السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أنا شاب عندي 22 سنة، باشتغل في شركة ملابس في العاشر من رمضان، بتضمّ الجنسين شباب وبنات، أنا مرتبط بواحدة زميلتي في الشركة، وهي على خُلق عظيم جدا، وعندي مشكلة مش عارف أحلها إزاي؛ أنا فكاهي جدا، وبحب أضحك مع كل الناس، ووسيم شوية، المشكلة إني أجمل من الفتاة التي ارتبطت بها، وهي أيضا جميلة، لكني أزيد عنها، وكتير من البنات بيقولوا لي أنتَ أجمل منها وظريف أيضا لِمَا لا ترتبط بإنسانة جميلة أيضا؟!! ودائما ما يُلمّحوا لي بإعجابهم المتزايد؛ حتى إنهم أحيانا يُحاولون التفرقة بيني وبينها ولا أعرف ماذا أفعل؟!!
IC
صديقنا العزيز... الله عزّ وجلّ أنعم علينا بنعم كثيرة، لكننا بضعفنا البشري قد نسيء فهمها؛ فتُؤدّي إلى فشلنا في الاختبار الذي وضعه لنا الله؛ فابتلاء العطاء قد يفتن صاحبه ويُدمّر حياته، قال تعالى: {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً}.
وأنتَ يا صديقنا قد أنعم الله عليكَ نعمة الوسامة والشخصية المحبوبة المرحة، ربما تميّزت بها عن الآخرين، ولكن الله لا يظلم أحدا {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ}، فكما أعطاك هذه النعم خصّ الآخرين بنعم أخرى قد تفتقر أنتَ إليها، لتكتمل في النهاية منظومة الحياة.
وكذلك فإن الجمال أيضا والقبول شيء نسبي؛ فإذا كنتَ تتمتع بصفة الجاذبية في عيون البعض، قد لا ينجذب إليك البعض الآخر، ومهما عَلِيَ سَقفُ الجمال فستجد للعيون تفضيلات أخرى، ولولا اختلاف الأذواق لبارت السلع.
ولكننا نخشى عليكَ أن يتزايد تفكيرك مِن هذه الزاوية؛ فيزداد إعجابك بنفسكَ، وتتشكَّل لديك حالة من عدم الرضا وتتطلّع إلى المزيد، فإذا حاولت البحث عن أجمل فتاة فسوف تجد حتما مَن هي أجمل منها فلن تجد حدودا للجمال، ولن تجد فتاة تحمل كل الصفات بكمالها لأننا بشر، وبالتالي سيظلّ الصراع بداخلك يُؤلمك ولن يُرضيك شيء، ورُبّ شخص آخر لا يملك ما تملكه أنت من جاذبية، ولكنه عاش حياته سعيدا مطمئنا بشريكة حياته، ولا يزعج نفسه بالطمع في أفضل منها في أي شيء؛ لأنه رضي بها كما هي بسروره لرؤيتها، وعِشرتها الطيبة، وحنان قلبها، وإرضائها لله وطاعتها لزوجها.
وهذه هي الأمور التي تقوم عليها الحياة الزوجية؛ لأن الشكل مهما بلغ جماله سوف تعتاده، ويُصبح بالنسبة إليك شيء عادي جدا، وربما مللته إذا لم يصحبه الشخصية الجميلة من الداخل، والتي ستضيء لك الملامح الخارجية.
فهل أنتَ على استعداد للتضحية بالفتاة التي رضيت عن شكلها وعن أخلاقها العظيمة جدا؛ حسب قولك، وارتبطَتْ هي بكَ ورضيَتْ بك بحسناتك وعيوبك لتبحث أنتَ عن الجمال الخارجي -مجرد قشرة خارجية- ربما كان وجودها نقمة عليكَ وعلى حياتك، ولم تكن الفتاة التي ضحيت لأجلها بفتاة أخرى على دين وخلق تحمل شيئا من صفات فتاتك الرائعة، وربما كان جمالها الذي اخترته لأجله جعلها تشعر دوما بتفضّلها عليك أو طالبتك بتقديم لها ما يمكن أن يشعرها بهذا الجمال، وقد تتمرّد عليك وترغب في التفكير بآخر.
ثم ما هو رأيك في طبيعة شخصية فتيات يسعين خلف إعجابهن برجل داهسين بأقدامهن كرامتهن وكبريائهن وخجلهن الفطري الذي مِن المفترض أن يكون مخلوقا بداخلهن، وليس هذا فقط بل يصل بهن الحسد والحقد إلى محاولة التفريق بين اثنين مستغلين -مع الأسف- إعجابكَ بنفسك، وآذانك المصغية لهن، ولمدى تأثيرهن عليك.
صديقنا... الجمال كما أخبرتك قد يكون فيه شقاء إذا أعمى الإنسان عن منهج الله الذي وصفه لنا ليحمينا من ضعفنا البشري الذي يمكن أن يُؤذينا إذا استسلمنا إليه، وبحرنا في ظلمات أنفسنا تاركين نور الله ووصية الرسول التي وضح فيها اختيار الزوجة الصالحة: "تنكح المرأة لأربع: لجمالها، ولمالها، ونسبها، ولدينها؛ فاظفر بذات الدين تربت يداك".
وسيتضح لك هذا الأمر أكثر مع نضوجك في العمر وتجارب الحياة وخبرات من حولك وربما آلامهم، وفقك الله في اختيار الزوجة الصالحة.