسم الديمقراطية والإصلاح.. وهناك من رأي - مثل الدكتور جهاد عودة - أن إدارة أوباما التي تتعرض لفشل حاليا في عملية السلام في الشرق الأوسط رأت أن القاهرة لم تقم بدورها كما يجب ولم تضغط علي محمود عباس بالقدر الكافي فقررت تعويض ذلك بالضرب علي وتر الديمقراطية الذي يزعج إدارة مبارك ويسبب لها العصبية وينكرها بالمطلوب منها في الملف الفلسطيني.
ولكن برغم تنوع هذه الآراء فإن السؤال يبقي: ما الذي دفع إدارة أوباما ووزارة خارجيتها برئاسة هيلاري كلينتون للإسراع بالإدلاء ببيان عن أحداث مثل تظاهرات 6 أبريل وكأنها كانت تنتهز أي فرصة لإصدار هذا البيان وألا تكتفي بالتعليق علي أحداث هذا اليوم وإنما تنتهز البيان مرة أخري للإعلان مبكراً عن وجهة نظرها تجاه قضايا مستقبلية حساسة سوف تشهدها البلاد في 2010 و2011 وكأنها ترسل بإنذار لإدارة الرئيس مبارك بأنها لن تقف صامتة إزاء ما يجري.. المعروف أن إدارة أوباما وإدارة مبارك تعيشان - أو عاشتا - فترة شهر عسل طويلة وصلت إلي حد «الغزل الفاضح» في بعض الأحوال، فقد بدأ أوباما أول يوم له في الرئاسة بالاتصال بالرئيس مبارك وعدد من زعماء العالم حلفاء أمريكا في 21 يناير 2009 ثم أعلن عن رفضه دور أمريكا وأعلن عن سياسة تصالح مع العالم الإسلامي توجت بزيارة القاهرة في 4 يونيو 2009 لكي يلقي من علي منبر جامعتها واحداً من أهم خطاباته ويلتقي مع الرئيس مبارك ويمتدح حكمته.. ثم يقوم مبارك بزيارة أمريكا لأول مرة بعد غياب 4 سنوات ويلتقي مع أوباما في البيت الأبيض في 15-19 أغسطس 2009، وذكرت جميع أجهزة الإعلام أن اللقاء تميز بالدفء والحميمية الشديدة.. وبدا أن الإدارتين قد توصلتا إلي صفقة جديدة مفادها أن: إدارة مبارك علي استعداد للوقوف بجوار إدارة أوباما ونجاح سياستها في الشرق الأوسط وتحسين صورتها في العالمين العربي والإسلامي مقابل أن تقوم إدارة أوباما بإغلاق ملف الديمقراطية والإصلاح السياسي في مصر تماما وبناء عليه دخلت الإدارتان في شهر عسل ومرحلة غزل واندماج.
ولكن الآن يأتي بيان الخارجية الأمريكية الذي ألقاه فيليب كراولي في 7 أبريل عن مظاهرات 6 أبريل وكان يقول «لقد انتهت فترة شهر العسل أو أوشكت أن تنتهي بين الإدارتين: إدارة أوباما وإدارة مبارك.. فلماذا فعلت الخارجية الأمريكية ذلك وما خلفيات هذا البيان؟ وهل كان بيان «كراولي» إعلاناً من طرف واحد من جانب إدارة أوباما عن وضع نهاية لشهر العسل مع إدارة مبارك أم أن الفترة القليلة السابقة كانت تشهد أزمة مكتومة بين البلدين وجاء بيان «كراولي» ففجرها وكشفها علي العلن وسلطها تحت الأضواء.
علينا أن نعترف أن الفترة القليلة السابقة قد شهدت فعلا حالة من التوتر المكتوم بين إدارة أوباما وإدارة مبارك وكان السبب الأكبر فيها فشل مهمة السيناتور جورج ميتشل - المبعوث الأمريكي للسلام - في تحقيق أي تقدم في مهمته، ورأت عناصر كثيرة في إدارة أوباما خاصة وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون أن إدارة مبارك لم تقم بأي دور إيجابي في إنجاح مهمة ميتشل ولم تضغط علي الرئيس الفلسطيني محمود عباس بما يكفي وبما يجب وبما طلب منها لكي يقبل بالمفاوضات غير المباشرة مع الإسرائيليين.
إلا أن السبب الأكبر فيما يبدو في التوتر المكتوم بين الإدارتين في واشنطن والقاهرة يعود بالدرجة الأولي إلي بروز عدد من المتغيرات خصوصا علي الساحة المصرية، أهمها ظهور الدكتور محمد البرادعي علي مسرح العمل السياسي في مصر وتزامن ذلك مع العملية الجراحية التي أجراها الرئيس مبارك في ألمانيا، وليلاحظ الجميع أن زيارة «جوزيف بايدن» - نائب الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط - قد فشلت تماما وفوجئ الرجل بعدم وجود الرئيس مبارك، كما لم يحدث أي اتصال بين أوباما ومبارك رغم أن العديد من قادة العالم قد اتصلوا بالأخير للاطمئنان علي صحته.
علاوة علي ذلك هناك متغير الانتخابات البرلمانية والرئاسية الذي سيبرز بشدة في الآونة المقبلة في مصر.
والحقيقة التي لا يعرفها أحد أن السفارة الأمريكية في القاهرة تحت قيادة السفيرة الحالية مارجريت سكوبي تقوم بمتابعة جميع هذه المتغيرات أولا بأول، تقدم بخصوصها تقاريرمتابعة أولا بأول إلي وزارة الخارجية الأمريكية في واشنطن، والسفيرة الحالية رغم مظهرها الخارجي الناعم وهدوئها الملحوظ بالمقارنة بسفراء سابقين لأمريكا مثل ديفيد ويلش فإنها من أنشط السفراء - الحريصين علي متابعة الشأن الداخلي المصري وأخبار واشنطن بكل كثافة - ورغم تصريحات «سكوبي» المتكررة والتي تؤكد فيها أن أمريكا لا تتدخل في اختيار الرئيس المصري المقبل!!.. وأن أمريكا ليس لها مرشح معين. إلا أن جميع أفعال «سكوبي» تؤكد عكس ذلك، وقد سبق وكنت في لقاء مائدة مستديرة أنا وعدد من الصحفيين مع السفيرة «سكوبي» في منزلها داخل السفارة في شهر أكتوبر الماضي، وسألتها عن تقارير الخارجية الأمريكية وبياناتها التي تزعج المسئولين المصريين، فكان رد «سكوبي» أنها حريصة في كل ما ترسله لواشنطن حول ما يجري في مصر أن يكون موثقاً ومستنداً لمصادر عديدة مصرية حكومية ومعارضة ومستقلة، وأضافت «لو اكتشفتم أي شيء خطأ فيما تصدره الخارجية الأمريكية عن مصر رجاء الاتصال ولو اكتشفنا أنه خطأ فسوف نقوم بتصحيحه في الحال»، ولذلك فإن ما أرسلته «سكوبي» للخارجية الأمريكية مؤخرا عن الأوضاع الأخيرة في مصر وعلي رأسها العملية الجراحية للرئيس مبارك، ودخول البرادعي للمسرح السياسي بكل قوته، ومظاهرات 6 أبريل للمطالبة بإصلاحات دستورية، وإلغاء حالة الطوارئ قد لعب الدور الأكبر في صدور بيان «فيليب كراولي» يوم 7 أبريل والذي سبب الغيظ والصدمة للمسئولين المصريين.
والحقيقة أن «سكوبي» قد أكدت أيضا أكثر من مرة أن الولايات المتحدة تتابع حالة الجدل المحتدمة في المجتمع المصري حول قضية خليفة الرئيس حسني مبارك وهذا - علي حد قولها - شيء طبيعي ومعروف لأن الناس في مصر تشعر بالقلق ويريدون معرفة من هو القادم، وتعتمد «سكوبي» في جميع مصادر أخبارها وتقاريرها المرسلة للخارجية الأمريكية عن مصر علي لقاءتها المباشرة بالسياسيين المصريين والصحفيين وتنظم علي شبكة «الإنترنت» من خلال موقع السفارة الأمريكية أوداخل منزلها بالسفارة في قلب جاردن سيتي مؤتمرات صحفية حول العلاقة بين مصر وأمريكا والأوضاع الداخلية في مصر وتتعرف من خلال الأمثلة المقدمة لها علي أهم ما يدور في أذهان المصريين، ولعل الكثيرين لا يعلمون أن السفارة الأمريكية تقوم حاليا بمتابعة الاستعدادات الجارية لانتخابات مجلس الشوري وكيف ستدار هذه الانتخابات؟ وهل ستكون تحت مراقبة كافية تضمن نزاهتها؟ بل إن متابعة السفارة الأمريكية تمتد إلي حد التعرف علي أسماء مرشحي الحزب الوطني الذين سيخوضون هذه الانتخابات، ومن سيخرج من أعضاء مجلس الشوري في التجديد النصفي؟ ولعل هذا ما دفع «فيليب كراولي» إلي أن يتضمن بيان الخارجية الأمريكية في الأربعاء 7 أبريل إشارة للانتخابات التي ستجري في مصر هذا العام والعام المقبل وسواء كانت هذه الانتخابات برلمانية أو رئاسية وأن يؤكد موقف واشنطن من أنه يجب أن يتمتع الناخب المصري بالحرية الكاملة في اختيار مرشحيه، وكأنه يرسل بإنذار مبكر للإدارة المصرية بأن الأمريكان يتابعون من خلال سفارتهم ما يجري وما سيجري من تطورات سياسية وعلي رأسها الانتخابات وأنهم لن يترددوا بالتنديد بأي عمليات تزوير ستجري.
علي أن أهم متغير أصاب العلاقات المصرية - الأمريكية مؤخرا ووضعها في حالة توتر مكتوم هو - كما قلنا - الظهور القوي للدكتور محمد البرادعي علي المسرح السياسي المصري ومناصبته العداء الصريح لنظام الرئيس مبارك ورفضه بأي صورة من الصورة الانضمام تحت لواء هذا النظام أو إلي الأحزاب الدائرة في فلكه مع لجوئه إلي أساليب الضغط الشعبي لإجبار النظام علي تعديل الدستور وعلي التغيير الشامل، ولاشك أن الأمريكان - سواء إدارة أوباما أو السفارة الأمريكية في القاهرة أو الصحافة الأمريكية ومراكز البحوث في واشنطن قد تابعت مقدار ما سببه «البرادعي» من صداع لإدارة الرئيس مبارك في فترة وجيزة في أقل من شهرين أو منذ عودته النهائية لمصر في 19 فبراير الماضي، ولاشك أن التعليمات قد صدرت للسفيرة «سكوبي» التي توصف في واشنطن بأنها نجحت في إعادة الدفء للعلاقات المصرية - الأمريكية بضرورة متابعة الموقف السياسي في مصر بأكثر من ذي قبل ومتابعة تحركات «البرادعي» بالذات، وقد حاولت السفيرة «سكوبي» فعلا انتهاز فرصة «قداس عيد القيامة» في كاتدرائية الأقباط بالعباسية مساء 3 أبريل الماضي والجلوس بجوار البرداعي ومحاولة الحديث وفتح قنوات حوار معه، وقد انتهزت «الأهرام» الفرصة ووضعت صورتهما معا علي صدر صفحتها وكأنها تريد إرسال رسالة تقول «ها هو رجل أمريكا في مصر!!».
ومما لاشك فيه أن الأمريكان قد تابعوا من خلال سفارتهم أيضا أن عودة البرادعي القوية قد تزامنت مع مرض الرئيس مبارك وخضوعه لعملية جراحية فرضت عليه حالة من الغياب المطول مما أتاح الفرصة للبرادعي للتحرك بكامل قواه، وملأ المسرح السياسي بالكامل، ولعل هناك اعتقاداً لدي الأمريكان الآن بأن الرئيس مبارك ربما قد لا يكون قادراً علي خوض انتخابات الرئاسة في 2011 لفترة سابعة تمتد إلي 6 سنوات جديدة حتي 2017 والتي سيكون عمره عندها هو 89 عاماً، وأنه مع دخول البرادعي في الصورة - وعمره لا يتجاوز 68 عاماً - ووجود مجموعات تتزايد من المؤيدين حوله قد لا يكون من الأنسب لواشنطن الاستمرار في رهانها علي إدارة الرئيس مبارك وأنها يجب أن تمد الخيوط مع جميع القوي التي يمكن أن ترث النظام المباركي حتي لا تفاجأ بالمقبل وأنه يجب عليها من الآن أن تتخذ وتعلن من المواقف ما يحسبها علي تيار المطالبين بالديمقراطية والإصلاحات الدستورية الليبرالية وفي هذا الإطار نفهم أيضا الصيغة المؤثرة التي صدر بها بيان «فيليب كراولي» يوم الأربعاء 7 أبريل.
ولذلك نعود مرة أخري لبيان - فيليب كراولي - فقد نري في البداية ومن الوهلة الأولي أن البيان دون مبرر واضح - كما قال السفير حسام زكي - المتحدث باسم الخارجية المصرية - قد تطرق لشأن داخلي مصري هو الانتخابات المقبلة دون أن يقتصر علي أحداث 6 أبريل.
ولكن بعد قراءة أخري نجد أنه كان هناك مبرر متعمد بحمل رسالة تقول : «إنه يجب السماح لشخصيات عديدة بدخول الانتخابات خاصة الانتخابات الرئاسية وأن أمريكا تؤيد مطالب تظاهرات 6 أبريل في ضرورة تعديل مواد الدستور الأساسية الرئيسية الخاصة بالترشح وخصوصا السماح للمستقلين بخوض هذه الانتخابات».
علي أنه مما لاشك فيه أيضا أن بيان «فيليب كراولي» حول 6 أبريل والذي ربما وضع نهاية لشهر العسل بين إدارة مبارك وإدارة أوباما لم يعتمد في صدوره علي تقارير السفارة الأمريكية، والسفيرة الناعمة والنشطة «مارجريت سكوبي» والتي تنتمي لمدينة «ممفيس» عاصمة ولاية تينيسي في الجنوب الأمريكي والمتأثرة بالحضارة المصرية الفرعونية، ولكنه تأثر أيضا بما يجري في واشنطن نفسها من آراء ومواقف متداولة حول إدارة ونظام الرئيس مبارك والظهور السياسي للبرادعي، فمنذ دخول «البرادعي» بكل قوة للحلبة السياسية المصرية مع غياب للرئيس مبارك ونجله جمال تابعت الصحافة ومراكز البحوث الأمريكية ما يجري وأخذت تثير بقوة مسألة التحول الديمقراطي في مصر وأهمية ألا تتراجع إدارة أوباما في هذا الملف وهو أمر يذكرنا بالدور الذي لعبته هذه المراكز والصحف -وخصوصا الواشنطن بوست ونيويورك تايمز - علي إدارة جورج بوش في فترة رئاسته الثانية في 2004، والتي أثمرت عن ضغوط أدت بدورها إلي تعديل المادة 76 من الدستور، واليوم تعود هذه الصحف لممارسة الدور القديم نفسه ويمكننا أن نلحظ عنوان «المقال الافتتاحي» للواشنطن بوست يوم الجمعة 9 أبريل الماضي والذي كان يقول : «هل يتمكن أوباما من الالتفات للحظة التحول الجارية في مصر الآن ويشارك في عملية التغيير؟»، تحدثت «البوست» عن مظاهرات 6 أبريل وكيف أن من نظموها من الشباب من الجنسين من أنصار الدكتور «البرادعي» ومطالب هذه الحركة التي تدور حول نزاهة الانتخابات المقبلة ورد فعل السلطات العنيف - علي حد قولها - تجاه هذه المظاهرات، واعتبرت الصحيفة أنه لم يعد ممكنا استمرار الحالة الراهنة في مصر علي ما هي عليه لافتة النظر إلي العملية الجراحية التي أجراها الرئيس مبارك وإلي ما اعتبرته فشلاً لمشروع توريث السلطة لجمال مبارك وخصوصا بعد ظهور البرادعي.
علي أن بيان «فيليب كراولي» لم يتأثر فقط بهذه الصحف ولكن الضغوط في واشنطن علي إدارة أوباما وصلت إلي حد قيام مجموعة تسمي نفسها «مجموعة عمل حول مصر» تضم - حسب تقرير الواشنطن بوست ويونايتد برس انترناشيونال - أعضاء ودارسين من الحزب الديمقراطي والجمهوري علي السواء مثل روبرت كاجان وتوماس كاروثير وميشيل ديون، التي تجيد العربية وكانت موظفة بالقسم السياسي بالسفارة الأمريكية بالقاهرة وعملت مساعدة لبعض الوقت لكوندوليزا رايس - وزيرة الخارجية السابقة - وديفيد ماك الذي سبق له ودرس العربية في القاهرة عام 1964، وأغلب هؤلاء أعضاء في معهد منحة كارنيجي للسلام الدولي ومعاهد أخري، وقد تقدموا بخطاب لوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بخطاب يوم 7 أبريل - وهو اليوم نفسه الذي صدر فيه بيان «فيليب كراولي» عن مصر، وقد جاء في الخطاب «أنه إذا أرادت الولايات المتحدة دعم مصالحها عبر الشرق الأوسط فإنها يجب أن تلتزم بالقيم الديمقراطية وأن تحث حلفاءها علي إجراء انتخابات حرة ونزيهة»، وقد لاحظ الجميع أن بيان «كراولي» قد استجاب بالكامل لهذا المطلب.
ولاشك أن الحديث الذي أدلي به الدكتور البرادعي لصحيفة «الجارديان» قد ترك أيضا صداه لدي مراكز البحوث والصحافة الأمريكية والذي اتهم فيه الغرب بأنه يدعم الأنظمة القمعية في الشرق الأوسط وأن استمرار هذا الدعم سينتج جيلاً جديداً من المتطرفين.
عموما تبدو العلاقة بين إدارة أوباما وإدارة مبارك الآن علي المحك بعد أن انتهي شهر العسل وبدأت المتغيرات والاستحقاقات تفرض نفسها علي الطرفين، صحيح أن أحمد أبو الغيط - وزير الخارجية المصري - سوف يحضر القمة النووية في واشنطن غد ولكنه سيحضرها بدلا من الرئيس مبارك الذي كان سيمثل حضوره أهمية كبري، وقد ينتهز «أبو الغيط» الفرصة ويبحث مع «هيلاري كلينتون» العلاقات الثنائية، وقد يظهران في الصورة وهما في غاية المرح والاندماج ولكن سيبقي - كما يقول المثل المصري المعروف - «إللي في القلب في القلب»، واشنطن وإدارة أوباما والبيت الأبيض ما لم يتأكدوا أن إدارة الرئيس مبارك تساهم بدور معقول في دعم أجندتها في الشرق الأوسط فلن يكون هناك أي شهر عسل من جديد وسوف يتبع الجميع كيف سيكون رد إدارة الرئيس مبارك وخصوصا في مرحلة مقبلة سوف تتم دون شك بحالة غير مسبوقة من الإثارة والتحديات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.