من أبرز قيادات التيار اليساري، خاضت نضالاً طويلاً ضد نظام مبارك من خلال حركة "كفاية"، وكانت في مقدمة صفوف ثوَّار يناير، أكملت نضالها السياسي ضد استبداد جماعة الإخوان بالمشاركة الفعَّالة في جبهة الإنقاذ والحشد ل30 يونيو، د.كريمة الحفناوي التي تحدثت إلينا حول التيار اليساري وأسباب انقسامه وتشرذمه، وقالت: إن هناك مُحاولات لتوحيد التيار اليساري في تحالف واحد يخوض الانتخابات القادمة، وتوقّعاتها للانتخابات البرلمانية والخريطة السياسية، في ضوء قانون تقسيم الدوائر والتحالفات القائمة، وإلى نص الحوار: - التيار اليساري يعيش دائماً حالة من الانقسام والتشرذم.. ما هي أسباب هذا الانقسام ؟ ترجع حالة الانقسام التي يعيشها التيار اليساري بجناحيه الناصري والاشتراكي إلى عِدة عوامل يمتد بعضها بجذوره إلى الماضي، من سياسات الحزب الواحد وعدم وجود تعددية سياسية وحياة حزبية حقيقية، فضلاً عن قانون الطوارئ، والعديد من القيود التي أضعفت الأحزاب بشكل عام بمختلف توجهاتها، وجعلتها في حالة انقسام وتشتت، بالإضافة إلى عوامل داخلية تمثل أمراض التيار اليساري، من خلافات في السياسات والاستراتيجيات الحزبية بين مكوّنات التيار، كذلك الأنانية الحزبية والحسابات الخاصة لكل حزب، بما يحقّق له أكبر قدر من المكاسب. - لماذا لم يخُض التيار اليساري الانتخابات القادمة بتحالف يساري خالص ؟ عقب ثورة 25 يناير تم تكوين التحالف الديمقراطي الثوري، وكان يضم كل القوى الاشتراكية، وكان بمثابة خطوة لتجميع التيار اليساري بمكوّناته المختلفة، إلا أن الأمر لم ينجح وفشل التحالف، وهناك مُحاولات مُستمرة لتوحيد التيار اليساري في تحالف واحد، يخوض الانتخابات القادمة بقائمة واحدة تحمل برنامجه ورؤيته، أو على الأقل توحيد جهود الجبهة اليسارية بشقيها الناصري والاشتراكي، خاصةً وأن الظروف السياسية وقانون تقسيم الدوائر بشكله الحالي، يفرض التوحُّد في مواجهة أعداء الثورة من النظامين السابقين، إلا أن اختلاف الرؤى التكتيكية والمصالح الحزبية والمحاصصة، وعدم وجود الطموح للوصول إلى السلطة، مازالوا يمثلون عقبة أمام جهود توحيد الصف اليساري، وخروج تحالف يساري خالص إلى النور؛ مما يجعل الأقرب إلى الواقع خوض الانتخابات في تحالفات مُنفصلة، مع وجود نوع من التنسيق والتعاون. - كيف ترىن فرص التيار اليساري في الانتخابات البرلمانية القادمة ؟ أتوقّع أن يحقّق التيار اليساري بجناحيه الناصري والاشتراكي نتائج جيّدة في الانتخابات القادمة، ويحوذ على نسبة تتراوح ما بين 10% إلى 12% من مقاعد مجلس النواب القادم، وهذه نسبة جيّدة في ظل الوضع السياسي الراهن، وقانون الانتخابات الذي يجعل للمال السياسي والعصبيات اليد العليا في الانتخابات القادمة. - تحالف العدالة الاجتماعية يشهد خلافات وانسحابات، فهل سيستمر التحالف ؟ بالتأكيد تحالف العدالة الاجتماعية مُستمر، ويعمل حالياً على الاستعداد لخوض الانتخابات القادمة وتحديد المرشحين والدوائر التي سيُنافسون فيها، والتنسيق مع الأحزاب القريبة من التحالف، أيضاً هناك مشاورات لتوسيع دائرة التحالف بضم أحزاب وحركات أخرى إليه، أما عن الانسحابات التي حدثت، فهي تأتي في إطار اختلاف الرؤى وتبايُن وجهات النظر، وهذا طبيعي في العمل السياسي والحزبي، ولم تؤثر تلك الانسحابات على تماسُك التحالف واستمراريته. - هل تعتقدي أن وجود الرئيس عبد الفتاح السيسي في الحكم بميوله الناصرية يمثل فرصة لعودة الناصريين لحكم مصر ؟ التاريخ لا يُعيد نفسه، بمعنى أن الناصريين لن يعودوا إلى الحكم، ولن يتم استنساخ تجربة جمال عبد الناصر مرة أخرى في هيئة الرئيس السيسي، كون السيسي جاء بعد ثورتين شعبيتين لهما مطالبهما في الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة والعيش الكريم، وهذا ما يجب أن يسعى الرئيس إلى تحقيقه للشعب الذي أيده واختاره . - ما هو تقييمك لقانون تقسيم الدوائر ؟ القانون عليه الكثير من الملاحظات التي كنا قد قدّمنها في مُقترحات إلى مجلس الوزراء، ولم يتم الأخذ بها، ومنها على سبيل المثال: زيادة عدد الدوائر بهدف تصغير مساحة الدائرة، لإتاحة فرصة المنافسة للمرشحين الذين لا يملكون عصبيات ومال سياسي من الشباب والمرأة، كون أن كبر حجم الدائرة يقصر المنافسة على مَنْ يملكون العصبيات والمال السياسي، بالإضافة إلى تخصيص 20% للقائمة و80% للنظام الفردي؛ مما يضر بالأحزاب ويضعف تواجُدهم في البرلمان القادم، كذلك استخدام نظام القائمة المطلقة وليس القائمة النسبية المفتوحة، كما كانت ترغب القوى السياسية، ومازلنا نأمل أن يتم إدخال تعديلات على مشروع القانون تحقّق التوافُق العام عليه، كونه بهذه الصورة يُعيدنا بالأذهان إلى برلمانات الخدمات، وليس برلمان التشريع ومُراقبة أداء الحكومة. - ماذا عن مجلس النواب القادم، مَنْ سيحوذ على الأغلبية ومَنْ يقود المعارض ؟ المشهد السياسي المصري مُعقد ويصعب التنبؤ بمتغيّراته، وخاصةً تكوين البرلمان القادم ومَنْ يحقق الأغلبية فيه، ومَنْ يجلس في مقاعد المعارضة، كون أننا مازلنا في مرحلة سيولة التحالف، ولم تتبلور حتى الآن التحالفات النهائية التي ستخوض الانتخابات القادمة وأسماء المرشحين والقوائم. - هل ستخوضين الانتخابات البرلمانية القادمة ؟ نعم، سأخوض الانتخابات القادمة، ولكن لن يتم إلا بعد تحديد ما إذا كنت سأخوضها على قائمة التحالف الديمقراطي أو على المقاعد الفردية. - الخريطة السياسية عقب انتخابات مجلس النواب .. كيف تتوقعينها ؟ البرلمان القادم في غاية الأهمية، وهو مَنْ سيحدد ملامح الخريطة السياسية القادمة، مع ضرورة وجود حكومة قوية تمتلك رؤية واضحة وآليات حقيقية لتنفيذها على أرض الواقع. - هل ترى أن هناك تضييقاً على الحريات في مصر ؟ الحريات مُتاحة في إطار دولة القانون، والتعبير السلمي بكافة أشكاله وفقاً للدستور المصري والقانون مكفول وحق لكل مواطن، وعلى البرلمان القادم مُراجعة كافة القوانين التي لا تتسق مع الحريات والدستور، ومنها تعديل قانون التظاهر. - كيف ترىن إعلان بعض رموز الحزب الوطني خوض الانتخابات البرلمانية القادمة ؟ هم يحاولون العودة إلى المشهد، ولكن الرهان سيكون على هذا الشعب، الذي قام بثورتين ضد الظلم والاستبداد والفساد، وقادر على حماية ثورته واختيار مَنْ يمثله.