استقبل أهالي قرية البرادعة حكم محكمة جنح القناطر الخيرية -برئاسة المستشار أحمد الخطيب- أمس ببراءة جميع المتهمين في قضية إصابة نحو 450 من أبناء القرية بالتيفود بالذهول والصدمة، وصرّح محاموهم بأن الحُكم قد أصابهم بخيبة أمل كبيرة. قضت المحكمة في حكمها الصادر في 4 مارس 2010 ببراءة المتهمين التسعة (وهم مسئولون بالوحدة المحلية لقرية البرادعة، وشركة المقاولون العرب، والجهاز التنفيذي لمياه الشرب بوزارة الإسكان) من تهمة الإهمال في تأدية واجبات وظائفهم بما تسبب في تلوّث مياه الشرب بقرية البرادعة، وتفشي مرض التيفود بين بعض أهالي القرية.
كما قضت المحكمة برفض الدعوى المدنية، وإلزام المحامين بسداد الأتعاب في جلسة لم تستغرق سوى 15 دقيقة، وقد تغيّب عنها المتهمون والمحامون الموكلون عنهم، ولم يحضر سوى المحامين عن الدعاوى المدنية فقط.
وقد أكدت المحكمة في حيثيات حكمها، أن المتهمين من الأول وحتى الخامس وهم من الوحدة المحلية وقعوا فقط في خطأ إداري أثناء استخدام الشبكة الجديدة وتم توصيل المياه وإطلاقها في الشبكة قبل التطهير.. ومنحتهم البراءة لانتفاء الخطر.
أما بالنسبة للمتهمين من السادس وحتى التاسع وهم مدير عام بالجهاز التنفيذي لمشروعات المياه ونائبه واثنان من كِبار المهندسين بالمقاولون العرب, فقد انتفت عنهم المسئولية عن الشبكة الجديدة التي لم يتم تسليمها، فالالتزام الوحيد الثابت من قِبل المتهمين بالشركة هو إنشاء شبكة المياه الجديدة بإشراف المتهمين السادس والسابع بالجهاز التنفيذي بموجب عقد مقاولة، وهذا العقد كان خالياً من أي التزامات بشأن شبكة المياه القديمة بالبرادعة, أو تطهير وغسيل شبكة المياه الجديدة بالقرية، وبالتالي فالخلل في العقد الذي لم يهتم بهذه الالتزامات.
ولذلك استبعدت المحكمة عن المتهمين ارتكابهم فعل الضرر، وبناءً عليه فإن إتلاف الشبكتين القديمة والجديدة صادر من الأهالي أنفسهم، وبالتالي أصبحوا هم من قاموا بالضرر ووقع عليهم وهو ما أصابهم بالتيفود وهذا ثابت من واقع الأوراق في أمر الإحالة.
وقالت المحكمة إن أسباب حدوث المشكلة هي عدم اتّباع الإجراءات الوقائية، وإيقاف طلمبات البئر الجوفي قبل استلام الشبكة الجديدة، رغم التنبيه على المواطنين بعدم استخدامها؛ لأنها تحت التجربة، وكذلك عدم استخدام الطلمبات الحبشية خلال فترة انقطاع المياه، وانتشار شبكات الصرف الصحي الأهلية والمنفّذة بطرق هندسية وفنية غير سليمة، وبهذا يكون الضرر الذي وقع على الأهالي هو من فِعلِهم.
وقد كان النائب العام المستشار عبد المجيد محمود قد أمر بإحالة 9 مسئولين للمحاكمة في كارثة التيفود بالبرادعة منذ عدة أشهر، وكشفت التحقيقات في القضية عن القصور في طرح وإسناد وتنفيذ مشروعات المياه بالقرى، فضلاً عن تداخل الاختصاصات وبالتالي شيوع المسئولية، وهو الأمر الذي دعا النيابة إلى إبلاغ رئيس الوزراء لتلافي هذه الملاحظات مستقبلاً في المشروعات الأخرى التي يتم تنفيذها في العديد من القرى على مستوى الجمهورية حتى لا تتكرر المأساة.