جهاد الخازن القاسم المشترك في كل انتخابات عربية أن الخاسر ينسب خسارته إلى التزوير، والجولة الأولى من انتخابات الرئاسة المصرية تجرى غدا وبعد غد، وسنسمع عن التزوير خلال التصويت وبعده. في مصر القاسم المشترك الآخر بين المرشحين للرئاسة هو العداء لإسرائيل، فهم يختلفون في كل شيء، أو لا شيء، ويتفقون عليها. لن أحاول التكهن باسم الفائز رغم ترجيحي أنه سيكون إسلاميا، ولكن أقول: إن الإسلاميين المصريين (وليس كل الإسلاميين في كل بلد) غير ديموقراطيين، وقد قضيت أربعة أيام في القاهرة الأسبوع الماضي تركتني مع مزيد من القلق إزاء حكم فريق واحد. الدكتور حسام أبو البخاري -المتحدث باسم التيار الإسلامي العام- قال: "إن الفصائل الثورية الإسلامية قررت النزول إلى الشارع والثورة من جديد إذا فاز الفريق أحمد شفيق بالرئاسة، حتى من خلال انتخابات نزيهة دون تزوير". وزاد: "لن نعترف أبدا به لأنه دخل الانتخابات دون سند قانوني أو دستوري مع أنه من كبار الفلول". هذا الرجل يقول: "إنه يعرف ما لا يعرفه قضاة لجنة الانتخابات". محمد مرسي -رئيس حزب الحرية والعدالة ومرشح الإخوان المسلمين- قال أمام جامعة القاهرة: "القرآن دستورنا والرسول زعيمنا والجهاد غايتنا والموت في سبيل الله أسمى أمانينا. قادرون على تطبيق الشريعة الإسلامية ولن نرضى بديلاً عن الشريعة". هذا كلام جميل جدا، إلا أنه يصلح لحلقة في مسجد وليس خطابا سياسيا لمرشح بارز. خطباء آخرون هاجموا الإعلام، والفنان وجدي العربي وصف الإعلاميين المصريين بأنهم كهنة وسحرة المعبد. أما الداعية السلفي الشيخ فوزي السعيد، فاتهم الإعلاميين الليبراليين واليساريين في مؤتمر لدعم محمد مرسي بالكفر، ووصف الإعلام بالفاجر والداعر والكاذب "وحكم الله في الإعلاميين الليبراليين واليساريين أنهم أئمة الكفر لأنهم طعنوا في دينكم وعليكم أن تقاتلوا أهل الكفر". إذا حكم مثل هؤلاء مصر فعلى أم الدنيا السلام. بل إن الدكتور محمد بديع -مرشد الإخوان المسلمين- زعم أن بعض وسائل الإعلام سحرة فرعون، والشيطان يوحي إلى الإعلاميين. ورفض رؤساء مجالس إدارة وتحرير الصحف القومية الهجوم وقالوا: "إنه محاولة لتدجين الصحافة". بالمناسبة، حازم صلاح أبو إسماعيل -المرشح المُستبعَد- لا يزال يكذب، وهو زعم في مسجد أسد بن الفرات في الدقي أن عنده مستندين يثبتان عدم حصول والدته على الجنسية الأميركية. أسوأ من كذبه وتهديده السلطات، أن هناك مَنْ يصدقه حتى الآن. ليس سرا أن الإخوان المسلمين يشترون أصوات الفقراء بالزيت والسكر والأرز في القرى النائية. وكان نشطاء وحقوقيون قدموا بلاغا للنائب العام، عن شكوى قرية أبو عزيز في المنيا من وجود قافلة طبية كبيرة نظمها حزب الحرية والعدالة للكشف الطبي على الأهالي وإجراء عمليات الختان للإناث والذكور مخالفة للقوانين المصرية. السفيرة ميرفت التلاوي -رئيسة المجلس الأعلى للمرأة- استنكرت هذا العمل، كما استنكره حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان. وقالت السيدة التلاوي: "إن ختان الإناث عودة إلى عصر العبيد، وليس من الشرع أو الدين، وإنما استقواء على النساء". إذا لم يؤدِّ الأرز والزيت والختان المطلوب، فهناك الفتاوى، والشيخ هاشم إسلام -عضو لجنة الفتوى في الأزهر- أفتى بتحريم انتخاب الفلول، أما محمد عبد الله، عضو مجلس شورى الإخوان فأصدر فتوى اعتبر فيها دعم مرشحهم محمد مرسي فريضة إسلامية. وقال الشيخ محمد المحلاوي، خطيب مسجد القائد ابراهيم: "يجب على المصريين الإدلاء بأصواتهم؛ هذا واجب شرعي. هناك اختيار بين مرشحين واختيار محمد مرسي واجب شرعي ومَنْ يخالفه آثم". المرشح الليبرالي عمرو موسى رد على الجميع ورفض المزايدة بالشريعة وابتزاز المسلمين بالجنة والنار. أقول: "إن انتخاب مرشح إسلامي رئيسا لمصر سيكون كارثة على الديموقراطية والسلم الأهلي، ثم أرجح فوز هذا المرشح، فيتبعه انقلاب عسكري". عن موقع حياة الثلاثاء 22 مايو 2012