في كل مرة سوف أقدّم لك ترجمة وكلمات أغنية أجنبية من أيام شبابي (أي عندما كانت الديناصورات تجوب المستنقعات المغطاة بالسراخس). أغنية دفنت وغطّاها الصدأ فالتراب لكن يكفي أن تحملها بين أناملك لتدرك أي بريق وسحر فيها.. سمّه ما شئت.. سمّه نوعاً من ثرثرة العجائز على غرار (الغنا ده كان أيامنا إحنا).. أو سمّها رغبة في أن تشاركني هذه النشوات القديمة.. المهم أني أضمن لك الاستمتاع.. كان من الصعب أن يعرض فيلم (راعي بقر منتصف الليل - 1969) في مصر، وهو الذي يحكي عن راعي بقر شاب وسيم -لعب بطولته والد الممثلة أنجلينا جولي- يقرر أن يرحل لمدينة كبرى؛ ليبيع وسامته وشبابه للنساء العجائز.. أي يصير (جيجولو).. يعتقد أن أية امرأة ستقع فاقدة الرشد عندما تسمع لكنته الجنوبية وترى قبعته وحذاءه ذا الرقبة. النتيجة هي أنه يتحول إلى قط صغير ضائع تتقاذفه الأقدام، ويهوي بلا توقف لقاع المدينة؛ حيث يقابل أحد مخلوقات القاع الأصيلة: الصعلوك المصدور (داستين هوفمان).. وتنشأ صداقة مثيرة للشفقة بين الرجلين المهزومين. كل النقاد الذين رأوا الفيلم في الخارج -مثل رءوف توفيق- انبهروا به بشدة؛ لكننا في مصر لم نستطع أن نراه وإن جاءتنا الأغنية الرائعة التي ارتبطت به، وعن نفسي لم أر الفيلم إلا العام الماضي؛ لكني أعرف الأغنية منذ السبعينات!. نسمع الأغنية مع أول تترات الفيلم، عندما يحمل راعي البقر حقيبته ويترك المطعم الذي يعمل فيه، ويتّجه بخطوات ثابتة سريعة نحو محطة الحافلات.. مع الكلمات التي تحكي عن رغبة المغنّي في الفرار من الناس المحيطين به والريح الشمالية الشرقية؛ قاصداً مكاناً بعيداً ربما لا يعرفه هو نفسه. المحيط غالباً. لاحظ استعمال حرف الجر الغريب في talk at بدلاً من talk to أو Talk with.. بمعنى أن الكل (يتكلمون لي) ولا (يتكلمون معي). يعني بذلك أن الناس يتكلمون كأنهم يصدرون الأوامر ولا ينظرون في عينك، ولا ينتظرون منك رداً ولا يصغون لك أبداً.. لاحظ التعبير الجميل (ذاهب إلى حيث يناسب الطقس ثيابي).. فهو لن يبدل ثيابه لتناسب الطقس.. بل سيرحل إلى مكان يكون طقسه ملائماً. يؤدي الأغنية هاري نيلسون على إيقاع الروك، وإن كان أول من غناها هو (فريد نيل) عام 1966، والحقيقة أن "نيل" عاش حياة كالتي تصفها الأغنية بالضبط، ولأسباب مجهولة اعتزل العالم في ذروة شهرته ليعيش في مزرعة منسية (حيث تشرق الشمس دائماً عبر المطر المنهمر). راقت الأغنية لهاري ويلسون فقدمها في فيلم (راعي بقر منتصف الليل) كما قلنا. حققت الأغنية نجاحاً ساحقاً ونالت جائزة جرامي للعام 1969. وبالنسبة للغربيين يستحيل تصوّر الفيلم من دون هذه الأغنية. قدمت الأغنية في فيلم (فورست جامب) كذلك. أما عن هاري ويلسون الذي نسمع الأغنية بصوته هنا؛ فهو مؤلف أغان ومطرب أمريكي. اشتهر جداً بهذه الأغنية وأغنية أخرى هي (بدونك). وبقدر ما أوتي من موهبة، لم يؤت شيئاً من الذكاء التجاري؛ لذا مات مفلساً عام 1994. يمكنك سماع أغنية اليوم على هذه الوصلة: إضغط لمشاهدة الفيديو: الكل يتكلمون معي.. فلا أسمع كلمة مما يقولون.. فقط أسمع أصداء عقلي.. الناس يتوقفون ويحملقون.. لكني لا أرى وجوههم.. فقط أرى ظلال عيونهم.. ******************* Everybody's talking at me. I don't hear a word they're saying, Only the echoes of my mind. People stopping staring, I can't see their faces, Only the shadows of their eyes. ******************* أنا ذاهب إلى حيث تشرق الشمس دائماً عبر المطر المنهمر.. ذاهب إلى حيث يناسب الطقس ثيابي.. سأبتعد عن الريح الشمالية الشرقية.. أبحر في نسيم الصيف وأثب فوق المحيط كأنني صخرة.. ****************** I'm going where the sun keeps shining Thru' the pouring rain, Going where the weather suits my clothes, Backing off of the North East wind, Sailing on summer breeze And skipping over the ocean like a stone. ****************** أنا ذاهب إلى حيث تشرق الشمس دائماً.. عبر المطر المنهمر.. ذاهب إلى حيث يناسب الطقس ثيابي.. سأبتعد عن الريح الشمالية الشرقية.. أبحر في نسيم الصيف وأثب فوق المحيط كأنني صخرة.. ****************** I'm going where the sun keeps shining Thru' the pouring rain, Going where the weather suits my clothes, Backing off of the North East wind, Sailing on summer breeze And skipping over the ocean like a stone. ******************