فى واقعة جديدة للاعتداءات الصارخة على الحرية الأكاديمية قامت ادارة جامعة السويس باحالة عضوة هيئة تدريس للتحقيق بتهمة ازدراء الاديان ، و ذلك عندما قام مجموعة من طلاب الكلية بتقديم شكوى لادارة الجامعة يتهمون فيها عضوة هيئة التدريس باهانة بعض شيوخ الدعوة السلفية فى نقاش بينها و بين الطلاب داخل المحاضرة. يذكر أن الموضوع بدء عندما قامت دكتورة منى برنس مدرس الأدب الانجليزى بكلية التربية بجامعة السويس ، بالقاء محاضرة بتاريخ 9 ابريل الماضى لمادة المحادثة و هى – مادة ليس لها منهج معين – ، و انما تعتمد على مناقشة موضوع مطروح على الساحة بالاتفاق مع الطلاب ، و تم تناول النقاش حول موضوع الفتنة الطائفية فى مصر بعد أحداث الخصوص و الكاتدرائية .
و قالت برنس فى شهادتها أنه تم تناول قضية الفتنة الطائفية في مصر من مختلف وجهات النظر بينها وبين الطلاب، موضحه أنها كانت تتدخل في المحاضرة لتوجيه الحديث والمشاركة بالرأي مع الطلاب ، وأن الحديث تفرع إلى تعمق تجذر الفتنة الطائفية في وعي المصريين، وأنها عملت على اتاحة الفرصة لجميع الطلاب باختلاف توجهاتهم للتعبير عن وجهة نظرهم، و الخروج من الماحضرة بسلام و دون اى مشاكل، مضيفه الى انها فوجئت بالدعوة لوقفة احتجاجية ضدها من قبل بعض الطلاب، لاتهامها بانها تزدري الدين الإسلامي وانها بهائية الديانة، لافتة الى ان عميد كلية التربية أجرى معها اتصالا هاتفيا و طلب منها عدم الحضور للكلية في اليوم المحدد للوقفة في 16 إبريل الماضى ، و ذلك بزعم أنه لن يتمكن من حمايتها من ردود فعل الطلاب، و قيام رئيس الجامعة بالاتصال بها فى برنامج تليفزيونى مساء يوم الوقفة ،كانت ضيفة فيه و ابلاغها باحالتها للتحقيق بتهمة ازدراء الأديان وكان ذلك علي الهواء مباشرة. كما عملت "برنس" على اتخاذ اجراءاتها القانونية و منها تحرير محضر لاثبات حالة ضد عميد الكلية ، لاثبات انة من طلب منها عدم الحضور لمقر الجامعة ، و محضر آخر ضد عدد من الطلاب و الذين قاموا بتهديدها بالقتل ، كما تولى أحد من اساتذة كلية الحقوق بجامعة القاهرة التحقيق معها في الشكاوى المقدمة ضدها. حيث تم اتهامها فى ثلاث شكاوى اولها التطاول علي الدين الإسلامي في إحدى محاضراتها يوم 9 إبريل وقولها مجموعة من العبارات تعتبر ازدراء للدين الإسلامي ، و ثانيها سب وقذف القائم بأعمال رئيس قسم اللغة الانجليزية عن طريق كتابة عبارات علي موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" تنتقد فيها موقف العميد وموقف الكلية، و ثالثها عدم انتظامها في العمل وتعدد أيام غيابها، فيما قامت منى برنس بنفى كل ما جاء بالشكاوى الثلاثة ، مؤكدة على ان ما تناولته فى محاضرتها هو مجرد مناقشة مع الطلاب حول قضية الفتنة الطائفية.
واقعة احالة عضوة هية التدريس للتحقيق ادانته عدد من المنظمات الحقوقية و المختصة بحرية الرأى و التعبير ، و منها مؤسستا حرية الفكر و التعبير ، و المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ،
اعربت المؤسستتان عن مخاوفهما لتكرار اتهام الطلبة لأعضاء هيئة التدريس بالإساءة للأديان، والخلط بين مفهوم النص الديني وبين الفكر الديني فلا لا يجوز إرهاب أعضاء هيئة التدريس بسبب اختلاف آرائهم عما هو موجود و متداول داخل المجتمع الأكاديمي، وأن ما يعتبره البعض غير مألوف من الآراء ينبغي أن تكفل له ذات الحماية المكفولة للآراء السائدة أو التي تحظى بقبول واسع. كما أن حدود حرية التعبير المتاحة للمجتمع الأكاديمي يجب أن تكون دائما أوسع مما هو متاح في المجتمع العام، بما يضمن تلقي الطلاب لأكبر قدر ممكن من الآراء المتنوعة والمختلفة التي توسع أفقهم وتبنيهم معرفيا ووجدانيا، وتتيح المجال للبحث والإبداع وإنتاج المعرفة، فلا غنى عن حماية وتعزيز الحريات الأكاديمية، وحماية أعضاء هيئة التدريس من أي محاولات للتدخل أو الإرهاب الفكري هو مسئولية المؤسسة الأكاديمية في المقام الأول، المنوط بها خلق المجال الآمن لأساتذتها وطلابها وباحثيها الذي يسمح لهم بإنتاج معرفى حر دون تهديد أو إرهاب.
خصوصا أن ما حدث ينتهك جملة من الحقوق والحريات ويعصف بحرية الفكر والرأي والتعبير والبحث العلمي ، محذرين من خطورة استجابة الإدارة الجامعية لاعتراضات الطلبة مما قد يفتح الباب لتكرار تنظيم الأشكال الاحتجاجية اعتراضا على المحتوى التعليمي أو الأفكار المطروحة من قبل أعضاء هيئة التدريس. مشيرين إلى أن واقعة الدكتورة مني برنس ليست الأولي بعد الثورة، فقد سبقها عدة وقائع من بينهما إحالة الدكتور يونس خضري محمود، الأستاذ المساعد بقسم الدراسات الإسلامية، بجامعة المنيا للتحقيق في نوفمبر 2012 واستبعاده من التدريس بسبب اعتراضات عدد من طلاب قسمي اللغة العربية والدراسات الإسلامية على المحتوى التعليمي الذى يقوم الأستاذ الجامعي بتدريسه للطلبة ضمن مادة التاريخ الإسلامي. وكذلك إحالة الدكتور هشام عنتر عضو هيئة التدريس بكلية الهندسة جامعة عين شمس (مارس 2013) والمعار لإحدى جامعات كندا للتحقيق بعد تنظيم عشرات الطلاب وأعضاء هيئة تدريس بكلية الهندسة بجامعة عين شمس وقفة احتجاجية داخل الكلية، للتنديد بما اعتبروه إساءة للنبي محمد عبر مواقع التواصل الاجتماعي .
فيما طالبت المنظمتان إدارة الجامعة بحفظ كافة الشكاوى المتصلة ضد دكتورة منى برنس وحقها في التعبير والتدريس، كما طالبتا بإطلاق مبادرة جادة يشارك فيها الطلاب وأعضاء هيئة التدريس حول التوعية بمفهوم الحريات الأكاديمية، ومعايير حرية التعبير وضرورة احترام الآراء المخالفة ومناقشتها، وليس حجبها وإقصاء أصحابها.