فيروز الصاوي السينما هذه الأيام لم تعد سيدة قراراتها؛ فالظروف والمتغيّرات أصبحت هي ما يتحكّم فيها، وبالأخص الظروف السياسية التي أصبحت في الوقت الحالي تتحكم في مجريات الأمور السينمائية؛ خاصة مع تصاعد نجم تيار الإسلام السياسي، وهو ما أصبح يحدد ما يسمح به من عدمه. وبعد أن تصاعدت في الفترة الماضية الأحاديث حول منع فيلم كذا، والاعتراض على مشاهد معينة في بعض الأفلام، كما تمّ عمل أكثر من مناظرة حول حرية الإبداع، وهو ما مثّل في هذه الفترة الفارقة علامة استفهام كبيرة أمام صناع السينما، والذين آثر البعض منهم الانتظار حتى يعلموا بمصير أعمالهم وهل ستتم أم لا.. وهنا نستعرض ثلاثة نماذج لأفلام سينمائية توقفت في هذه الفترة؛ بعضها اختار أن ينتظر حتى نهاية الانتخابات الرئاسية لتحديد اتجاهاته في الكتابة، والبعض الآخر ينتظر إشارة البدء؛ ولكنه متخوف من مدى صعود التيار الإسلامي السياسي في المرحلة المقبلة. سيناريو فيلم "توم وجيمي" لهاني رمزي ينتظر حتى نهاية الانتخابات؛ بعد أن كان هاني رمزي يقوم بالتحضيرات لفيلمه الجديد، اصطدم السيناريو الخاص بالفيلم مع الأحداث الراهنة؛ وهو ما جعلهم يقومون بالانتظار حتى تنتهي مرحلة الانتخابات الرئاسية بأكملها. وذلك لأن فيلم "توم وجيمي" تقوم فيه الطفلة جنا بدور حفيدة أحد مرشحي الرئاسة، وهو ما رأى صناع الفيلم أنه قد يؤخذ عليهم في تلك الفترة، كما أن السيناريو تُرِكَ مفتوحا حتى تنتهي الأحداث وتتضح بشكل كبير، وفي تصريحات لمسئولي شركة "نيو سينشري" المنتجة للفيلم رأوا أن الفيلم لا يصح البدء فيه خلال هذه الفترة؛ خاصة أنه لم تتضح معالم الفترة المقبلة، وهو ما قد يؤثر على إيرادات الفيلم؛ ولذلك فضلوا الانتظار حتى انتهاء الانتخابات ومعرفة الرئيس المقبل للبلاد؛ ثم يقومون بعد ذلك بإنهاء السيناريو والبدء في تصويره. أما فيلم "هز وسط البلد" أيضا فقد فضلت إلهام شاهين أن تنتظر حتى نهاية الانتخابات الرئاسية؛ وذلك من أجل أن تنتهي من الإعداد والتحضير لفيلمها الجديد "هز وسط البلد"، والذي تدور معظم أحداثه عن الأحداث التي وقعت في مصر خلال الفترة الجارية؛ ولكن عدم انتخاب رئيس جديد للبلاد جعل الفيلم ينتظر قليلا حتى يتم الانتهاء من السيناريو الخاص به، وبناء على انتخاب الرئيس الجديد سيتحدد الكثير من المعالم الخاصة بالفيلم -الذي تتولى إنتاجه إلهام شاهين- ويُشاركها في بطولته عبير صبري ورانيا يوسف، وستحدد الأيام المقبلة الرئيس الجديد للبلاد، والذي سيحدد اختياره الزوايا التي سيتناولها الفيلم. وإن كان هذان الفيلمان في انتظار الرئيس الجديد للبلاد كي يتحدد الإطار العام الخاص بالسيناريو؛ فهناك فيلم لم يتحدد مصيره حتى الآن بسبب الأجواء العامة، والانتظار لما ستسفر عنه الانتخابات الرئاسية؛ حيث سيقرر مصير مرشح الإخوان تنفيذ هذه الأفلام من عدمه، فصنّاعه لديهم العديد من التصريحات، وكذلك المآخذ على جماعة الإخوان المسلمين؛ حتى إن البعض منهم قرر أن يهاجر خارج البلاد في حال فوز الإخوان بالانتخابات الرئاسية.
هاجمت إيناس الدغيدي الإخوان بشدة المخرجة هي إيناس الدغيدي التي تمتلك فيلم "الصمت" -ومن مقرر أن تقوم ببطولته نيللي كريم- تنتظر هذه الفترة مصير الانتخابات الرئاسية وبالأخص مصير مرشح الإخوان محمد مرسي؛ وذلك كونها أكدت أنها ستسافر خارج مصر في حال فوز الإخوان بالانتخابات الرئاسية، وهاجمتهم وانتقدتهم بشدّة في تصريحاتها. وهو ما يجعل فيلم "الصمت" معلق المصير، ففوز محمد مرسي بالانتخابات سيجعل الفيلم في خبر كان، وسيتم إلغاؤه أو تأجيله إلى أجل غير مسمى، أو ربما يظهر مخرج آخر يملك الجرأة في تقديمه؛ ولكن خسارة الإخوان للانتخابات ستجعل الفيلم يظهر للنور؛ بل ستستغل إيناس الدغيدي الفرصة لإظهار كل ما تريده من لمحات فنية داخل الفيلم، كونها تعتبرها حربا ضد الإبداع، وهو ما سيمنحها الفرصة لمواجهة كل من يهدد الإبداع بحسب ما تراه هي، وبالتالي ف"الصمت" يدخل في هذه الفترة النفق المظلم، ويصبح مرهونا بمصير جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات الرئاسية، ومدى استطاعة الجماعة في حصد أعلى منصب داخل الجمهورية؛ خاصة أنهم حصدوا مسبقا الأغلبية داخل مجلسي الشعب والشورى. هكذا تصبح الانتخابات الرئاسية هي المحدد الرئيسي لمصير هذه الأفلام في الفترة المقبلة، وهي التي ستحدد ما إن كانت هذه الأفلام سترى النور؟ وكذلك السيناريو الخاص بها هل ستطوله يد التعديل أم لا؟ وما هي كيفية التعديل التي ستطوله ولصالح مَن؟