أثار قانون التظاهر الجديد المقترح عرضه في الفترة القادمة الجدل الشديد بين التيارات السياسية بين مؤيد ومعارض وتباينت الآراء حول نصوص القانون، فالبعض يرى أن هذا القانون صادر فقط لقمع الحريات وإسكات الأصوات التي تنادي بالحرية بغض النظر عن انتماءاتها وميولها السياسية وسلبهم أهم الحقوق التي منحتها لهم ثورة يناير ، ويرى البعض الآخر أن صدور قانون ينظم التظاهر ويضع حدوداً لها في مثل هذا الوقت والظروف التي تمر بها البلد أمر حتمي واجب النفاذ، خاصةً بعد رفع الطوارئ وحظر التجوال، فبعد عزل الرئيس محمد مرسي شهد الشارع المصري العديد من التظاهرات والمسيرات الاحتجاجية التي تندد بما حدث في 30 يونيه ولكن هذه التظاهرات يتبعها الكثير من أعمال العنف والشغب والتخريب في المنشآت العامة لذا أصبح الوضع في حاجة ماسة إلى صدور قانون ينظم التظاهر ويحد من أعمال العنف والخراب والشغب التي يشهدها الشارع المصري. حمدي الأسيوطي الناشط الحقوقي قال : إنه لا يتوقع أن يطبق قانون التظاهر الجديد في الوقت الحالي فهو يحتاج إلى الكثير من التعديلات في نصوصه فالقانون يشمل على عدة نصوص تقضي بمعاقبة المتظاهرين بالحبس أو بالغرامة وهذا ضد حقوق الإنسان ويقف حائلا بين تعبير المواطن عن رأيه كما أنني ضد صدور أي قانون تحت أي ظروف استثنائية فالحرية أهم بكثير من صدور القوانين، فالواقع الآن تجاوز كل قوانين التظاهر وأصبح من الصعب السيطرة على الأعداد الهائلة التي تخرج للتظاهر وبالتالي يجب على المشرع أن يكون محايداً ولا يصدر قوانيناً استثنائية يقصد بها فصيلا بعيناً . كما أضاف الأسيوطى أن هناك فرقاً كبيراً بين التظاهر والشغب، فأعمال الشغب والتخريب تقع تحت طائلة قانون العقوبات الذي ناقش كل أعمال الشغب والعنف وليس قانون التظاهر ولذا يجب على المشرع عدم الخلط بين القانونين . وعارضه في الرأي عمرو عبد الهادي المنسق بجبهة الضمير أن المسمى الحقيقي للقانون المقترح هو قانون منع التظاهر وليس قانون تنظيم التظاهر، فلا يجوز وضع قانون تكميلي في ظل غياب الدستور الذي هو من شأنه تنظيم القوانين في الأساس ووضع مثل هذا القانون الذي يشمل على نصوص مبالغ فيها بشأن العقوبات التي تُفرض على المتظاهرين سواء بالحبس أو بالغرامة المالية فهذا القانون يقر بوقف عملية التظاهر تماماً ويعتبر بمثابة تهديد للمتظاهرين لمنعهم من المطالبة بحقهم في إبداء رأيهم والتعبير عنه أياً كان، فالغرض الرئيسي وراء القانون هو وقف التظاهرات وقمع الحريات وليس تنظيم التظاهرات وما يتردد حول الهدف وراء حفظ الأمن ومنع عمليات الشغب ليس له أي أساس من الصحة، وماهو إلا حجة لوضع قانون يقمع الحريات، فوجود نصوص تفرض العقوبات المشددة بالحبس أو الغرامة المالية على المتظاهرين يرجعنا إلى العصر القديم فبتطبيق هذا القانون نكون قد عدنا إلى دولة أسوأ من دولة مبارك. في حين أوضح محمد أبو حامد رئيس حزب حياة المصريين - تحت التأسيس - أن مصر تحتاج في الفترة الحالية إلى قانون يمنع التجاوزات والجرائم التي تصدر عن جماعة الإخوان المسلمين فقد أصبح الوضع الآن في حاجة إلى الحد من أعمال العنف التي أدت إلى الكثير من الجرائم في الوقت الأخير فلابد من وجود سند قانوني لمواجهتهم، والمسودات الصادرة حتى الآن للقانون إذا قورنت بقوانين التظاهر الأمريكي أو الفرنسي أو غيرهم من الدول الأوربية فسوف نرى أنها مماثلة لمثل هذا القانون، فهي على نفس المستوى ونفس النصوص ولا يوجد قيود في القانون المقترح تمنع المتظاهرين من إبداء آرائهم ولكن الهدف وراء هذا القانون هو الحد من التجاوزات التي يقوم بها بعض الأفراد والتي تؤثر بدورها على استقرار الحياة في الشارع المصري، ولكن حتى الآن لم يصدر نسخة نهائية للقانون نستطييع أن نحكم عليها وماينتشر من نصوص متوقعة للقانون عبر المواقع الإلكترونية وغيرها ما هو إلى مسودات ليست مؤكدة فبالتالي لا أحد يستطيع القول أن القانون الجديد قانون قامع للحريات ولكن إجمالآً فأنا أؤيد بشدة صدور القانون في أسرع وقت ممكن حتى يمنع ما يحدث من تجاوزات ويعطي للشرطة السند القانوني للعمل والتحدي لأعمال العنف والشغب في الشارع المصري، ولكن الأهم من صدور القانون هو تنفيذه، فقد عاصرنا الكثير من القوانين التي صدرت وآخرها قانون الطوارئ الذي منع التظاهر تماماً ومع ذلك لم ينفذ وبغض النظر عن جماعة معينة فنحن نحتاج إلى قانون ينظم التظاهر فعلياً وليس شكلياً يعطي الحق للأفراد بالتظاهر ولكن دون المساس بالمنشآت العامة أو التعرض لأي من المواطنين . وأضاف أبو حامد : إن هذا القانون لم يكن من السهل تطبيقه في مجتمع مثل مجتمعنا إلا إذا وجد غطاء قانوني يمنح للجهات المختصة الحق في تنفيذه والدليل على هذا إعلان وزارة الداخلية بياناً قبل محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي تحذر فيه من القيام بأعمال الشغب وبالفعل تم التعامل مع المشاغبين ولم نشهد أي حالات من التخريب فالشرطة قادرة على تنفيذ القانون ولكن مع وجود السند القانوني الذي يدعمها، ولكن مايستطيع أن يقف حائلاً أمام تطبيق هذا القانون هو وجود بعض وزراء موجودين داخل الحكومة لهم وجهات نظر مخالفة لإرادة الشعب بعد 30 يونيو لصالح جماعة الإخوان المسلمين، فهم السبب في عدم المواجهة الحاسمة لجماعة الإخوان بالقانون وأيضاً السبب في تعطيل قانون تنظيم المظاهرات وبالتالي فهم السبب في تشجيع أفراد الجماعة على ارتكاب أعمال العنف والشغب . ويرى د.رفعت السعيد رئيس حزب التجمع السابق، أنه لا بد من وجود قانون ينظم التظاهر فليس من حق أي فرد أن يقوم بمظاهرة دون الالتزام بنصوص القانون وعدم مخالفتها فالتظاهر حق مكفول لكل مواطن، ولكن يجب أن يكون منظماً حتى يستطيع كل فرد أن يظهر وجهه بصورة حضارية، وليس من حق أي فرد أن يعترض على قانون التظاهر، فمن الضروري وجود قانون يقضي على الفوضى التي تحدث في البلد حالياً ووضع الحد لأعمال الشغب والعنف الذين يقومون بها، وأذا ظنوا أن الغرب سوف يقف بجانبهم ويساعدهم في منع تطبيق القانون فهذا غير منطقى فلا توجد دولة في العالم لا يوجد بها قانون ينظم عملية التظاهر ولا يوجد دولة تستطيع أن تترك عملية التظاهر مفتوحة دون وضع قانون ينظمها مع وجود عقوبات لمن يتخطى القانون فبالرغم من أن النصوص المقترحة لقانون تنظيم التظاهر لم تكن نصوصاً نهائية إلا أنها لم تكن مبالغاً فيها على الإطلاق، فهناك دول واضعة قوانين تحمل نصوصاً أصعب بكثير من النصوص المقترحة حتى الآن . أما د. وحيد عبد المجيد القيادي بجبهة الإنقاذ فأشار إلى أن انتهاء العمل بقانون الطوارئ ورفع حظر التجوال من البلاد سبباً رئيسياً لإقرار قانون التظاهر، نظراً لأن مؤيدي الإخوان في القاهرة والمحافظات سوف يستغلون إنهاء الطوارىء ورفع حظر التجوال في إشعال البلاد بالتظاهرات المستقبلية، والبداية كانت يوم التاسع عشر من نوفمبر الجاري في ذكرى شهداء محمد محمود، رغم أن الإخوان عارضوا هذه التظاهرات أثناء حكم المجلس العسكري السابق ووصفوا القائمين عليها بأنهم بلطجية، لكن الجماعة ضربت بمواقفها عرض الحائط بعد عزل مرسي وتريد فقط المتاجرة بدماء الشهداء بأي طريقة، واوضح أن الحالة الأمنية تتطلب فرض قانون لمواجهة مثل هذه المظاهر الخارجة عن القانون، كون فرض الطوارئ مجدداً يحتاج إلى استفتاء شعبي، وهو أمر مكلف من الناحية المادية ويستغرق وقتاً طويلاً، ولذلك كان سن قانون لمواجهة الفوضى والعنف أمراً ضرورياً، وليس هذا معناه رفض حرية التظاهر، ولكن ما دامت المظاهرة سلمية لا يجوز فضها بالقوة، أما لو خرجت عن السلمية أو بدأت بعنف فيجوز فضها بالقوة طبقاً للقانون.