خرجت الجماهير فى 25 يناير 2011 ضد قوى الاستبداد والظلم، رافعين شعار: «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية». .. وعلى مدى عامين لم يتحقق لا العيش.. ولا الحرية.. ولا العدالة الاجتماعية. .. بل على العكس، هناك استمرار للاستبداد والطغيان والمتاجرة بالدين.
.. وتخرج الجماهير مرة أخرى فى 25 يناير 2013 من أجل الثورة وتحقيق أهدافها. .. لقد منح الشعب بعد ثورته الفرصة لقوى تدير البلاد.. ووضع ثقته فى جنرالات المجلس العسكرى لتحقيق أهداف الثورة، ومنحهم وديعته، لكنهم أهدروا هذه الوديعة، ليسلموا السلطة إلى قوى دينية تستحل الكذب من أجل تحقيق أغراضها والسيطرة والتمكين.
.. وهكذا جاء محمد مرسى إلى الرئاسة، ليس ممثلا للثورة كما يدعى.. وإنما يمثل جماعته ومكتب إرشاد الإخوان وخيرت الشاطر، كمندوب لهم فى قصر الرئاسة. ولم يحقق أى شىء من أهداف ومطالب الثورة، بل أنه ليس فى ذهنه أو خياله أى شىء يمكن به خروج البلاد من أزمتها التى هى حصيلة سوء الإدارة الانتقالية، والتى تواصلت مع وصول الإخوان إلى السلطة وتسلمهم تلك الإدارة السيئة والفاشلة من جنرالات المجلس العسكرى، الذين لم يحافظوا على وديعة الشعب لديهم.
.. لقد أبهرت ثورة 25 يناير العالم كله.. وكانت محط أنظاره، لإصرار الثوار على إسقاط الاستبداد والدفاع عن حريتهم ومستقبلهم.. وبناء مجتمع مدنى حديث لا ينكر الشفافية.. وبمنهج ديمقراطى وتوافق شعبى على دستور البلاد الذى ناضلت القوى الوطنية سنوات طوال من أجله.. وبناء دولة القانون وإقرار العدالة الاجتماعية.. وانطلاق حقيقى نحو نهضة حقيقية «وليس على طريق طائر نهضة الشاطر وإخوانه».
وطوال ال18 يوما كان الثوار على إصرارهم فى تحقيق أهداف الثورة، التى توافق عليها الشعب.. فأخرجوا أفضل ما فيهم، وتفانى الجميع من أجل الثورة.. وسقط آلاف الشهداء والمصابين فى ميادين تحرير مصر، فداء للوطن وبناء دولة حديثة تتباهى بها الأمة المصرية -باستحقاق- أمام العالم. فالأمة المصرية جديرة بأن تكون فى مقدمة الأمم بشعبها وتاريخها وتراثها وجغرافيتها وإمكاناتها، التى يتم هدمها فى ظل سلطة مستبدة ظالمة. .. وانبهر العالم بهذا السلوك المصرى فى ثورته، وأعلن عن مساعدته لتلك الثورة.. ورفع المصرى رأسه فى كل دول العالم، وسط احترام وتبجيل كل الشعوب، التى كانت تنظر باستخفاف واستهتار، بل باحتقار أحيانا.. إلى المصرى فى بلادها، بعد إهدار كرامته على يد سلطة مستبدة.. فكيف لرجل يوافق على إهدار كرامته فى بلاده ويريد استردادها فى بلاد أخرى؟! لكن للأسف من تسلم السلطة سعى إلى تقسيم البلاد وإجهاض الثورة والقضاء عليها.. وبدأ فى تنفيذ مخططه من أجل بناء الدولة الفاشية، فاستعان بموالاته.. وأهل السمع والطاعة الذين يثبتون يوميا فشلهم العظيم فى إدارة البلاد. .. فلم يتحقق شىء من أهداف الثورة.
وحتى الدستور الذى ناضلت من أجله القوى الوطنية سنوات طوال، تم تفصيله على القوى الجديدة وتم فرضه بالإكراه على الناس من خلال استفتاء مزور «وكأنه كتب على المصريين أن يعيشوا حياتهم بالتزوير».
.. وتم فرض حكومة فاشلة، ليست لها علاقة لا بالحكم أو بشؤون البلاد.. وإنما أفرادها أقرب إلى مجموعة من الموظفين المطيعين، الذين لا يستطيعون تلبية أى من احتياجات الناس.. وأدخلت الشعب فى نفق مظلم من الأزمات.. وأصبحت البلاد على أيديهم وبرعاية رئيسهم على شفا الانهيار. .. وبدأ مرسى وجماعته فى بناء المجتمع الفاشى، مستحلين الكذب ومستخدمين أتباعهم ومواليهم.
وقسم مرسى الشعب الذى كان موحدا فى ثورته.. وأصبح لديه أهله وعشيرته.. وهم فقط من الإخوان وحلفائهم، الذين يسعون إلى المنح والمكافآت. وأخذهم الغرور وتخيلوا أن الدنيا أصبحت فى أيديهم بالكذب والاستحلال، بعد أن ضمنوا سكوك الآخرة، كما يخيلون لأتباعهم. .. وللأسف الشديد يصرون على المضى فى فشلهم فى إدارة البلاد، ويدخلون البلاد بسياساتهم فى نفق مظلم.
ورغم كل الأزمات التى تمر بها البلاد بسبب إدارتهم الفاشلة، لا يريدون محاسبة أنفسهم ويعترفون بأنهم فشلة.. وأن إدارة البلاد التى سلبوها أكبر منهم.. وأن مصر فى حاجة إلى كفاءات مخلصة تعمل لصالح الوطن والشعب والمستقبل.. لا لصالح جماعة تسير على نهج السمع والطاعة للمرشد ونائبه.
.. من أجل ذلك يخرج الشعب مرة ثانية ضد استبداد النظام.. وضد الفشل.. فالثورة مستمرة.