أصدرت دار "الشروق" كتاباً جديداً بعنوان "أبي شوقي" للأستاذ حسين شوقي، نجل أمير الشعراء الراحل أحمد بك شوقي. الكتاب الذي يقع في 133 صفحة يقصّ تاريخ شوقي منذ ولادته عام 1868، وحتى وفاته عام 1932. ويعتبر أحمد شوقي أحد أعظم الشعراء على مرّ العصور، وُلد في مصر لأبٍ كردي من مدينة "السلمانية" وأمّ تركية، وكانت جدّته لأبيه شركسية وجدته لأمه يونانية. كانت والدته واحدة من المسئولات عن تربية الخديوي عباس حلمي الثاني؛ فنشأ شوقي بالقرب من الخديوي حينما كان طفلاً؛ مما جعل شوقي مقرّباً من الأسرة الحاكمة في مصر. وسافر لدراسة القانون في فرنسا على حساب الخديوي توفيق -والد الخديوي عباس حلمي الثاني- فمكث في فرنسا زهاء الثلاث سنوات، قبل أن يعود إلى مصر وينظِم الشعر في حال السياسة. ولم تصبر السلطات البريطانية على نضاله الأدبي طويلاً؛ فسارعت إلى نفيه إلى إسبانيا، بعد أن أصبحت أشعاره أناشيد تتغنى بها الحركة الوطنية المصرية، ويطرب لها الخديوي عباس حلمي الثاني. ذاق شوقي طعم الغربة في إسبانيا؛ ولكنه راح يستعيد وجه إسبانيا الأندلسي في أشعاره، حتى قال البعض إن الإنجليز قدموا خدمة جليلة للأدب العربي بنفي شوقي إلى إسبانيا حتى يبدع تلك الأشعار. عاد شوقي إلى مصر، وواصل أشعاره السياسية والدينية، إضافة إلى الشعر العاطفي الذي برع فيه، وفي عام 1927 اجتمع كافة شعراء عصره، وعلى رأسهم شاعر النيل حافظ إبراهيم من أجل إعلان اختيار أحمد بك شوقي أميراً للشعراء على مرّ العصور. وفي 23 أكتوبر 1932 رَحَل شوقي عن عالمنا، بعد أن أثرى المسرح الشعري بعدد من المسرحيات الخالدة، مثل "مصرع كليوباترا"، و"أميرة الأندلس" و"مجنون ليلي" وغيرهم. وفي عام 1947 فوجئ القراء بكتاب صغير الحجم يحمل عنواناً بالغ البساطة هو "أبي شوقي"، كتبه حسين شوقي ابن الشاعر الكبير، وهو أول كتاب يقدم ذلك الجانب الذي لا نعرفه عن شوقي الأب والإنسان، وتوارى الكتاب عن الأنظار حتى صدرت طبعته الثانية على يد الراحل الكبير الأستاذ رجاء النقاش في سلسلة الذاكرة الأدبية عن هيئة قصور الثقافة المصرية منذ بضعة سنوات، وتعتبر طبعة دار الشروق هي الطبعة الثالثة من الكتاب. يقول الشاعر الكبير خليل مطران في تقديمه لهذا الكتاب: كان شوقي -وقد أحب بنيه كما أحبهم- جديراً بأن يبرّوه كما برّوه حياً وميتاً. إنهم ما زالوا إلى اليوم يتعقّبون كل أثر من آثاره، دقيقاً كان أو جليلاً، قريباً أو بعيداً؛ فيوالون طبع دواوينه ومؤلفاته النثرية ولا يغفلون طرفة من طرف أدبه حتى في أيام صباه الأولى. ومن ألطف آيات هذا البر هذا الكتاب النفيس الذي صوّر فيه نجله حسين معاهد نشأته في ظل مُنجبه العظيم, وما لقيه من حنوّ ورحمة وعناية, وما رُبِي فيه من دلال وعطف ورعاية منذ تركَتْ أسرته البيت القديم بخط الحنفي، وانتقلت إلى الدار التي اشتهرت ب"كرمة ابن هانئ" في المطرية، ثم إلى الصرح المشيد في حديقته الواسعة على النيل بالجيزة.