"هو وهي".. خرج أحدهما من ضلع الآخر، فهم في الأصل شريكان في طريق مالهوش آخر، ولكنهما رغم كل ما سلف لا يكفان عن التناحر.. ناقر ونقير.. ثنائي بحق مفزع وخطير. "هو وهي".. طرفا المعادلة الثنائية، معادلة لا حل لها، وإجابتها دائما غير منطقية، وشعارهما دائما: "نعم للخناق ولا للاتفاق"!!
عشان كده قررنا نطرح حلول لمشاكلهم المستعصية، حتى تصبح الحياة مية مية، كل أسبوع مشكلة وحلها بكل وضوح، من غير ما "هي" كرامتها تتهان، ولا "هو" يحس إنه مجروح.
*****************************
الأم: يا بنتي.. ربنا يهديكي إيه عيب ياسر بس، ده شاب زي الفل، ومامته تتحط ع الجرح يطيب، هو إنتي خلاص عجبتك قعدتك دي قدام الكمبيوتر وهتتجوزيه ولا إيه؟!! أنا مش عارفة يا ربي أقنعك إزاي وعايزاه يعمل إيه؟!
رانيا: هو خلاص مابقاش في إيده حاجة يعملها، وأنا مش ممكن أوافق عليه ولو أجمل وأغنى وأذكى راجل في الدنيا، ده يا ماما عمره ما نزل التحرير، ولا خد رصاصة هنا ولا هنا ولا شم ريحة الدخان إلا من على بعد 20 كيلو، وكل فكرته عن المظاهرات لا تتعدى اللي بيقراه في الصحف والمجلات.. ده يبقى بني آدم ده؟؟!
الأم: يا بنتي.. ما هو قال لك إن مامته هددته لو نزل هتنزل هي كمان؛ علشان هي مش هتقدر تشوفه وهو بيجرى له حاجة، وكمان كان واجب عليه يدافع عنها ويقعد معاها، خاصة أيام البلطجة يعني كان يسيبها لوحدها؟!
رانيا: يعني هم الشباب اللي ماتوا مالهمش أمهات بيخافوا عليهم وهيموتوا دلوقتي لما فقدوهم؟
الأم: دول نصيبهم كده، وكانوا هيموتوا حتى لو في بيوتهم وبيدافعوا عن أهلهم ضد رصاص بلطجي ولا سكينة شبّيح، وبعدين دول إن شاء الله محسوبين عند ربنا شهداء، وإن شاء الله جزاء ربنا لأهلهم ورحمته بيهم هتكون كبيرة، وبعدين الولد من المؤيدين لكل التظاهرات والمليونيات حتى العيال اللي كانت عند مجلس الوزراء واللي ناس كتير كرهت عمايلهم.
رانيا: برضه ماليش دعوة، أنا مش ممكن أتجوزه يا ناس ده مالهوش في التحرير، يعني من الآخر واحد خواف، وشايل هم رصاصة ولا قنبلة مسيلة للدموع.. رجالة آخر زمن!!
طبعا فيه بنات كتير بتقرانا دلوقتي مش هتستغرب موقف رانيا وبالعكس بتشجعها عليه، فبعد ما كتير مننا كبنات كان بيقول إن الرجالة خلصت في حرب أكتوبر ظهر من العدم وجود رجالة في مصر، وكمان من اللي كانت سمعتهم سبقاهم إنهم "عيال فيس بوكية" و"بسلسلة ولبانة"؛ يعني من اللي آخرهم يلعبوا فيفا وكل فكرتهم عن الشمس هي إنهم يستمتعوا بيها ع البحر وهم بيعملوا "تان".
ولذلك فيه بنات كتير ربطت فكرة الرجولة والشجاعة وفارس الأحلام الهمام اللي بييجي على حصانه الأبيض بثورة يناير وتظاهرات ومليونيات التحرير، وبقت عندهم الرجولة والشجاعة مرتبطة باللي خسره الشاب في الثورة، وشارك بكام عضلة، وفقد كام لتر دم، وحتى اللي شارك وماقعدش يوم على الأقل في المستشفى ممكن ده في نظر بعضهم مايكونش كافي للشعور معه بالأمان.. فكيف وهو خائن لدم الشهيد؟
وده طبعا غير صحيح؛ وقد أخبرنا ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم حين جاءه رجل أراد الذهاب للجهاد لينال الجنة؛ فسأله ألك أم؟ فأجاب الرجل: نعم، فقال له سيدنا ورسولنا: "الزم قدمها فثم الجنة". وهذا يوافق القول الشائع الذي يظن البعض أنه حديث: "الجنة تحت أقدام الأمهات".
أي أن المكوث مع الأم حتى أيام الجهاد ليس من الجبن وليس من سمات الهروب من الميدان أو الرهبة من الموت بل هو أفضل، وفي أشد أيام الغزوات وأكثرها قسوة كان الرسول عليه الصلاة والسلام والصحابة من بعده يتركون في البلاد من ينشر الدعوة، فلم يكن الرجال كلهم يشتركون في الغزوة؛ حتى لو كان منهم شباب يستطيعون حمل السلاح.
ولنا في التاريخ الإسلامي نماذج عظيمة لرجال اشتركوا في الحروب وفتحوا الطريق ثم اتجهوا للدعوة وللتعبد، وليس سيدنا عقبة بن نافع رضي الله عنه ولا سيدنا عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه بالأمثلة الوحيدة في هذا الشأن.
لذلك تهمة الخيانة والجبن والتقهقر والسلبية اللي بقت تهمة جاهزة يلصقها البعض بكل من لم يشارك في التظاهرات ليست من الدين في شيء، وليست من الصفات التي وصانا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أن تكون موجودة في من يتقدم للخطبة؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه"؛ فإذا كنا سنتفرغ لإلقاء التهم جزافا على بعضنا البعض فلن نتقدم أبدا، وسنظل كل عام نتساءل لماذا لم تحقق الثورة أهدافها!!
لذلك لكل "هي" بتقرانا دلوقتي هل أولوياتك اتغيرت وأصبح كل همك في زوج المستقبل أن يكون من ثوّار التحرير؟؟ أم ستحكمي عليه بأفكاره وخلقه ومستواه المادي والاجتماعي مناسبا أو غير مناسب؟؟!
في انتظار آرائكم وتجاربكم
اقرأ أيضا هو وهي: خطيبته وأنا حرة.. مش هاسيبه يروح الثورة