أكد الدكتور محمد البرادعي -مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق- أن الشباب هم من قاموا بثورة 25 يناير وليس أي شخص آخر، كما أن الشعب المصري انضم لهم بعد ذلك. وقال البرادعي في حوار مطول مع برنامج "آخر النهار" على قناة النهار اليوم (السبت): "طالبت عقب الثورة مباشرة أن يتصدر الشباب المشهد لأنهم المستقبل؛ لكنهم طالبوني بالتواجد معهم". وأضاف: "رأيت كل شيء يسير في الاتجاه المعاكس، والمجلس العسكري قام بإجهاض حلم الشباب، واقتصر دورهم فقط على 5 أفراد داخل البرلمان، والباقي تمّ دهسه بالدبابات". وأرجع البرادعي قرار انسحابه من الترشح لرئاسة الجمهورية إلى التزييف الموجود حاليا، وعدم تغير الوضع بعد الثورة عن النظام السابق. وأوضح مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق: "فضلت العمل بضمير ورؤية كما كنت قبل الثورة، ومساعدة الشباب من خارج النظام المزيف الذي يحكم البلاد". وتساءل البرادعي: "كيف أدخل الانتخابات الرئاسية وأنا لا أعرف دوري؟ ولا يمكن لأي رئيس أن يحكم بالإعلان الدستوري المشوه الذي تمّ الاستفتاء عليه العام الماضي في مشهد لا يمت للديمقراطية بصلة". ورفض المصري الحائز على جائزة نوبل الاتهامات التي وجهت له بتخليه عن المواطنين بعد انسحابه من سباق الرئاسة، مؤكدا أنه يفضل العمل بعيدا عن النظام المزيف. وقارن البرادعي بين استقبال المواطنين للمجلس العسكري في بداية الثورة والوقت الحالي: "الناس هتفت للجيش في البداية، وكان الوضع مبشرا والجميع متفائلا؛ لكن في الوقت الحالي الوضع تغير وأصبح الشعب غير راضٍ عن أداء المجلس". وبسؤاله عن تعامل المجلس مع الأمور الحالية بتلك الطريقة، أجاب: "أعضاء المجلس العسكري ليس لديهم خبر بالحياة السياسية؛ لكني اقترحت عليهم إنشاء مجلس تأسيسي في بداية الأمر مكوّن من مدنيين؛ لكنهم رفضوا وتمسكوا بإدارة البلاد في المرحلة الانتقالية". وأردف: "المجلس اعتمد على مستشاري نظام مبارك في إدارة البلاد؛ وهو ما أدى للوضع الحالي، كما أنهم رفضوا الاستماع لنصائح الآخرين". وأشاد المرشح المنسحب من سباق الترشح للرئاسة بدستور عام 1954، مؤكدا أنه من أعظم الدساتير التي كتبت في تاريخ مصر، كما أنه أشار إلى أن كتابة دستور في الوقت الحالي أمر صعب للغاية؛ لأن كتابته تحتاج لعام على الأقل. وانتقل البرادعي للحديث عن المشكلات التي تواجه المجتمع المصري: "من تحدث عن العشوائيات الموجودة بمصر والتي لا تمت بأي صلة بالإنسانية، ولم يتطرق لمشكلة البطالة التي تواجه نحو 6 ملايين شاب". وأبدى البرادعي موافقته المبدئية على أن يكون هناك جزء من الخصوصية في معالجة الجيش لميزانيته أو خطط تطويره؛ لكنه شدّد على أن المؤسسة العسكرية ستكون جزءا من السلطة التنفيذية وتخضع للرقابة. وعن اعتراف المجلس بثورة 25 يناير، قال: "لا أعتقد أن يكون المجلس قد فهم معنى الثورة، ويجب عليهم التأكد أن المرحلة الحالية ستنتهي، وأن الشباب سينتصر في النهاية". وأكمل: "المجلس غير قادر على مواجهة الداخلية وتطهيرها، وعندما ذهبت للإدلاء بصوتي في استفتاء الدستور بالمقطم تمّ الاعتداء عليّ دون تدخل من الداخلية لحمايتي". وشدّد البرادعي على أن دخوله سباق انتخابات الرئاسة لا للفوز بالمنصب؛ بل كي يعلم الناس كيف تفكر وتغير من أوضاعها، بالرغم من علمه بوجود عوائق كثيرة ستمنعه من ذلك. وتعجب المصري الحائز على جائزة نوبل من نقل الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك لمقر محاكمته بالطائرة: "هل يعقل أن يتم نقل مبارك بالطائرة التي تكلف الدولة أمولا كثيرة، ولا تهتم الحكومة بالمواطنين". وحذّر البرادعي المجلس العسكري من تطور رد فعل الشباب من التصرف السلمي إلى التصرف العدواني؛ بسبب أفعال المؤسسة العسكرية؛ لكن أكد أنه لم ولن يحرض أحدا ضد المجلس. وطالب مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق المجلس العسكري بضرورة إنشاء مجلس تأسيسي، وانتخاب رئيس مؤقت، ثم وضع دستور على أن يُعاد انتخاب مجلسي الشعب والشورى والرئيس عقب وضع الدستور. وعن علاقته بالإخوان المسلمين، قال: "علاقتي بهم جيدة وسبق وأن اجتمعنا قبل الثورة عند تأسيس الجمعية الوطنية للتغيير عام 2009". وأكمل: "لو لديهم خطة نهضوية للبلاد ونجحوا في تنفيذها سأكون أول المهنئين لهم؛ لكنني أطالبهم بلم الشمل والتحالف مع كل القوى الأخرى؛ حتى تعبر مصر لبر الأمان". وبرر البرادعي عدم نزوله لميدان التحرير في الفترة الماضية لاعتبارات أمنية، مشيرا إلى أنه يسير بحراسة شخصية، كما أنه يعلم بأن هاتفه مراقب منذ أكثر من 15 سنة. وكشف المرشح المنسحب من سباق الرئاسة عن مفاجأة كبرى؛ عندما أكد أنه طلب من نبيل العربي -أمين عام الجامعة العربية- بالموافقة على الترشح لمنصب رئيس الجمهورية حال حدث توافق شعبي عليه. وكانت قد ترددت أنباء عن اتفاق الإخوان المسلمين وبعض القوى السياسية عن دعم نبيل العربي في سباق الرئاسة كمرشح توافقي لكل طوائف الشعب. وعن تقبيله للممثلة العالمية أنجلينا جولي في مؤتمر السينما: "ما فعلته كان طبيعيا، واعتدت عليه منذ 50 عاما، وهذا أسلوبي في الحياة". وأرجع البرادعي هجوم العديد من المنتمين للنظام السابق وبعض السياسيين في الوقت الحالي إلى خوفهم منهم: "هم يهاجمونني لأنهم خائفون مني؛ لأنني أرغب في مصحلة مصر، وهم يريدون مصلحتهم الشخصية فقط". وأضاف: "قبولي عرض ترأس لجنة التحكيم في المهرجان السينمائي جاء من منطلق حرصي على التواجد الدولي لمصر؛ خاصة أن هذه الدعوة كانت تٌعد تكريما لمصر وللثورة". وأبدى المرشح المنسحب من سباق انتخابات الرئاسة خوفه من تصرفات التيارات الإسلامية، مشيرا إلى عصر الخمسينيات الذي كان يتعايش فيه جميع المصريين بسلام دون النظر لدينهم. وفي سياق آخر، تساءل البرادعي كيف يكون أحمد شفيق -رئيس وزراء مصر الأسبق- هو مرشح رئاسة مصر ما بعد الثورة؟ وأردف: "حينما تولى شفيق رئاسة الوزراء قال في وسائل الإعلام إن جهات الأمن تلاحقني بسبب تقديمي وجبة غذاء لبعض الشباب المتواجدين في ميدان التحرير". وأكمل: "أريد أن يكون الرئيس المقبل معبرا عن الثورة، وبعض المرشحين الحاليين لا يمكن أن يكونوا رؤساء لمصر". وأعلن البرادعي عن تأسيسه لجمعية تضم القيادات والشخصيات العامة لتقود شباب الثورة خلال الانتخابات المقبلة. وأعرب مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق عن عدم رضاه عن أداء نواب مجلس الشعب، مشيرا إلى أنهم ما زالوا يتقبلون تبريرات الأيادي الخفية والطرف الثالث. وعن مسألة الخروج الآمن للمجلس العسكري، قال: "على المجلس أن يعترف بأخطائه ويصلحها، وبعدها سنقول لهم شكرا على ما أنجزتم". وبسؤاله عن موقفه من تشكيل الإخوان لحكومة إنقاذ، أجاب: "ليس لديّ أي مشكلة؛ بل إن من حقهم تشكيل الحكومة؛ خاصة أن الأغلبية والشارع وافقوا على تواجدهم؛ لكن عليهم التعاون مع باقي القوى". ورفض البرادعي في نهاية حواره الرد على الانتقادات التي توجه له بأنه السبب في تدمير العراق، مكتفيا بالقول: "على الجميع أن يراجع الصحف المصرية عام 2009، ويكفيني فخرا وقوفي في وجه أمريكا".