السلام عليكم.. مشكلتي إني أعاني من مرض، وهذا المرض تسبب لي في تعطيل كثير من طموحاتي، وحتى قدرتي على الموافقة على أن أرتبط.. ولكني قررت النزول إلى ساحة العمل، وهناك زميل بالعمل أحس دائما أني أتقرب منه وأفكر فيه طويلا بالرغم من أني متأكدة إن مشاعري لا تصله، وأنا بالنسبة إليه صديقة مقرّبة جدا ويثق فيها في عمله وحتى في حياته الشخصية، فيتحدث معي عنها وعن مشاكله في حياته الزوجية، وأنا لا أستطيع أن أوقف التفكير فيه بالرغم من أني لا أنتظر منه أي شيء.. وأنا أعرف ذلك جيدا ولكن في نفس الوقت أنا دائما لا أستطيع أن أوقف التفكير، فهل السبب في تعلّقي به هو مرضي ورغبتي أن أكون مهتمة بأحد في ظل حياتي الفارغة التي هي عبارة عن ذهاب للطبيب والأدوية؟! وعندما أتحدى نفسي وأقرر أن أقطع صلتي به لا أستطيع، فهو عندما يحتاج إليّ يكلمني وذلك حتى بعد ما تركت العمل معه.. وأنا أكون سعيدة بهذا الاحتياج وأكون سعيدة فقط بأقل سؤال منه، فماذا أفعل؟ ساعدوني، وكذلك أنا بسبب مرضي أخاف من الارتباط حتى لا يرفضني أحد، فهل هذا صح؟ وماذا أفعل حتى أخرج من هذه العلاقة؟ فالرجاء مساعدتي.
huda_huda
مرحبا بكِ صديقة "بص وطل" عافاكِ الله وأزاح همك ورزقك السعادة وراحة البال، أرجو الله أن يكون قلبك متعلقا بالرحمن الرحيم أكثر من أي شيء في الكون، وأن تقرئي كلماتي بقلبك لا بعقلك، وأن تتأكدي أنني أشعر بكِ جيدا. تعالي عزيزتي نتحدث عن مشكلتك التي تتلخص في عدة نقاط: المرض، عدم الثقة في نفسك، افتقاد الحب والاهتمام، فقدان الأمل في الزواج وتكوين أسرة، الرغبة في تحقيق نجاح من أي نوع. بداية.. نعم مرضك هو السبب الرئيسي لكل ما تعانيه من مشكلات، وأن لا أحد سيحبك ويتعلق بكِ مما جعلك تنجذبين إلى زميلك في العمل، الذي وجد فرصة لإخراج ما بداخله من هموم لإنسانة يثق فيها، لكنه في الحقيقة فكر وتصرف بشكل أناني ولم يفكر إلا في مصلحته. عزيزتي المرض ابتلاء من الله، يجازينا عنه خيرا فقط إذا صبرنا وتيقنا أن الله سيعوضنا، بأضعاف أضعاف ما نرجوه ونتوقعه. "عدم الثقة في نفسك" بالطبع هذا نتيجة منطقية لشعورك بأن لديكِ مشكلة تجعلك أقل ممن حولك، لذا فأرجوكِ أن تقوّي من عزيمتك وتشدي من أزر نفسك ولا تقولي إنكِ ضعيفة، بل أنتِ قوية بصبرك وتحملك للمرض، وفوق هذا وذاك عطاؤك الذي لا ينضب والذي يميزك عن كثيرات من الفتيات الصحيحات. السبب الرئيسي لعدم الثقة في نفسك، أنك حبستيها في المنزل ولم تتركي لها الفرصة لسنوات لتثبت أنها موجودة، وأن لها إمكانيات وقدرات يمكن للجميع ملاحظتها. أخطأتي عزيزتي حينما استمديتي ثقتك في نفسك من شخص واحد، هو زميلك في العمل، هو يسأل ويروي ويشكي، وأنتِ كالأم البديلة تسمعين وتطيبين وتضحين وتحلين المشكلات وتتحاملين على نفسك. رجاء لا تقولي إنه شخص ملتزم وعلى دين وأخلاق، لم يقل لكِ كلمة واحدة خارج حدود الأخوة، فأنا متأكدة من ذلك، فشخصية خلوقة مثلك لا يمكن أن تتجاوب مع أي شخص لا يعرف حدود دينه. لكن الله عز وجل حينما منعنا عن محادثة الغرباء أو غير المحارم لم يكن الأمر فقط لأشياء سيئة قد تحدث، لكن حتى لا تتعلق قلوبنا بمن هم ليسوا حلا لنا ونحن لسنا حلا لهم، فتتفاقم المشكلات النفسية والاجتماعية والأخلاقية ويؤسفني إذا قلت الدينية. نأتي هنا إلى "افتقاد الحب والاهتمام" فهذا ما جعلكِ تتعلقين بهذا الرجل رغم أنكِ تعلمين جيدا في قرارة نفسك أن هذا لا يصح، حتى كافأتي أنانيته بتضحية كبيرة منك. وهنا هلا سألتي نفسك كم مرة سألك هو عن أخبارك؟ كم مرة التفت إلى حالتك النفسية ورعاها؟ كم مرة احتجتيه أنتِ فوجدتيه؟ هل يراعي كونك أنثى ولستِ ذكرا، لكِ مشاعر ولا يجب أن يدخل معك في حوارات تحرك هذا الجانب؟ تذكري معي القول الشائع: "هل تأتي النار إلا من مستصغر الشرر؟! نعم عزيزتي، ففي البداية كان الموضوع مجرد اهتمام، وسؤال عن الأحوال، وربما بدأ باهتمامه بكِ حتى تحوّل الأمر إلى احتضان تام منك لمشكلاته العملية والأسرية". هذه الشرارات كوّنت نارا ملتهبة اسمها الحب والمشاعر الفيّاضة، والإقبال على الممنوع، والتمسك بحقك في أن يكون لكِ إنسان يسأل عليك ويحتويك، متناسية أن العكس هو الصحيح. والآن نأتي إلى "الزواج والأمومة"، عزيزتي.. هل تعرفين كم مليون فتاة مصرية وعربية تعدى عمرهن سن الزواج التقليدي؟ وفي المقابل هل تعرفين كم عدد الذين تزوجوا من ذوي الاحتياجات الخاصة؟ الزواج والذرية رزق من عند الله، وكما نقول "لا حيلة في الرزق ولا شفاعة في الموت"، فلا تتخيلي أن مرضك هو المانع الأكيد بل هو مجرد سبب، ولا تتصوري أن في الزواج أو في الإنجاب نجاة من الوحدة والشعور بالإهمال، فكم من زوجة صالحة أهملها زوجها دون أي سبب إلا لأن له اهتمامات أخرى! عذرا.. هذا الرجل يعد من هؤلاء الرجال، فهل يتحدث مع زوجته ويشكو لها كما يفعل معكِ، بالطبع سيكون الرد "مش بارتاح في الكلام معاها". يغضب الله ويتحدث مع أخرى بالساعات ويعطيها من وقت زوجته وأسرته لأنه لا يرتاح، هل تقبلين أنتِ أن توضعين في نفس الموقف؟! ولماذا ترضين على نفسك دور الإستبن أو المسكّن؟! آه.. نأتي هنا إلى الفكرة المسيطرة على الموقف "الرغبة في تحقيق نجاح من أي نوع"، أختي كما أنه لا توجد امرأة قبيحة فلكل امرأة مواطن جمال خاصة بها قد تلفت انتباه أناس ولا يلتفت إليها آخرون، فإن الصحة والمرض بيد الله، ولا يوجد إنسان لا أهمية له أو يفتقد إلى ناحية جمالية يقبل عليها آخرون. وأنتِ جميلة ورائعة بتعلقك بالله الرحمن الرحيم، وصفاء نفسك وقلبك الحنون وإيمانك بأن الله لم يخلقنا ليعذبنا، وإنما خلقنا لعبادته ولتعمير الأرض ولا يشترط هذا الزواج والإنجاب، فتعمير الأرض له عدة صور، منها قضاء حوائج الناس. رجاء اقرئي القرآن وتذكري رسوله، ثم اقرئي واطّلعي، ستجدين أن أغلب المبتكرين والعباقرة ليسوا أصحاء بالشكل الكامل. إذن فكل ما عليكِ أن تستغلي قوة حبك للخير وعطائك الفياض، وتصرين على العمل، فمن خلاله تثبتين نفسك، وأن لكِ دورا فعالا في المجتمع، فالإنسان بعمله لا برأي الناس فيه. أختي.. هل فكرتي في التوجه إلى إحدى الجمعيات الخيرية؟ فهناك ستجدين من هم في حالات أصعب منكِ، ستجدين أطفالا ومسنات في حاجة ماسة إلى كلمة حنان، تستمدين منهم قوّتك وترضين ربك فيحبك ويحبب فيكِ خلقه، ستجدين نفسك، ويجدك الآخرين.