أريد أن أشكر د. هبة على المعلومات المفيدة التي تزودنا بها، وأريدها أن تساعدني في مشكلتي... أرجوكي يا دكتورة ردي عليّ لأني لن أستطيع أن أتحدث في هذا الموضوع إلا معك، وهذه هي قصتي منذ البداية. للأسف الشديد تعلمت العادة السرية في سن صغيرة عن طريق الصدفة، وللأسف أيضا فقد رأتني أمي أفعل ذلك فأصابها الرعب، وقررت أن تجري لي عملية الختان، وأجرتها بالفعل، وبعد فترة من العملية عدت مرة أخرى للعادة السرية، وعلمت أمي مرة أخرى بما يجري؛ فقررت أن تجري لي عملية "الختان" مرة أخرى. وبعد المرة الثانية شعرت بأنه لا يوجد لدي أعضاء جنسية أساسا؛ ولكن المشكلة الآن أنني ومنذ فترة قصيرة بدأت أشعر بجسم غريب في منطقة الأعضاء الجنسية، وبدأ يكبر هذا الجزء لدرجة أنه يضايقني أثناء المشي، ثم تطور الأمر إلى أنني أشعر الآن بألم أحيانا يكون شديدا، ولكني أخاف أن أصارح أمي فتصر على إجراء العملية للمرة الثالثة؛ حيث أنني في العملية الثانية تأذيت كثيرا لأن الدكتور قد أجراها لي بطريقة خاطئة وقطع لي شريانا رئيسيا وحدث لي نزيف شديد وكدت أموت... أنا الآن مخطوبة وموشكة على الزواج، ولا أعرف ماذا أفعل؟ وخائفة جدا من هذا الموضوع، وأريد أن أقول لحضرتك أن شهوتي عالية جدا، وأحيانا أشعر أنني أريد الزواج بسرعة لأنه يصعب عليّ التحكم في تلك الرغبة العالية، وأشعر وقتها أن لعنة ما تصيبني، وفي الوقت نفسه أتعذب من ناحية أخرى لأنني غير متأكدة أنني أستطيع الحصول على حياة جنسية طبيعية وسوية مثل سائر الفتيات.
اعذريني يا دكتورة لإطالتي عليكِ؛ ولكني لا أجد من أتحدث إليه سواكم عسى أن أجد الرد الذي يريحني.
أضع هذه الرسالة بين أيدي الكثير من الناس الذين لا يزالون يناقشون قضية ختان الإناث، ولا يزالون يذهبون إلى الأطباء ممن انعدم لديهم الضمير الطبي فيستأصلون عضوا عاملا من جسد تلك الفتاة التي لا ذنب لها ولا حيلة فيما يجري لها؛ اللهم إلا أنها ولدت لهذين الوالدين الذين سيكون عليهما إجابة سؤال الله سبحانه وتعالى عن حجتهما حيال ما فعلوه في ابنتهم المسكينة التي أوشكوا أن يقتلوها نتيجة قطع شريان على يدي طبيب ليس أهلا لهذا اللقب الرفيع..
أريد معكم يا أصدقائي القراء أن نستعرض أحداث هذه القصة الأليمة: تعلمت الطفلة أن هناك إحساساً إيجابياً لطيفاً يحدث عندما يتم التلامس مع الأعضاء الواقعة في هذه المنطقة من الجسم؛ فبدأت الطفلة في إتيان هذه الفعلة بشكل تلقائي بريء، وما إن ضبطت الأم الطفلة حتى قررت أن تنفذ فيها حكما جائرا حتى دون تحقيق أو محاكمة أو بحث في الأمر، وكان الأحرى بها أن تتجه لأحد المتخصصين، ولو طبيب الأطفال الذي يعالج ابنتها لسؤاله عن ماهية هذا الأمر؛ ولكن يبدو أن مسألة ختان الفتاة كانت مسألة منتهية من حيث القرار بعملها، ولكن تصرف الفتاة هو الذي عجل بها، وإلى هنا توقفت المسألة عند حد الموروثات المغلوط والرؤوس المتحجرة، وبالرغم أن ذلك لا يعفي أحدا من المسئولية؛ ولكن لنقل: إنه كان هناك عذر..
أما العملية الثانية فهي لا يمكن أن يكون لها اسم آخر غير كونها جريمة مكتملة الأركان مع سبق الإصرار والترصد، أما المجني عليها فهي ضحية بريئة لا تقاوم؛ فهي فريسة سهلة مستسلمة لأن الجاني بكل أسف هم المنوط بهم حمايتها والرفق بها والعمل على وقايتها من الشرور وليس دفعها نحوها دفعا.
ولننتقل إلى النتائج؛ فنرى أن الثمرة التي كان يبحث عنها الأهل لم تظهر؛ فقد كان السعي الأولي نحو إزالة الأعضاء الجنسية للفتاة تماما، وذلك لم يحدث لا في المرة الأولى ولا في المرة الثانية.
فبعد المرة الأولى كانت هناك بقية بسيطة لتلك الأعضاء بدأت في تنبيه الفتاة للإحساس الجنسي أكثر بسبب الدورة الدموية التي تزيد نتيجة إجراء جراحة في المنطقة؛ مما يضفي إحساساً بالدغدغة أو القشعريرة فيزيد من انتباه الفتاة ويجذبها لأن تداعب المنطقة، فيستمر الإحساس اللطيف لديها؛ مما يدفعها له؛ وليس لأن تقلع عنه أو تتركه؛ لأنه منذ البداية لم يكن السعي للحل منطقيا ولا علميا... ولكن كان حكم الإعدام هو الأقرب.. وحتى بعد الكارثة الثانية، والتي كادت أن تودي بحياة الفتاة، لم تنته المشكلة؛ فلم تختفِ الأعضاء للأبد كما كانت النية الموجهة، ولكن استبدلت بنتوء آخر لا تعرف الفتاة ماهيته؛ لأنها تعلم تمام العلم أنها تقع تحت وطأة سلطة ظالمة لا تبحث ولا تحقق، ولكن تصدر أحكاما ظالمة وتنفذها دون الاستماع للدفاع؛ فما هي الثمرة الآن؟
* جسم غريب في منطقة الأعضاء الجنسية للفتاة، ربما يكون تليفا، ربما يكون نسيجا ميتا ناتجا عن سوء التئام الجرح الذي حدث أثناء العملية الثانية، ربما يكون ورما حميدا أو لا قدر الله من نوع آخر.
* شهوة عالية جدا كما ورد في حديث الفتاة في أواخر سطور الرسالة؛ مما يتنافى مع الغرض الرئيسي لإجراء العمليات الجراحية، والتي كادت أن تقتل الفتاة؛ فهاهي الفتاة تخطت كل هذه الأحداث ولاتزال شهوتها عالية، وتقول إنها يصعب عليها السيطرة على نفسها في هذا السياق. * فتاة حبيسة داخل نفسها لا تجد من تبوح له بألمها وقلقها، معذبة وحائرة تعاني الوحدة في وسط أهلها وداخل بيتها سجينة أفكار مريضة مدمرة تذهب، وتجيء في رأسها دون شاطئ ترسو عليه بعواطفها وأفكارها، هاربة ممن يجب أن تلجأ إليهم، خائفة يجب أن يمنحوها الأمان.... فكيف لها أن تكون امرأة سوية أو زوجة قوية أو أما صالحة؟!
آنستي العزيزة، تقولين إنك مخطوبة، أي أن سنك تخطى المرحلة التي يجب فيها أن تعتمدي على أحد من أهلك في خروجك أو ذهابك أو مشاويرك؛ فاذهبي بنفسك يا فتاتي إلى إحدى طبيبات النساء واجعليها تفحصك وتطمئنك على هذا البروز لديك، أما إذا قالت: إنه يجب استئصاله بعملية جراحية للتأكد من طبيعته الخلوية، فآنذاك يجب أن تصحبي أحدا من أهلك ليعلموا أن ما فعلوه أفرز حالة مرضية وليست صحية كما كانوا يعتقدون... أما إذا قالت لك: إنه مجرد تليف؛ فلتنسي الأمر ولتتزوجي -أسعدك الله- وتؤجلي التصرف في هذا الأمر إلى ما بعد الزواج؛ فإذا ظلت المضايقة والآلام فليستأصل هذا النتوء جراحيا ولو من باب تخفيف الألم..
أما إذا زالت مضايقاته بعد الزواج -وذلك وارد أيضا لزوال احتقان الحوض بسبب زيادة الشهوة الآن- فتكون المشكلة قد انتهت تماما بإذن الله، ولتتخذي أنت وزوجك طريقة لاستمتاعكما سويا تناسب أعضاءك بحالتها الحالية، وهذا بالطبع ممكن ومتاح؛ فأنت لا ينقصك شيء كامرأة إلا بعض التغيير في طريقة استمتاعك الزوجي كما أسلفت...
عزيزتي، أوقفي حيرتك وانسي ما قد حدث -قدر الله وما شاء فعل- ولكن اتخذي تلك التجربة المريرة عبرة لك تنبهين بها من حولك عن تلك العادة السيئة وتتقين بها شر إجراء شيء كهذا إذا رزقك الله ببنات.