أودعت محكمة جنايات القاهرة اليوم (الأربعاء) حيثيات حكمها ببراءة حسني مبارك ونجليه علاء وجمال، ورجل الأعمال الهارب حسين سالم في قضية الرشاوى المالية المتمثلة إهداء حسين سالم لمبارك ونجليه خمس فيللات بشرم الشيخ. وأشارت المحكمة في حيثياتها إلى أن النيابة العامة ارتكزت في اسنادها الاتهام المشار إليه في حق المتهمين إلى شهادة طارق مرزوق محمد عبد المغنى الضابط بالإدارة العامة لمباحث الأموال العامة. وأضافت المحكمة أن الضابط طارق مرزوق قال في التحقيقات التي أجريت معه بتاريخ 18 مايو 2011 أن تحرياته السرية التي استقاها من مصادره، أسفرت عن وجود علاقة وثيقة بين المتهمين حسني مبارك وحسين سالم، وأن هذا الأخير أهدى إلى المتهمين الأول والثالث والرابع (علاء وجمال) في الفترة ما بين عام 1995 وحتى نهاية عام 2000 قصرًا وأربع فيلات بمشروع نعمة للجولف والاستثمار السياحي المملوكة له، وأن هناك أعمال لاستكمال إنشاء ملحقات للقصر والفيلات حتى عام 2010. وأشارت المحكمة إلى أنه ثبت من الإطلاع على الصور الضوئية لعقود بيع الفيلات الخمس المشار إليها موضوع التحقيقات أنه تم إشهار بيعها رسميًا بتاريخ 14/10/200 بمكتب توثيق شهر عقاري جنوبسيناء. وأكدت المحكمة أنه بالاطلاع على التقرير التكميلي المقدم من إسماعيل محمود مرسي علي -الخبير المنتدب من النيابة العامة- تبين أنه انتهى إلى وجود أعمال مستجدة يتم إنشائها على حرم الفيلا المملوكة للمتهم الأول (مبارك)، كما أن هناك أعمال إنشاءات حديثة بالفيلا المملوكة للمتهم الرابع (جمال)، وأن تاريخ تلك الأعمال المستجده تم خلال النصف الثاني من عام 2010 وقد تبين للمحكمة خلو التقرير هذا من ثمة إشارة للشركة المنفذة للأعمال، ومن تحديد لتوقف أعمال التوسعات المشار إليها بالتقرير، كما وأنه لم يقدم من المستندات مايساند ذلك. وأشارت المحكمة إلى أنها بوازع من ضميرها وبادىء ذي بدء وقبل الخوض بحثا فى واقعات الدعوى ومدى اتساق الاتهام المسند مع الأدلة التي ساقتها النيابة العامة تدليلا على ثبوت الاتهام المعزو إلى المتهمين الأربعة المذكورين -فإنها تلتزم قانونا بالبحث في مدى انطباق وتوافر عناصر وشرائط إنقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة قبل المتهمين المذكورين بحسبان أن أحكام التقادم من النظام العام وتلتزم المحكمة بتمحيصها والرد عليها ردًا كافيا سائغا بالقبول أو الرفض. وأكدت المحكمة أنه من المقرر وما استقرت عليه هذه المحكمة في قضائها أن المدة المسقطة للدعوى الجنائية تنقطع بأي إجراء من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة يتم في الدعوى وأن هذا الانقطاع عيني يمتد أثره إلى جميع المتهمين في الدعوى ولو لم يكونوا طرفًا في الإجراءات. وأوضحت المحكمة أنه من المقرر أيضا قضاء أن التقادم في صدد الدعوى الجنائية هو مضي مدة معينة من الزمن يحددها القانون بحسب طبيعة الجريمة دون أن تتخذ النيابة العامة أية إجراءات لرفع ولمباشرة الدعوى الجنائية ضد المتهم قبل صدور حكم جنائي فيها لافتة إلى أن الدعوى الجنائية تنقضي في مواد الجنايات بمضي عشر سنوات من يوم وقوع الجريمة وفي مواد الجنح بمضي ثلاث سنين. وذكرت المحكمة أنه تأسيسًا على ماتقدم من قواعد وأسس قضائية، فإن الواقعة المنسوبة إلى المتهم الأول محمد حسنى السيد مبارك ارتكابه جناية استعمال النفوذ المؤثمة بمقتضى نص المادة 106 مكررا من قانون العقوبات، ولما كانت هذه الجناية إنما هي جريمة وقتية تتحقق وتقع من الفاعل بمجرد طلب أو قبول أو أخذ الجاني العطية تذرعا بالنفوذ، للحصول على ميزة من سلطة عامة ولايؤثر في تمامها رفض صاحب الحاجة طلب الجاني كما لايؤثر في وقوع الجريمة عدم استخدام الجاني لنفوذه فعلا. وأوضحت المحكمة أنه الثابت من إطلاع المحكمة على أوراق الدعوى أن العطية التي اخذها المتهم الأول لنفسه ولنجليه المتهمين الثالث والرابع تمثلت في الفيلات الخمس المنوه عنها سلفًا، وأن عقود الشراء مشهرة بتاريخ 14 أكتوبر عام 2000، ويبدأ من هذا التاريخ حساب مدة التقادم المسقطة للدعوى الجنائية الناشئة ارتكابه الجناية المؤثمة بمقتضى نص المادة 107 مكررا من قانون العقوبات والتي جرى نصها على أنه يعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي. وأشارت المحكمة إلى أن التكييف القانوني الذى تنتهي إليه المحكمة للواقعة المنسوبة إلى المتهمين الثالث علاء محمد حسنى مبارك والرابع جمال محمد حسنى السيد مبارك هي ارتكاب كل منهما الجنحة المؤثمة بمقتضى نص المادة 108 مكررًا من قانون العقوبات والتي جرى نصها على أن كل شخص عين لأخذ العطية أو الفائدة أو علم به ووافق عليه المرتشي أو أخذ أو قَبل شيئا من ذلك مع علمه بسببه يعاقب بالحبس مدة لاتقل عن سنة وبغرامة مساوية لقيمة ما أعطى أو وعد به وذلك إذا لم يكن قد توسط في الرشوة. وأضافت المحكمة إلى انها خلصت في أسباب حكمها على النحو آنف البيان الى أن الدعوى الجنائية الناشئة عن جريمة استعمال النفوذ المسندة الى المتهم الأول محمد حسني السيد مبارك وكذا الجناية المسندة إلى المتهم الثاني حسين كمال الدين إبراهيم سالم بتقديم عطية إلى المتهم الأول لاستعمال الأخير نفوذه لدى سلطة عامة، وكذا الجنحة المعزوة إلى كل من المتهمين الثالث علاء محمد حسني السيد مبارك والرابع جمال محمد حسني السيد مبارك بقبول كل منهما العطية المقدمة من المتهم الثاني للمتهم الأول نظير استعمال هذا الأخير نفوذه لدى سلطة عامة مع علم كل منهما بذلك قد سقطت بالتقادم بمضي المدة ومن ثم فإنه وطبقا للقواعد والأسس القانونية والقضائية يعود المتهمون المذكورين بشأنها إلى الأصل العام في الإنسان وهو البراءة.