كل عام وأنتم بألف خير، نهنئكم بحلول شهر رمضان المبارك أعاده الله عليكم بالخير واليُمن والبركات، آثرت أن أهنئكم بهذه "الاسطمبة" الثابتة من التهنئة التي دائماً ما كانت ترددها مذيعة الربط على القناة الأولى قبل الإفطار، وذلك في محاولة يائسة مني لإعادتكم مرة أخرى للأجواء الرمضانية التي ذهبت ولم تعُدْ، وفي مقولة أخرى أكثر تشاؤماً، ذهبت ولن تعود. وبما أننا في بداية الشهر الكريم، وعايزين نبتدي على نظافة، ونكمل على المنوال ذاته، ولأن مسبّبات كسر الصيام في مصر أكثر بكثير من وسائل الحفاظ عليه، فإليك "مانيوال" سريع بالطرق المثلى للوصول لصيام سليم من بداية النهار وحتى آخره.
في كثير من الأحيان يكون لدى بعض السيدات شيء ما أسميه أنا هَوَس التحرّش فتتعامل مع أي رجل وكأنه ذئب بشري مترو الأنفاق مترو الأنفاق واحد من الأماكن الواجب عليك أن ترفع فيها من درجة استعدادك للدفاع عن صيامك بمجرد اقترابك من بواباته الحديدية، وإذا حدث وأطلقت ماكينة الدخول صافرة الإنذار اعتراضاً على تذكرتك التي اشتريتها لتوّك، فلا تحاول مجرد المحاولة أن تُزعج موظف الأمن المسئول عن مراقبة هذه الماكينات، وتستهلك من مجهوده وتجعله يبرح مكانه حتى يأتي ليتفضل على جلالتك بالمساعدة؛ فإما يصوم يا إما يساعدك!.. على أية حال اكتفِ بالنظر إليه وسيكتفي هو بالنظر إليك نظرة مفادها أن تعبر من الماكينة الأخيرة حيث لا صفافير ولا زمامير. المعركة الكبرى والجهاد الأكبر للدفاع عن الصيام يكون -بحقٍ- داخل المترو نفسه؛ حيث التلاحم البشري الحميمي غير العادي، حيث يتشارك المواطنون في حبّات عرقهم المتساقطة وروائحهم المنبعثة من قمصان وبلوزات اعتصرها الحر اعتصاراً.. وعليه؛ إياكَ أن تفكر مجرد التفكير وأنت بالداخل أن تتأفف من أي شخص قرّر من تلقاء نفسه أن يجعلك تستكشف العالم السري الخفي أسفل إبطه، ووضَع رأسك كما هي داخل فتحة قميصه المؤدّية لسرداب إبطه.. تحمّل وأنت ساكت وإلا يبقى عملت بالضبط ما يريده.. تقول لي وما الذي يريده؟ أقول لك الخناق يا صديقي العزيز.. سوف يشرع في الخناق معك بكل ما يملك من طاقة تبقّت له من سحور إمبارح، وسوف يصبّ عليك جام غضبه ولَعَنَاته من الحر والزحام والعطش والجوع والناس التي لا تقدّر مجهوده العظيم في تحمّل الصيام في هذا الحر؛ برغم أنه -ويا للعجب- هناك أشخاص في العالم ذاته يصومون مثله، وبالطبع لن تتوقف أمامه مكتوف اليدين، بل ستردّ عليه الصاع صاعين والشتيمة شتيمتين.. وسلم لي على الصيام. سائقو الميكروباصات هذا الاختبار هو الآخر أحد أكثر الاختبارات صعوبة بالنسبة لك في بداية اليوم، ألا وهو سائقو الميكروباصات، وحتى تتفادى أن تشتبك معهم في صدام يتطور إلى تشابك لفظي أو يدوي - بالتأكيد ستكون أنت الخاسر فيه في كل الحالات- وبالتالي ففي حال وجدته يسير بسرعة 120 في طريق لا يساعد على هذه السرعة على الإطلاق، أو وجدته مثلاً يترك الطريق المسفلت ليسير في طريق آخر متعرج وتزينه المطبات، متخيلاً نفسه سائقاً لسيارة لاند كروزر، أو حتى وجدته يرفع من صوت التسجيل لدرجة تصيبك أحياناً بالصمم المؤقت؛ فحاول "إنك تعمل من بنها" وتتجاهل ما يفعل، وإياك أن تسأله عما يفعل، أو غيرها من المداخلات التي تثير غضبه من نوعية "على مهلك شوية يا اسطى" أو "وطّي التسجيل حرام عليك"... إلخ؛ لأنك ساعتها ستكون قد ظلمت السيدة الوالدة والسيد الوالد لما سيلحق بهما من شتائم مش ظريفة بالمرة. غرفة مكيّفة بالتراب و"الكتمة" ومقاعد بالية، ومروحة مكتئبة تنعي حال الموظفين البائسين، ورجل غارق في عرقه، الذي تزحلقت فوقه النظارة الطبيّة واستقرت في طرف أنفه الستات في كثير من الأحيان يكون لدى بعض السيدات شيء ما أسميه أنا هَوَس التحرّش أو كما أسميه بالإنجليزية أيضاً harrassephopia فتتعامل مع أي رجل وكأنه ذئب بشري، وبالتالي لو حدث وصادف أن جلست بجوار سيدة ما بالميكروباص أو المترو، حاول على أن تحافظ على مسافة بينك وبينها لا تقل عن شبر ونصف حتى لو تطلّب الأمر أن تشاركها في ربع الكرسي فقط وليس نصفه، وإذا لم تفعل سوف تبدأ في سماع همهمات من نوعية: (أوووف، يااارب، هووووف، ممكن تبعد شوية، لو سمحت حاسب الجيبة، يا ستي إنتي لابسة بنطلون، بس ما تغيّرش الموضوع) ولو حدث وبدأ الشجار -وهو أمر غير مستحب- لأنه في النهاية قد أوصانا رسولنا الكريم "رفقاً بالقوارير"، سوف تجد أنك المخطئ، وسيجامل على حسابك الجميع، وستدخل في شجار مع الجميع ستفقد فيه صيامك غالباً. الموظفون أكبر مشكلة صيامية يمكن أن تقع فيها هو أن تضطر إلى قضاء مصلحة حكومية ما في شهر رمضان.. بالفعل لقد وقعت في شر أعمالك، ولنرَ سوياً ما يحدث عادة هناك.. غرفة مكيّفة بالتراب و"الكتمة" ومقاعد بالية، ومروحة مكتئبة تنعي حال الموظفين البائسين، ورجل غارق في عرقه، الذي تزحلقت فوقه النظارة الطبيّة واستقرت في طرف أنفه، وإن لم تستقر وحدها بل استقرت معها روحه لينطبق عليه القول المأثور "روحه في مناخيره"، ويا سلام لو كان الموظف بالأساس هو شخص مدخن؛ فأياً كان ما تطلبه منه ستكون الإجابة -بعد النفخ والتأفف- بكرة، وإذا أخبرته بأنك أتيت أمس وأن بكرة أصبح اليوم سوف يطلب منك طلبات تجعلك تنصرف وتأتي بكرة برضه، وإذا انفعلت عليه في الحديث يبقى وقعت في شر أعمالك، وقتها سوف يتطاول عليك بكل الأشكال التي تتخيلها أو لا تتخيلها، هو ومعه الموظفون الصائمون المدخّنون من أمثاله، وسيفرغ كل منهم غضبه فيك وفي شخصك، ولو حاولت إبداء أي ردّ فعل، فلترسل لي رسالة على موبايلي وقتها باسم القِسْم الذي تمّ حجزك فيه بتهمة التعدّي على موظف عام أثناء تأدية عمله.