قال الشيخ يوسف القرضاوي رئيس مجلس إدارة جمعية (البلاغ) الثقافية في قطر إن الأزمة الحالية لموقع (إسلام أون لاين) في طريقها إلى الحل. ورداً على مداخلة هاتفية أجريت معه خلال برنامج (الشريعة والحياة) على قناة (الجزيرة) مساء الأحد طمأن رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين كل القلِقين على مستقبل الموقع الإسلامي الشهير بأنه سيعود كما كان. وفيما يتعلق بالاتهامات التي وجهها البعض إلى الموقع والمواقع المنبثقة عنه، قال القرضاوي إن كان هناك بعض الأخطاء كصورة نشرت لامرأة أو تحدث البعض عن عيد الحب أو غير ذلك فإنه لا يعد شيئاً في بحر حسنات (إسلام أون لاين) وينبغي أن تغفر له هذه الأشياء؛ إذ لا يوجد عمل بشري يخلو من الأخطاء، وكل خطأ يمكن أن يصحح، والقاعدة الإسلامية تقول: "إذا بلغ الماء قلتين فلا يحمل الخبث".
وكان العاملون في مواقع شبكة "إسلام أون لاين.نت" قد أعلنوا براءتهم من المواد التي تم بثها على مواقع الشبكة في الأيام الخمسة الماضية، أي منذ دخولهم في اعتصام مفتوح احتجاجاً على قيام الإدارة القطرية بمنعهم من تحديث الموقع من القاهرة، كما هو المعتاد منذ نشأة الموقع قبل نحو عشر سنوات. ووصف العاملون في بيان ما جرى على صفحات الموقع بأنه "تخريب متعمد"، ف"المواد التي تم بثها ضعيفة للغاية وغير متناسبة مع الأحداث الجارية"، وتساءلوا في غضب: "أيُعقل أن تتعرض القدس والمسجد الأقصى لكل هذه التحديات الخطيرة بينما صوت إسلام أون لاين مكمم وغائب عن المشهد". "تخريب متعمد" ولفتوا إلى أن "تخريب الموقع" شمل كذلك إعادة بث مواد قديمة لا علاقة لها بالأحداث الجارية، كما جرى حذف الحقل الخاص بموقع "الإسلاميون" وقسم "تحليلات وآراء" من الصفحة الرئيسية للموقع العربي. وتساءل العاملون: "هل الحذف يعكس فشل الإدارة في تشغيل الموقع تقنيا، فضلا عن إدارته تحريريا، أم إن ذلك يندرج في إطار تغيير السياسة التحريرية للموقع، الذي سبق وأن أشارت إليه الإدارة القطرية الجديدة". وبالنسبة للموقع الإنجليزي، أشار البيان إلى أن التحديثات في الموقع متوقفة منذ اندلاع الأزمة، بل اختفت كافة المواد التي تم نشرها خلال شهر مارس الحالي، فضلا عن اختفاء الصفحة المخصصة لفضح الممارسات الإسرائيلية في قطاع غزة والمسماة ب"هولوكوست غزة". اختفاء المواد تكرر كذلك في موقع "عشرينات"، وكان الجديد هو اختفاء الصفحة المخصصة لمناصرة القدس "حيّ على القدس". "انهيار معدلات التصفح" ودلل البيان على حجم الضرر الذي تعرض له الموقع بمؤشرات تصفح الزائرين، حيث تراجع معدل تصفح الموقع العربي من 200 ألف صفحة يوميا قبل الأزمة إلى نحو 86 ألف صفحة أمس الأول.. أما موقع الإسلاميون فتراجع من 10 آلاف صفحة إلى 1800 صفحة فقط، بينما سجل موقع "مدارك" 1200 صفحة متراجعا من 7 آلاف صفحة قبل الأزمة مباشرة. وفي موقع عشرينات فقد تراجعت معدلات التصفح من 130 ألف صفحة يوميا في ديسمبر الماضي إلى 7 آلاف صفحة فقط أمس السبت، حيث بدأت الإدارة القطرية في التضييق على الموقع، وحرمانه من 75 من طاقة التصفح الأساسية قبل نحو 3 أشهر. وكان نحو 350 صحفيا وإداريا في مكتب "إسلام أون لاين.نت" بالقاهرة قد أعلنوا الإثنين الماضي اعتصاما مفتوحا، بعدما قامت الإدارة الجديدة لجمعية البلاغ القطرية المالكة للموقع بإرسال محامين لاستلام مقر القاهرة بكل ما فيه من ممتلكات وأوراق، والتحقيق مع 250 عاملا كانوا قد أرسلوا بيانا للشيخ يوسف القرضاوي، رئيس مجلس إدارة الجمعية، يتظلمون فيه من تصرفات الإدارة؛ وذلك تمهيداً لتسريحهم دون الحصول على أي حقوق. "تطورات الأزمة" وأصدر العلامة القرضاوي الأربعاء الماضي قراراً بسحب التفويض الذي منحه لنائبه الدكتور إبراهيم الأنصاري، نائب رئيس مجلس إدارة جمعية البلاغ، كما جمَّد مهام المهندس علي العمادي كمدير عام للجمعية، وكذلك جمَّد قراراتهما الأخيرة بحق العاملين، ومن ضمنها حرمان المحررين في القاهرة من تحديث الموقع. وقد تجاهل الأنصاري والعمادي تلك القرارات، وقاما بإغلاق مقر الجمعية في الدوحة منذ الخميس الماضي للحيلولة دون تسلم كل من الشيخة مريم آل ثاني والسيدة مريم الهاجري، اللتان كلفهما القرضاوي بتيسير العمل، لزمام الأمور داخل الموقع. "الصدى الإعلامي" وعلى صعيد التفاعل الإعلامي والفكري الواسع مع أزمة "إسلام أون لاين"، كتب الصحفي الإسلامي المعروف فهمي هويدي في مقاله بصحيفة "الشروق" المصرية أمس السبت يقول: ما زلت عاجزا عن فهم الذي جرى لموقع "إسلام أون لاين". وما زلت غير مصدِّق أن أناسا -أيا كانت مداركهم أو هوياتهم- يمكن أن يهدموا الجهد الكبير والمتميز الذي بُذِل في بناء ذلك الموقع، وما زلت غير مصدق أيضا أن يتم الهدم بذلك الأسلوب المباغت الذي شهدناه في الأسبوع الماضي. وأضاف هويدي: "ما حيَّرني حقا أن الموقع قدَّم خلال سنوات عمره العشر نموذجاً للاستنارة والحرفية، وأصبح بمضي الوقت محل حفاوة من جانب الذين تمنوا أن يجدوا منبراً إسلامياً يجسِّد الوسطية وسعة الصدر، ويختلف عن غيره من النماذج الشائهة التي راجت في زماننا".