السلام عليكم.. باشكر "بص وطل".. أنا مشكلتي إن فيه فترة في حياتي ماعيشتهاش زي ما أنا عاوز، هم الأربع سنين بتوع الجامعة، كنت شخص ملتزم نوعا ما وخجول لأبعد حد، والصفات دي منعتني إني أعمل حاجات كتير كنت عاوزها جدا، كنت عاوز يبقى ليّ شلة صحاب شباب وبنات أحبهم ويحبوني وأقضي معاهم وقت جميل وأعمل معاهم ذكريات حلوة مانسهاش، بس للأسف ده ماحصلش. وأنا في سنة تالتة جت لي حالة نفسية سيئة جدا وانهيار عصبي، وساعتها تابعت مع دكتور نفسي ووقتها قررت مارحش الكلية تاني وأشتغل وأروح على الامتحانات بس، أنا حاليا متخرج بقالي تلات سنين، وللأسف لحد دلوقت الوسواس والأوهام بتيجي لي كل فترة ولما بتيجي لي أنا بابقى في حالة لا توصف، بجد أنا على طول بافكر في الموضوع ده ليل نهار، والوسواس ماسكني وبيخنق زوري وصدري بيضيق، وباحس فعلا إن روحي بتطلع. أمي وأبويا فاكريني محسود أو معمول لي عمل، وده مخليهم يضغطوا عليّ عشان أروح لشيوخ ودجالين والكلام ده، وأنا ساعات باسمع كلامهم عشان مازعلّهمش.. الشيوخ اللي رحت لهم كلهم قالوا لي إنت مافيكش حاجة، بس محتاج تقرّب من ربنا وترجع ملتزم تاني لأن ده هو الطريق الوحيد اللي هيخرّجك من اللي إنت فيه.. المشكلة التانية اللي نفسي تردوا عليّ فيها إن الوسواس كمان واقف حاجز بيني وبين قربي من ربنا، مع الأسف أنا بييجي لي وساوس بتضعف إيماني، وساوس فيها أسئلة كتير، منها إن أطفال سوريا اللي بيموتوا كل يوم دول ذنبهم إيه؟ الناس اللي عاشوا وماتوا من غير ما يلاقوا حد يدعوهم للإسلام ذنبهم إيه؟ الأطفال اللي بيتولدوا لأهل ملحدين ذنبهم إيه؟ البلاد المتقدمة زي أمريكا واليابان وكوريا وهم أصلا مش مؤمنين بربنا؟! كل الأسئلة دي مع الأسف ماسكة دماغي وبتقف حائل بيني وبين قربي من ربنا.. استغفر الله العظيم. أنا آسف للإطالة وأتمنى الرد سريعا، لأني بجد تعبان أوي.
Artist man
ولدي العزيز.. شفاك الله وعافاك وأراح قلبك، فما تعاني منه كبير، ولا أعلم ماذا فعلت عندما تابعت مع طبيبك النفسي، والحقيقة أن ما تعانيه هو بالفعل مرض ينتج عن خلل في كيمياء المخ الحيوية، كثر الحديث عن أسبابه، مثل: خلل في إفراز مواد إما بنقص وإما بزيادة، وعيوب في الفص الصدغي أو الفص الأمامي أو اختلال في ميكانيكية عمل الناقلات العصبية.. إلخ، وكذلك وجدنا أن الوراثة لها نصيب فيمن يعانون من القلق، وللقلق أشكال كثيرة متعددة في النوع والشدة، منها على سبيل المثال لا الحصر الوسواس القهري ونوبات الهلع، وهما ما يسببان لك كل تلك الأعراض والمشاعر التي تنهكك نفسيا وذهنيا وجسمانيا. والحقيقة أنك تحتاج إلى تواصل مع طبيب نفسي ليساعدك في التغلب على تلك الوساوس ونوبات الهلع، ويفضل أن يكون العلاج الدوائي مصاحب بعلاج معرفي وسلوكي يقدم لك فيه الطبيب بجانب الأدوية خططا سلوكية وبرامج تقوم بها، ويقدم لك كذلك العلاج المعرفي الذي يتعلق بمفاهيمك وأفكارك، ليناقشها معك ويصوّب أخطاءها أو تشويشها في رأسك، هذا هو العلاج المثالي لمرض الوسواس القهري الذي تعاني منه بوضوح، وكذلك لنوبات الهلع، أو نوبات الذعر التي تظهر في شكل رعشات، ودقات قلب سريعة، وشعور بالاختناق، وغصة الحلق، والشعور بأنك لن تستطيع السيطرة على نفسك وأنك قاربت على الجنون أو خروج الروح، وكلها أعراض لتلك النوبات التي تصرخ بقلقك. ولكن حتى تستقر على طبيب نفسي يعينك، سأحاول أن أقدّم لك مقترحَين للعلاج الذاتي لكل من الوسواس القهري ونوبات الهلع، ولكن أذكرك: أن الدواء غاية في الأهمية ويساعدك كثيرا على تخطي أصعب مراحل العلاج وهي بداياتها، والحمد لله فإن أدوية الوسواس القهري أحرزت تقدما هائلا وأصبحت تعطي نتائج شفاء عالية جدا تصل في بعض الحالات إلى نسبة 100%، ولكن يحدث ذلك حين يتم أخذها بالجرعات التي يحددها الطبيب وكذلك الفترة التي يراها مناسبة، لذا فإن الكثير ممن يشكون من عدم جدوى الأدوية هم في الحقيقة إما لم ينتظموا على العلاج ويتصورون أن الحبة الأولى ستأتي بعلاج سحري، وإما لأنهم اكتفوا فقط بالعلاج الدوائي ولم يكملوه بالعلاج المعرفي والسلوكي فانتكسوا بعد العلاج. لذا خطوتك الأولى المهمة ستكون في المتابعة الطبية المتخصصة، ويا حبذا أن يكون الطبيب ممن يمارس العلاج المعرفي السلوكي والنفسي كما بيّنت. وإن لم تجد فحاول في هذين الاقتراحين بعزم وقوة: الأول ما يخص الوسواس القهري: فالأصل أن الوسواس القهري هو مرض وليس له علاقة بوسوسة الشيطان ولا اللبس ولا الجن، هو مرض فيه جزء وراثي، وكذلك القلق، وفيه خلل ما في كيمياء المخ الحيوية، وليس أنت، وهذه أهم وأول خطوة في العلاج الذاتي، أن تؤكد على نفسك أنك تعاني من خلل كيميائي عضوي يجعل تلك الأفكار تظهر وتلح، فتكرارك لنفسك هذه الحقيقة العلمية سيجعلك محايدا تجاه تلك الأفكار والمشاعر، ولم أقل إنك حين تُسمي الأفكار باسمها الحقيقي أنها ستزول، ولكنها ستجعلك قادرا على تقبّل تلك الأفكار. والوسواس القهري له ألف شكل وشكل، فهناك وسواس الكفر، التشكيك، النظافة، المرض، الموت، الطهارة.. إلخ، فما تعانيه من وساوس تشكيك أو حتى كفر لا تتخطى أنها مجرد أفكار لن تحاسب عليها، لأنها مرض وليست إيمانا، بل الله تعالى ذكر على لسان رسوله صلوات الله وسلامه عليه حين جاءه بعض الناس يقولون له: "إنّا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن نتكلم به، قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال ذلك صريح الإيمان"، رواه مسلم باب الوساوس. إذن هو تافه ولا يستحق مناقشته لا بالإنكار ولا بالإثبات، فاهملها أو اجعلها تمر مرورا دون اهتمام، فغرقك فيها وكأنك تتعارك مع خلل إفراز في مخك يأخذ شكل أفكار تتطفل عليك.. أما الخطوة الثانية القيام بمهمة التركيز وقت غزو تلك الأفكار لرأسك بأي أمر آخر يحتاج إلى تفكير ويحتاج إلى تركيز، واعلم يا ولدي أن تلك الخطوة في منتهى الصعوبة ولكنها ليست مستحيلة، وتحتاج إلى تكرار وتدرّج رغم مرات فشلك فيها. ولكن كلما تمكّنت من التأخير عن الاستجابة للفكرة التي تقتحم رأسك قللت من قوة قهرها لك بمرور الوقت، وحاول أن تتدرج في ذلك بأن تتأخر في الغرق في تلك الأفكار لمدة دقيقتين حتى لو استجبت بعدها وغرقت في تلك الأفكار، وسجّل هذه الخطوة في نوتة لتتمكن من متابعة إنجازك، ثم ركّز أكثر في موضوع آخر مهم حين تقتحمك تلك الأفكار وتوقف عن الاستجابة لها لمدة خمس دقائق، وهكذا حتى تصل إلى ربع ساعة أو 20 دقيقة وستجد الفارق واضحا جدا. الخطوة الثالثة أن تنظر بهدوء إلى تلك الأفكار وتتأكد أنها في حقيقتها زائفة وتافهة وليست مصيرية، ولكنها مرض ستتغلب عليه بإرادتك، وأكرر أن هذا المقترح سيكون بجانب العلاج الدوائي، أما نوبات الهلع فهي من أشكال القلق الذي يلعب الدور الوراثي فيه بمساحة لا تقل عن 25%، فلقد وجدنا أن الأشخاص المصابين بالقلق لديهم في أسرهم من يعاني من تلك النوبات، ولكن كما تعلم من يتألم من مرضى الوسواس القهري خصوصا لو كان يمس العقيدة، أو من نوبات الذعر يستر هذا الأمر في نفسه لسنوات وسنوات فلا يعلم عنها أحد. وهناك أمران يمكنك فعلهما فيما يخص النوبة، في أثناء النوبة حدّث نفسك بأنها لن تستمر أكثر من دقائق قد تصل إلى ثلث ساعة ثم ستهدأ، ذكّر نفسك بأن كل الخوف ومشاعر الروح التي تسحب منك كلها كانت مشاعر زائفة ولم يحدث منها شيء، فهكذا كانت النوبات السابقة وهكذا ستكون القادمة، تنفس أثناءها تنفسا صحيا سليما بأن تستنشق الهواء ببطء وعمق وانتظام، بحيث يكون معدل تنفسك 8 مرات/ دقيقة، وغيّر وضعية جسدك لوضعية فيها راحة واسترخاء لتبتلع أنت النوبة، ثم لو تمكنت من عمل أي حركة أو فعل يساعدك على الإحساس بأنك موجود وقوي افعل، كأن ترفع رقبتك لأعلى، أو ضم أصابع كفك بقوة، أو غيره. فأعراض النوبة مثل تسارع النفس والرعشة وتسارع نبضات القلب والشعور بعدم القدرة على السيطرة، هي نفس الأعراض التي نشعر بها حين يتم ممارسة العلاقة الجنسية مع الشريك، أو حين نمارس الرياضة، ولكننا نتقبلها لأنها تكون ممزوجة باللذة والسعادة، وهذا ما عليك محاولة فعله في الفترات التي تكون بين النوبة والأخرى، كأن تتخيل ذكريات جميلة مفرحة فاتت لك، أو تتخيل أنك تستمع لموسيقى تحبها، أو تستمتع بوجودك في مكان تحبه وأنت تستحضر أعراض النوبة. فبتكرار التدرب على هذا التمرين ستجدك تكسر الرابط الذهني الذي تعوّدت عليه حين تأتي النوبة بدلا من الخوف والرعب، فتأتي النوبة أهدأ لأنك تعمل نمطا جديدا ذهنيا لك، وكذلك من المهم جدا أن تحتفظ بمذكرة تخصك لتكتب فيها كل ما يتعلق بالنوبات وأثر التدريبات عليها، مثل: كل نوبة أخذت كم من الوقت، أين، متى، ماذا كنت تعمل قبل حدوثها؟ في ماذا كنت تفكر قبل حدوثها؟ هل كانت وسط الناس أم لا؟ وهكذا ستجد لديك ملفا يرصد تطوراتك، خصوصا كلما قمت بما اقترحته عليك. وستجد بعد فترة طويلة نسيبا أن هناك أفكارا تتكرر عليك تتعلق بالنوبة، فستكون تلك هي الأفكار التي ستحتاج إلى مناقشة موضوعية أو متابعة مع طبيبك، مارس الرياضة بانتظام ومارس تمارين الاسترخاء والتنفس الصحي، واهتم بغذائك ليكون صحيا فيه الفاكهة والخبز الأسمر، فهي مصادر قوية لفيتامين"ب"، نظّم كذلك ساعات نومك، وأخيرا أعلم صعوبة ما حدّثتك عنه، ولكن رغبتك في الشفاء ستساعدك، وكذلك هما مقترحان بسيطان ولكن مع طبيبك سيكون الوضع أفضل، وفيه متابعة أفضل لرصد التطور ووضع أيديكما على نقاط يمكن تقويتها ونقاط ستتركها، أسأل الله العظيم في شهره العظيم أن ينعم عليك بالشفاء وراحة البال، فلا تنسى أن تدعوه فهو القادر العظيم.