تنتقل المسرحية اللبنانية للملحن والعازف والمسرحي المعروف زياد الرحباني "بالنسبة لبكرا شو" الى رحاب الفن السابع. وتحولت المسرحية المشهورة الى فيلم لبناني بعدما عرضت في العام 1978 على خشبة المسرح في العاصمة اللبنانية. وفي بيروت بدأت العروض الخاصة للفيلم السينمائي لمسرحية "بالنسبة لبكرا شو". ويعرض الفيلم في القاعات السينمائية بمبادرة من شركة ام ميديا، في خطوة تشكّل ربما فاتحة لعرض أعمال زياد كلها على الشاشة الكبيرة. وتقدّم المسرحية رؤية موضوعية عن الصراع الاقتصادي في لبنان في فترة سابقة على حساب المبادئ والكرامة، من خلال زكريا (زياد الرحباني) وزوجتِه ثريا (نبيلة زيتوني). وتدور أحداث المسرحية ذائعة الصيت في حانة في شارع الحمرا ترتادها مجموعة من الشخصيات. ويعمل زكريا وثريا اللذان انتقلا مع ولديهما من القرية إلى العاصمة لتحسين مستوى عيشهما في الخانة، لكن غلاء المعيشة اضطر ثريا وبموافقة زوجها إلى الخروج مع الزبائن مقابل مبلغ مادي لتأمين مداخيل إضافية. ويعيش الثنائي في دوامة كبيرة من الصراع النفسي بين تحسرهما على المبادئ والاخلاق ورغبتهما الجارفة في تحسين اوضاعهما ولو بطريقة غير مشروعة ومنبوذة وفقا للتقاليد والدين ونظرة المجتمع. ويؤدي الصراع الكبير بينهما إلى نتائج كارثية في نهاية المطاف. وتنتمي "بالنسبة لبكرا شو" إلى المسرح الواقعي الذي أسسه زياد واتسم بالعفوية والجراة، فضلاً عن كونها جسّدت هواجس اللبنانيين بعيداً عن الكليشيهات والتصنّع، وهو ما كان طاغياً على المسرح آنذاك وفقا للنقاد. وتقدّم المسرحية رؤية موضوعية عن الصراع الطبقي في لبنان، ووقوع المواطن اللبناني ضحية المجتمع الاستهلاكي، وتأثير ذلك في الناس الذين يخوضون معركة البقاء ولو على حساب مبادئهم وكراماتهم. ويصمم الشعب اللبناني المعروف بحبه للحياة والسهر العيش بطريقة طبيعية رغم الازمات الامنية والسياسية التي يمر بها في كثير من الاحيان وتفاقم الصعوبات الاقتصادية والمعيشية. وتشهد لبنان بين الحين والاخر توترات امنية وحوادث ارهابية تهدد امنه واستقراره، ولكن ذلك لا يمنع من انتشار مظاهر الفرح والمرح فيه. وسجل المشهد السينمائي المحلي في لبنان تغييرا جذريا يتمثل في "غليان" إنتاجي وفي إقبال متزايد من الجمهور على الأفلام المحلية لا يحده الاضطراب السياسي والامني المتواصل في هذا البلد والحوادث الارهابية. وفي الأشهر الخمسة الأخيرة لسنة 2015 تنافست ستة أفلام سينمائية لبنانية روائية طويلة وكان الجامع المشترك في ما بينها تناولها قضايا اجتماعية في إطار ساخر. وانتشرت إعلانات أفلام "حبة لولو" و"إبيك" و"غدي" و"عصفوري" و"بيبي" جنبا إلى جنب مع إعلانات أحدث أفلام هوليود التي يفضلها الجمهور اللبناني. ولم تحتضن الصالات اللبنانية من قبل هذا الكم من الأفلام المحلية لا قبل الحرب الأهلية التي امتدت بين العامين 1975 و1990، ولا خلالها ولا في الفترة التي تلتها مباشرة. وشهدت الساحة السينمائية حركة ناشطة في انتاج الأفلام المنوعة بين الحرب والاكشن والكوميديا والرومانسية والدراما الاجتماعية. وافاد الناقد السينمائي اللبناني نديم جرجورة أن "الأفلام اللبنانية التي عرضت خلال سنة ونصف، جذبت بمعظمها جمهورا كبيرا وحققت أرقاما جيدة على شباك التذاكر، وهذا مهم لأن السينما أساسا صناعة وينبغي أن تدر أرباحا". واعتبر جرجورة ان اهميتها لا تكمن في عدد الأفلام اللبنانية المعروضة وحجم الجمهور الذي شاهدها بل في مدى استمتاع الحاضرين بها وتفاعلها معها "بالمعنى الإنساني والثقافي". ويغزو مخرجون ومراقبون تزاحم الأفلام في الصالات اللبنانية الى ارتفاع عدد الجامعات التي تدرس السينما، وتوافر التمويل من صناديق دول الخليج، وتطور وسائل التصوير والمونتاج الرقمية. وترى المخرجة اللبنانية لارا سابا أن "الأفلام التي تعرض راهنا ابتعدت عن موضوع الحرب لأن ثمة جيلا لم تعد تهمه هذه الحرب، ولم يعد يتحدث عنها".