عاشت بغداد يوم الأحد 26 أكتوبر وضعا أمنيا سيئا للغاية على خلفية انفجار شاحنتين مفخختين استهدفتا مبنى وزارة العدل ومجلس ومحافظة بغداد، حيث أدى الانفجاران إلى سقوط المئات بين قتيل وجريح في ثاني تفجير من نوعه بعد تفجيرات وزارتي الخارجية والمالية في 19 أغسطس الماضي. وأعلنت محافظة بغداد الحداد الرسمي وتنكيس الأعلام العراقية لمدة ثلاثة أيام وإيقاف العمل في الدوائر الحكومية حدادا على هذه الحادثة الأليمة. وكانت مصادر طبية عراقية وشهود عيان قد ذكروا أن حصيلة انفجاري بغداد ارتفعت إلى أكثر من 85 قتيلا وأكثر من 750 جريحا بينهم عدد كبير من رجال الأجهزة الأمنية. وذكر صلاح عبد الرزاق وهو من المقربين من رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي "أن الانفجارالذي استهدف مجلس المحافظة ألحق أضرارا كبيرة بالمبنى، وقد سقط عدد من الموظفين بين شهيد وجريح". وأضاف أن "البعثيين والجماعات الإرهابية تقف وراء هذه الانفجارات المدوية لأنهم يريدون الانتقام من الشعب العراقي". وقد زار رئيس الحكومة العراقية -محاطا بالعشرات من أفراد حمايته ومساعديه في الحكومة- موقع الانفجارين. وتأتي هذه الانفجارات متزامنة مع الاستعداد لعقد اجتماع يضم قادة البلاد وأعضاء في البرلمان العراقي داخل المنطقة الخضراء عصر يوم الأحد لحل إشكالية كركوك وقانون الانتخابات العراقية التشريعية، فضلا عن مطالب عراقية من الأممالمتحدة لتسمية موظف أممي للتحقيق في جرائم الانفجارات التي هزت وزارتي الخارجية والمالية في 19 أغسطس الماضي، حيث وجهت الاتهامات إلى سوريا في إيواء بعثيين متورطين في هذه الانفجارات. وأفاد مسئول عراقي بأن الانفجارات التي وقعت اليوم في حي الصالحية تمت باستخدام شاحنة مفخخة محملة بأطنان من المواد المتفجرة أمام وزارة العدل، وهي ذات الوسيلة التي استخدمت في تفجيرات أغسطس الماضي والتي أوقعت المئات بين قتيل وجريح، بينما تم الانفجار الثاني بواسطة سيارة مفخخة قرب مجلس محافظة بغداد. وقال اللواء عبد الرسول الزيدي قائد فرق الدفاع المدني في بغداد "إن الانفجار الذي استهدف أولا وزارة العدل تم باستخدام شاحنة مفخخة يقودها انتحاري تحمل أطنانا من المتفجرات، مما تسبب في اندلاع حرائق في المبنى وانهيار أجزاء منه ووقوع ضحايا وإصابات، والثاني بسيارة مفخخة قرب مبنى مجلس محافظة بغداد". وقد وقع الانفجاران بفارق زمني قصير وفي منطقة تشهد إجراءات أمنية مشددة وانتشار كثيف لأجهزة الشرطة وقوات الجيش العراقي وفرق الحماية الأخرى، وعلى مسافة حوالي 500 متر من مبنى وزارة الخارجية التي تعرضت لانفجار مماثل في 19 أغسطس وفي مكان يضم مباني مهمة منها مقر تلفزيون (العراقية) الحكومي ومكاتب عدد كبير من شركات السياحة والسفر وفندق المنصور. وذكر مسئولون عراقيون أن وقوع هذه الانفجارات يعكس أن هناك خللا كبيرا واختراقات في الأجهزة الأمنية والعسكرية لأن الانفجارات تمت بذات الطريقة التي تمت بها انفجارات 19 أغسطس الماضي وفي منطقة أمنية محصنة. وقال اللواء قاسم عطا المتحدث العسكري العراقي إن السلطات العراقية تجري حاليا تحقيقا في الحادث وستتم محاسبة المقصرين وستأخذ كل الاحتمالات على الرغم من أننا نعتقد أن هذه الانفجارات تمت بنفس الأيدي التي نفذت انفجارات أغسطس الماضي". وأضاف عطا أن "المعركة مع الإرهابيين مازالت متواصلة لأنهم يريدون العودة بنا إلى المربع الأول، وهذا لن يحصل".
ووصف مصور عراقي الانفجارين بأنهما "نسخة ثانية من الانفجارات التي هزت وزارتي الخارجية والمالية في 19 أغسطس الماضي". وقال حبيب اللامي، وهو مصور يعمل في فندق المنصور الذي يقع قبالة مبنى مجلس محافظة بغداد، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): "لقد كان الانفجاران مدمرين للغاية حتى أن أشلاء الجثث تناثرت لمسافات، واحترق عدد كبير من الأشخاص بداخل السيارات التي التهمتها النيران فضلا عن سقوط جانب من الجدار الأسمنتي الذي يحد المبنيين". وأضاف: "ليس من السهل تحديد عدد الضحايا لأنه من الصعب إعطاء أرقام دقيقة خاصة وأن بعض الجثث تناثرت وأخرى احترقت". و قالت الصحفية إيمان عبد الحسن التي تعمل في دائرة إعلام مجلس محافظة بغداد في اتصال هاتفي مع (د.ب.أ) إن "الانفجار الذي استهدف مجلس المحافظة كان مهولا وغالبية الشهداء من رجال الحماية والمراجعين من العوائل الفقيرة والمتضررين من جراء أعمال العنف والمهجرين". وأضافت قائلة: "أشعر بحالة من الذعر والخوف لأن أصوات الانفجارات كانت مرعبة، وأثارت جوا من الرعب داخل المبنى". ويعتقد عراقيون أن هذه الانفجارات ستتواصل مع قرب إجراء الانتخابات العامة البرلمانية التي ستجرى منتصف يناير القادم؛ مما يستدعى اتخاذ إجراءات أمنية مشددة من قبل الحكومة العراقية لمنع وقوعها.