صدر عن الاقتصاد الأمريكي اليوم وقبيل افتتاح جلسة ختام الأسبوع تقرير أسعار المستهلكين عن شهر آذار/ مارس لتأتي الأسعار مرتفعة بتوافق مع التوقعات، ولكن الارتفاع كان ضمن مستويات متواضعة، وهذا ما يثبت بأن التضخم لا يزال تحت السيطرة، وذلك إثر الضعف الذي يمر به مستويات الإنفاق في الولاياتالمتحدة والناتج عن الضغوطات المحلية والخارجة. أظهر التقرير الصادر عن وزارة التجارة الأمريكية بأن أسعار المستهلكين ارتفعت خلال شهر آذار/ مارس بنسبة 0.3% مقارنة بالارتفاع السابق الذي بلغ 0.4% وبتطابق مع التوقعات، وعلى الصعيد السنوي فقد ارتفعت الأسعار بنسبة 2.7% مقابل 2.9% وبتوافق أيضاً مع التوقعات، في حين باستبعاد أسعار الغذاء والطاقة فنجد بأن الأسعار ارتفعت بنسبة 0.2% مقابل 0.1% وبتطابق مع التوقعات. ولذلك فقد أظهر التقرير بأن تكاليف المعيشة في الولاياتالمتحدة تقلّصت بشكل طفيف جداً في آذار، وهذا ما يؤكد نظرة الفدرالي الأمريكي وتصريحاته التي أدلى بها مؤخراً وهو أن التضخم سيبقى تحت السيطرة، وأن مسألة ارتفاع أسعار الطاقة ستكون عرضيّة ومؤقتة. وبالنظر إلى تفاصيل التقرير الصادر نرى بأن أسعار الطاقة ارتفعت بنسبة 0.9% مقارنة بالارتفاع السابق الذي بلغ 3.2%، في حين ارتفعت أسعار الخدمات بنسبة 0.2% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت ارتفاعاً بنسبة 0.1%، بينما ارتفعت أسعار المأكولات بنسبة 0.2% مقابل القراءة الصفرية. وهنا يجب أن نتطرّق إلى ما أشار إليه ويليام دودلي - رئيس بنك نيويورك الفدرالي – أمس، حيث قال بأن البيانات التي صدرت عن قطاع العمالة الأمريكي خلال شهر آذار/ مارس أثبتت بأنه من المبكر جداً الحكم على أن القطاع تخطّى الأزمة بشكل كامل وأن الاقتصاد الأمريكي تجاوز الصعوبات بشكل نهائي. كما وأوضح دودلي بأن الفدرالي الأمريكي سيراقب البيانات عن كثب لتحديد ما إذا كان تقرير الشهر الماضي والذي أظهر بأن الاقتصاد أضاف وظائف بأدنى من التوقعات كان مجرد نكسة عرضية أم هي دليل على أن مشوار تعافي قطاع العمالة لا يزال طويلاً. الاقتصاد الأمريكي يسير على خطى التعافي عزيزي القارئ ولكن ضمن وتيرة "معتدلة وتدريجية"، إلا أنه يبقى أفضل من اقتصاد القارة العجوز حيث أن معظم اقتصاديات منطقة اليورو وقعت في دائرة الإنكماش خلال الربع الرابع من العام الماضي، وبالتالي فإن الأوضاع الاقتصادية في الولاياتالمتحدة تعتبر أفضل نسبياً مع بقاء تأثر الاقتصاد الأكبر في العالم من تداعيات أزمة المديونية الأوروبية التي عادت بقوة خلال الأيام القليلة الماضية بتسليط الأضواء على اسبانيا التي قد تسير على خطى اليونان. تبقى الأوضاع غير واضحة بشكل كامل، فالتباين واضح على بيانات الاقتصاد الأمريكي، ولكن تبقى تلك البيانات دلائل على أن الاقتصاد الأمريكي سائر على خطى التعافي التدريجي من الأزمة المالية الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية...