من أجمل ما سمعت من يوم قيام ثورة 25 يناير، أن جمعة 16 ديسمبر هي جمعة موجهة لكل الشعب المصري بجميع فئاته؛ رجالا ونساء، أطفالا وشيوخا، مسلمين ومسيحيين، أحزابا وأفرادا وجماعات؛ هذه الجمعة خُصصت لشراء المنتجات المصرية أيا كانت. الحملة المخصصة لشراء المنتج المصري ليست مليونية في التحرير أو العباسية أو في أي ميدان من ميادين المحافظات المصرية؛ ولكنها لملايين المصريين الذين يقومون بشراء احتياجاتهم كل يوم، وهم ليسوا مليونا أو اثنين أو ثلاثة؛ بل ملايين من المصريين -على اختلاف فئاتهم- مطلوب منهم الهتاف بحب مصر؛ هتاف جماعي يشترك فيه جميع أبناء مصر.. إنه هتاف من نوع آخر، نوع جديد، نوع يساعد بلادنا على الوقوف على قدميها ورفع اقتصادها إلى أقصى درجة ممكنة؛ هذا الهتاف يجب أن يقترن بفعل، هو شراء احتياجاتهم -أيا كانت- من المنتجات المصرية وليس من منتج آخر لأي دولة أخرى غير مصر. ومع أني قد سعدت بشدة بهذا الخبر؛ فإن لديّ رأيا آخر؛ فلما ننتظر إلى جمعة 16 ديسمبر حتى نبدأ شراء المنتجات المصرية؟ ولماذا نُلقي بثقل الحملة على يوم واحد ثم يفتر الأمر بعد ذلك؟ لِمَ لا نبدؤها من اليوم، من الساعة، من الدقيقة؛ بل من الثانية الحالية؟ وندعمها كل يوم لتستمر وتصبح عادة لدى المصريين. إذا كنت قد قررت شراء ملابس، أحذية، سجاد، طعام، أثاث، حلوى، لعب للأطفال، أو أي شيء.. أي شيء قررت شراءه، ابدأ من الآن، واشترِ منتج بلدك. إذا كانت ربة البيت قد بدأت في الإعداد لتجهيز ابنتها؛ فلتحاول أن تكون أول سيدة مصرية تقوم بشراء جهاز ابنتها بكل ما فيه من إبرة الخياطة وحتى الأثاث من منتجات بلدنا، وتكون قد رفعت قيمة بلدها معنويا وكذلك اقتصاديا. يجب ألا نقول إن منتج بلادنا لا يزال ضعيفا وغير جيد؛ على العكس فإنني أرى كثيرا في المنتجات المصرية أفضل من المنتجات الأجنبية؛ خاصة الصينية التي اعتدناها برغم رداءتها، وهذه ليست مبالغة؛ فلا يعرف مقاسات المصريين في الملابس إلا المصريون، ولا يعرف أذواقهم في أنواع الطعام وفي كل شيء إلا المصريون أنفسهم؛ مهما حاول الأجنبي دراسة السوق وعمل الأفضل. وحتى على فرض أن المنتج المصري لا يزال ضعيفا -وهذا ما لا أعتقده أبدا لأنه يوجد منتجات كثيرة محلية أفضل بكثير من المنتجات الأجنبية- فمصرنا تستحق منا أن نشجعها ونشجع منتجاتها حتى تضاهي المنتجات الأجنبية؛ بل وتتفوق عليها؛ فمصر بها كل المقومات التي تجعلها من أفضل المنتجين في العالم.. وإن كنا نريد أن ندعم ثورتنا وبلادنا؛ فهذه إحدى الوسائل العملية التي لا يختلف عليها اثنان. مصر يتوفر بها الكثير من المواد الخام التي في أحيان كثيرة تكون أفضل من الخامات الأجنبية؛ كالقطن المصري الذي يتغزل بجودته العالم أجمع وتوفر صناعته الأيدي العاملة الجيدة.. ولهذا فلنشجع موادنا الخام ولنعطِ فرصة لأيادينا العاملة لتجد عملا. إذا كنا نقبل منتجات أجنبية ليست على جودة عالية، ونرفع منتجات بلاد أخرى ليست جيدة على حساب منتجاتنا؛ فلِمَ لا نقبل منتجاتنا حتى وإن كانت بجودة متوسطة؛ وبذلك نرفعها فترتفع جودتها معنا حتى تصير على أعلى مستوى. لِمَ لا يكون هذا شعارنا من اليوم وإلى الأبد؛ بدلا من أن يكون يوم جمعة واحدة وتنتهي؟ لِمَ لا نرفع هذا الشعار حتى تصل منتجاتنا إلى الخارج أيضا؛ بل دعونا نقول إن يوم الجمعة هذا مجرد رمز لحملة قد بدأت منذ اللحظة بالفعل، ونقول: يوم جمعة من أجل مصر أبتاع المنتجات المصرية في كل مكان؛ حتى نساعد مصر في مرحلة حرجة. ونتمنى أن تقوم جميع المتاجر والتجار بعمل تخفيض -ولو بسيط- يشجّع المشتري على الشراء؛ حتى ولو كان هذا التخفيض رمزيا. لنهتف جميعا في صوت واحد: "من أجل مصر اشترِ منتج مصر"، أو كما تعوّدنا في هذه الأيام: "الشعب يريد المنتج المصري".