المقالات العديدة التي كتبتها في هذا الباب، منذ بدايته، لا تدعو إلا لأمر واحد لا غير... أن نفكر..... أن نعمل عقلنا.... ألا نجمد الآراء في أدمغتنا، فقط لأننا نسمعها من حولنا..... ولم أفهم أبداً، لماذا يغضب هذا البعض!!.. لماذا يثورون، فقط لأنني أطالبهم بالتفكير، أو أدعوهم إليه؟!... أليس هذا ما دعاهم إليه خالق الكون العظيم نفسه، عندما طلب منهم أن يتفكًر في خلقه، ولم يحظر عليهم سوى التفكير في ذاته سبحانه وحده؟!.. هل دعاهم الدين -أي دين- في أية آية من آياته، إلى إغلاق العقول، وإيقاف التفكير، وانعدام الفكر؟!.. حقيقة، لست أدري!!..
ثم لماذا المكابرة والعناد والغضب والثورة؟!.. لماذا؟!.. لماذا؟!.. وألف لماذا؟!.. ولماذا تلك الردود، التي تخالف أي منطق وأي عقل، مثل ذلك الرد، الذي لم أقرأ أو أسمع عن أحمق منه في حياتي، والذي قال: إنه يحمد الله سبحانه وتعالى، الذي سخر لنا الغرب، ليمدنا بالعلم والتطوّر، حتى نتفرغ نحن للعبادة!!!... من قال إن المطلوب منا أن نتفرغ للعبادة، على أي نحو كان؟!... في أية آية من آيات القرآن الكريم، طلب منا الخالق عزَّ وجلَّ هذا؟!.. بل وفي أي حديث شريف، وجدنا هذا المبدأ؟!.. هل التفرغ للعبادة هو الذي سيجعلنا نعمل، حتى يرى الله سبحانه وتعالى عملنا، ورسوله والمؤمنين؟!.. أهو الذي سيجعلنا نعد لهم ما استطعنا من قوة، ومن رباط الخيل؟!.. أهو الذي سيساعدنا على أن نرهب عدو الله عزَّ وجلَّ وعدوَّنا؟!... أم أنه هو الذي سيعاوننا على نشر الدعوى؟!..
وماذا لو أن هذا الغرب، الذي يتطوَّر، باستمرار، وجدنا خاملين، متفرغين للعبادة؛ فجاء ليحتلنا، ويفرض علينا نظمه، ويقهر قدرتنا على العودة لديننا؟! ماذا لو تطوَّرت أسلحته، وهذا أمر طبيعي، مادام يتطوَّر تكنولوجياً؛ في حين نتفرغ نحن للعبادة، فأصبح قادراً على سحقنا؟!.. ماذا؟!.. وماذا؟!... ومليون ماذا؟!... ألم يفكَّر صاحب هذا الرد لحظة واحدة فيما قال؟!... هل دفعه الحماس الأعمى، والكبرياء الزائف، والعناد العجيب، على قول أمر بالغ الحماقة إلى هذا الحد؟!..
وهل رأيتم ما الذي يمكن أن يوصل إليه انعدام التفكير؟!.. إلى الحماقة..... والجهل.... والعناد.... ثم الضعف.... والهزيمة... والانهيار...
لم أفهم أبداً لماذا يتعامل العديدون بهذا الأسلوب؟!... ولكنني واصلت الكتابة... وسأواصل طرح أفكاري، والدعوة لإعمال العقل والتفكير، مادام في صدري نفس يتردَّد... وسيظل أصحاب هذا الفكر المغلق يهاجمونني.... ويحاولون إحباطي... وإخراسي... وقهر أفكاري... ووسيلتهم في هذا حمقاء كأساليبهم....
التكفير.... فكرهم المنغلق، جعلهم يستخدمون هذا الاتهام دوماً، كلما واجههم فكر ما... أو رأي ما.... أو عقل ما.... والمؤسف أنهم يجدون دوماً من يستمع إليهم.... ومن يغلق عقله، ويرضخ لهم.... ومن يتقمَّص شخصية ببغاء بشرى، يردد فقط ما يسمعه، دون أن يفكَّر فيه لحظة واحدة... ولكنني، وعلى الرغم من هذا، مازلت متفائلاً بالمستقبل... هذا لأن ما يحدث هنا ليس بجديد.... لقد مرَّت به دول عديدة، في عصور مختلفة... مرَّت به.... وعانت منه.... وتعذبت بسببه... ثم قاومت.... وتجاوزت... وخرجت للحضارة....
وحتى في هذه النقطة، ستجد من يتشنَّج، ويقاتل في استماتة، ليثبت لك أنهم غير متحضرين... سيقاتل في شراسة وعنف، لأنه في الواقع يقاتل دفاعاً عن نفسه، وعن كيانه... فلو أنه اعترف بأنهم متحضرين، فسيعنى هذا أنه متخلف.... وهذا ما يرفضه... بمنتهى العنف.... والشراسة.... العصبية.. وأحياناً.... الوحشية.. وهو لا يتصور لحظة واحدة، أن عناده هذا هو عائق جديد أمام تطوَّره، وقدرته على اللحاق بركب الحضارة والتقدم... وأنه بهذا يخالف الأمر المباشر لخالقه عزَّ وجلَّ.... الأمر بأن نعد لهم ما استطعنا من قوة، ومن رباط الخيل... فلا توجد قوة بدون علم... ومعرفة... وتكنولوجيا.... وعقول متطوَّرة... ونظرة واسعة حرة للمستقبل.... وهو ما يخشى أصحاب العقول المغلقة الاقتراب منهم؛ لأنهم في أعماقهم مبهورون بالتطور، عاجزين عن بلوغه...
يستخدمون شبكة الإنترنت، لنشر غضبهم من الغرب، على الرغم من أن الغرب نفسه هو الذي اخترع الإنترنت... والذي يعمل على استمرارها.... يحاربونه وينسفون أفراده، بقنابل اخترعها هو، ورصاصات يصنعها هو، عبر أسلحة ابتكرتها عقوله!!... يتعلمون كيف يصنعون أسلحتهم، من كتب وضعها علماؤه، عن أبحاث قام بها أبناؤه.... كل هذا، ولا يدركون أهمية العلم.... لا يدركون أهمية العقل والفكر.... العقل الذي يبدع... ويبتكر.... ويخترع... ويصنع... ويطوّر.... ثم يسيطر.... وكل هذا يبدأ بالتفكير.... والعقل، و... وللحديث بقية..