الفيلم مجرد مادة قديمة تم عرضها من قبل منها اللقطة الشهيرة التي يتحدث فيها الرئيس عن دور القوات الجوية شيرين وهي تغني"ريسنا" علي كل من انتقد أغنية «شيرين» الأخيرة أو غناء بعض المطربين للرئيس بعد عودته من رحلة العلاج بألمانيا مشاهدة الفيلم التسجيلي «كريم العنصرين» ليتأكد أن قضاءً أخف من قضاء، ونفاقًا بصوت «شيرين» لدقائق قليلة أهون كثيراً من نفاق فيلم تسجيلي مدته ساعة بصوت «أشرف عبد الغفور»، وهذا الفيلم التسجيلي الذي عرضته عدد من القنوات الخاصة - الخميس الماضي - في توقيت واحد بعنوان «كريم العنصرين» لا محل له من الإعراب الإعلامي، الفيلم كتبه بشير حسن وإخراج أحمد سعيد وإنتاج مشترك بين عدة قنوات وهي «المحور والحياة ودريم وأو تي في والفراعين».. الفيلم حسب بعض التقارير الصحفية يبث احتفالاً بشفاء الرئيس مبارك بعد الجراحة الناجحة التي أجراها بألمانيا، وحسب تفسيرات بعض برامج التوك شو الذي تلت الفيلم أنه مجرد تعبير عن حب الشعب للرئيس، وهذا الشعب هم الأشخاص الذين ظهروا بالفيلم ووجدوا أنفسهم أمام ميكروفون مشرع في وجوههم عليه صورة رئيس الجمهورية ومطلوب منهم الحديث عنه أو توجيه كلمة له بمناسبة شفائه، وكان أمراً مثيراً للشفقة محاولة برامج التوك شو استباق ربما استبقا التعليقات التي قد ترد علي الفيلم بعد عرضه، وربما يكونا قد علما خبر الصفحة الذي أنشأها مجموعة من الشباب ضمن جروب «البرادعي رئيساً» الأسبوع الماضي بعنوان «دعوة لمقاطعة القنوات الخاصة التي قررت إذاعة فيلم تسجيلي للرئيس يوم الخميس القادم»، وهو الجروب الذي أطلق دعوة لعدم مشاهدة القنوات التي ستعرض الفيلم في المدة من الساعة الثامنة وحتي الساعة التاسعة مساء الخميس الماضي وقت عرض الفيلم، ومشاهدة قنوات الأغاني والكرتون بدلاً منه! وأجمعت معظم التعليقات في الجروب علي رفض مظاهر النفاق التي تقوم بها تلك القنوات الخاصة سواء كانت بمبادرة شخصية منها أم كانت مجبرة علي ذلك، واتهم المشاركون إدارات تلك القنوات بعدم احترام المشاهد، وقالت إحدي المشاركات إنها ستقاطع تلك القنوات والفيلم لأنه لن يحتوي علي إنجازات مثل علاج الوزراء علي نفقة الدولة بينما فقراء المصريين لا يجدون ثمن العلاج، ولن يتناول الفيلم إنجازات الفاكهة والخضار المرشوشة بالمبيدات المسرطنة أو الذي يروي بمياه المجاري، أو طوابير العيش أو رجال الأعمال المحتكرين وهم أنفسهم أعضاء الحزب الحاكم ومجلس الشعب، أو أزمات التعليم والثقافة والعنوسة والعشوائيات والغاز وحوادث القطارات والعبارات. والمدهش أن الرئيس مبارك رفض أن تقوم الصحف بنشر إعلانات تهنئة علي صفحاتها ولكن يأبي الإعلام حتي الخاص وهو يدرك أن رقبته وشاشته في يد الدولة الخشنة أن تضيع عليه فرصة للنفاق في مناسبة تكفي فيها برقية مجاملة للرئيس مصحوبة ببوكيه ورد. الفيلم التسجيلي الذي عرض - إذا جازت هذه التسمية - هو مجرد مادة قديمة سبق عرضها تصور بعض لقطات من حياة الرئيس مبارك منها اللقطة الشهيرة التي يتحدث فيها عن دور القوات الجوية التي كان قائدها في حرب أكتوبر مروراً بدوره كنائب لرئيس الجمهورية في عهد الرئيس السادات، وكذلك بعض مقتطفات من خطبه حول الإرهاب في الفترة التي تلت اغتيال الرئيس السادات وانتشرت بمصر الحوادث الإرهابية، كما تعرض الفيلم إلي حادثة المحاولة الفاشلة لاغتيال الرئيس مبارك في أديس أبابا عام 1995 ووصفه لما حدث هناك مع مشهد إعادة تمثيل للحادثة (من غير المفهوم وجود هذه الحادثة ضمن فيلم تسجيلي يتناول انجازات الرئيس)، كما أظهر الفيلم لقطات للرئيس وهو يزور بعض الفلاحين البسطاء ويجلس معهم، وركز الفيلم علي بعض الجوانب الشخصية للرئيس منها لقطات مسجلة له وللسيدة «سوزان مبارك» حول رحلتهما معاً في الحياة منذ بداية تعارفهما وزواجهما ومواجهتهما الحياة العائلية في بداية الزواج، وكيف كانا يتعاملان مع مصروف البيت، وهي اللقطات التي يعود بعضها إلي الأفلام الدعائية التي صاحبت انتخابات الرئاسة الماضية، ضم الفيلم بعض اللقاءات الخارجية في الشارع مع بعض العرب المقيمين في مصر وبعض الأطفال، وكان ملاحظ أن الميكروفون الذي حمله المراسلون حمل صورة الرئيس مبارك بدلاً من شعار القناة، كما تمت الاستعانة ببعض الحوارات لشخصيات عامة مثل «صلاح دياب» و«أحمد بهجت» و«يوسف القعيد» و«جمال الغيطاني» و«رفعت السيد» الذين تحدثوا عن إنجازات الرئيس ودوره في التنمية في مصر، كما انتهي الفيلم بالرحلة العلاجية الأخيرة للرئيس والعملية الجراحية التي أجراها في ألمانيا، وصاحبت تلك اللقطات أغنية «شيرين» الأخيرة «ريسنا»، وهي الأغنية التي قيل إنها تمت بتكليف من «أنس الفقي» وزير الإعلام، والفيلم بأكمله يسعي إلي تلك اللقطات الأخيرة فهي سبب عرضه، وهو كفيلم تسجيلي أو وثيقة تسجيلية لا يحمل رؤية وثائقية تجعله جديرًا بالمشاهدة، ويحمل خلطًا شديدًا بين إنجازات وطنية للرئيس أهمها دوره في حرب أكتوبر وبين محنته الإنسانية كمريض يجري عملية جراحية، هذا الخلط المسئول عنه صاحب تلك الفكرة أو المبادرة التي قيل إن وراءها إدارة قناة المحور، فما معني أن توقف مجموعة قنوات إرسالها لمدة ساعة لتبث شريطًا يحمل مادة مكررة ولا جديد فيها؟ وما معني تخصيص مادة تسجيلية أو وثائقية خاصة برئيس الجمهورية بعيداً عن سياقها الطبيعي وهي المناسبات الوطنية والقومية؟.. من المؤكد أن القنوات التي شاركت في عرض هذا الفيلم فقدت جزءًا مهمًا من مصداقيتها وحيادها المزعوم.