ما إن أعلن الدكتور البرادعي رغبته للترشح لرئاسة الجمهورية وهو في فيينا حتي ثارت عاصفة من الجدل في مصر وتحرك الماء الراكد في الحياة السياسية المصرية وكثر الحديث الإعلامي عن التغيير واضطرت الأحزاب المصرية الغارقة في الصمت إلي التكلم سواء بالقبول أو بالرفض. ومن اللافت أن الحديث عن التغيير للبرادعي ليس فيه جديد وقد سبقه لذلك الكثيرون من المهتمين بالشأن العام سواء من الإسلاميين أو قوي المعارضة الوطنية وأيضاً الترشح للرئاسة سبقه في ذلك أيمن نور بجهد عملي في انتخابات الرئاسة السابقة، ورغم سجنه لكنه خرج مصراً علي الترشح للرئاسة رغم كل المعوقات والإشاعات وأعلن أيضاً حمدين صباحي ابن بلطيم الناصري رغبته في الترشح للرئاسة. لكن اللافت أن الرغبة في الترشح لرئاسة الجمهورية لم تعلن مطلقاً من جانب أي شخصية من الإسلاميين رغم أنه حق دستوري وذلك يضع علامات استفهام كثيرة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ فما الذي يمنع الإسلاميين وعلي رأسهم جماعة الإخوان المسلمين من إعلان الأستاذ الدكتور محمد بديع مرشد جماعة الإخوان مرشحاً للرئاسة؟ هل دوامة ومسلسل القهر الذي يعيشون فيه ليل نهار وتنقلهم بين السجون والمعتقلات والنيابات والمحاكمات؟ أم أن مجرد الفكرة والنية محظورة علي الإسلاميين بصفتهم طائفة مقهورة وقد سبق أن ذاق عصام العريان تجربة فكرة قناة الجزيرة بترشحه للرئاسة فسجن عامًا؟ أم هل معرفتهم وإدراكهم لصعوبة التغيير في نظام حكم مصر الذي لم يأت بحاكم منتخب منذ اختيار قوي الشعب لمحمد علي فشكرهم فطردهم ونفاهم جزاء صنيعهم الديمقراطي وأعلن إلغاء انتخاب الحاكم عملياً؟ أم أن مقولة مصطفي الفقي صحيحة أن من يحكم مصر لابد أن يمر ترشحه عبر موافقة اليهود والأمريكان وذلك مستحيل للإسلاميين؟ الحقيقة أن التساؤلات كثيرة ويزيدها تعقيداً أن الكل يعلم أن الإسلاميين عامة والإخوان خاصة هم القوي الفاعلة النشيطة في الشارع المصري وهم الأكثر التصاقاً بالجماهير وخطابهم الأقرب للجماهير. الذي دعاني لذلك هي الإحصائيات والواقع فالإخوان حصلوا علي 88 مقعدًا في مجلس الشعب وكانوا أقرب لمائة وخمسين، ولم يحصل غيرهم من التيارات علي أي نسبة مقاربة لعُشر نسبتهم وهم موجودون في النقابات والعمل العام. والأستاذ محمد بديع ابن نيل مصر كفاءة علمية ووطني مخلص وعاش حياته في نضال وعاش برضه علي الفول والطعمية فلن ينسي الغلابة الأغلبية الكادحة. وغير الإخوان هو التواجد القوي للشيوخ والدعاة في الشارع المصري حتي وإن كانوا معزولين عن الخطاب السياسي فلهم أتباعهم من الشرفاء الذين يصلحون بكفاءتهم للقيادة وأيضاً لدمج الإسلاميين في العمل العام السلمي بعيداً عن جنون العنف ومنهج التغيير بالقوة الذي يعبر عن يأس. ويبقي القصد أن مصر بها الكثير من الشرفاء والكفاءات من الإسلاميين والوطنيين الذين يصلحون للقيادة وأن بقاء الماء راكداً ينتج عنه بعد فترة رائحة عفونة والتغيير مهم للتجديد وللإصلاح وللقضاء علي الفساد والعفونة. وأخيراً، أرجو أن يسامحني الأستاذ الفاضل الدكتور محمد بديع الذي لم ألتق به مطلقاً لو تعرض لأي مشكلة لمجرد هذه الفكرة التي بلاشك يستحقها وغيره من الشرفاء. الحقيقة أنا أتكلم عن مجرد فكرة ومجرد رأي «لا راح ولا جه» حتي لا يقتنع أحد المخبرين بمقالي ويكتب تقريرًا يحرمني فيه من ضوء الشمس لمجرد كلمتين وفكرة.. فهمت يا مخبر.