لمحت جماعة الإخوان المسلمين إلى إمكانية موافقتها على إطلاق سراح الرئيس السابق "حسني مبارك" ونجليه "جمال وعلاء" ورموز نظامه، شريطة دفع مبالغ مالية كبيرة تصل إلى عشرات المليارات من الجنيهات، هذا ما أكده نائب المرشد العام للجماعة "خيرت الشاطر"، حيث نفى ما تردد عن عقد صفقة بهذا الخصوص مع قرينة الرئيس السابق "سوزان مبارك"، إلا أنه استدرك بالقول مؤخرًا: "أؤيد مثل ذلك الحل" لإنقاذ البلاد من الانهيار الاقتصادي، شريطة الاستفتاء الشعبي عليه؛ لأن صالح الشعب الحصول على أمواله بأي شكل، طالما استمرت الدول الخارجية تتلكأ في عودة الأموال المهربة، فضلًا عن ذلك أعلنت نيابة الأموال العامة المصرية نيتها التصالح المالي في قضايا فساد رموز النظام السابق؛ تجنبًا لإطالة أمد التقاضي، وبعيدًا عن تعقيدات القوانين المحلية والمعاهدات الدولية التي تستغرق الوقت والجهد والتكلفة المادية. عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة المنبثق عن الإخوان المسلمين قال: إن فكرة التصالح مع جميع رموز النظام السابق "حان وقتها" خاصة بعد البراءات المتتالية، والباب مفتوح لكل من يريد أن يعود إلى صوابه، مع مراعاة التفريق بين الجرائم الجنائية وجرائم المال العام، كاشفًا عن سفر وفد مصري رفيع المستوى إلى "إسبانيا" من أجل استرداد نحو 20 مليار جنيه من رجل الأعمال الهارب "حسين سالم"، إلا أن مماطلته في التصالح أجلت الفكرة مؤقتًا، رغم إعادته عشرات الآلاف من الأفدنة التي استولى عليها من أراضي الدولة، فضلًا عن قيام البعض بسداد قيمة الهدايا التي حصلوا عليها من مؤسسات الصحافة الكبرى، رافضًا في الوقت نفسه فكرة عودة بعض رموز النظام السابق للحياة السياسية بعد التصالح المالي، قائلًا: توجد مادة دستورية تقضي بعزل جميع رموز النظام السابق من ممارسة العمل السياسي أو مباشرة حقوقه السياسية. ومن جانبه رحب أحمد عارف، المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين، بالتصالح مع رموز النظام السابق في مقابل سداد المبالغ المالية المستحقة عليهم للدولة، بما يحقق المصلحة السياسية والاقتصادية للبلاد لاستكمال أهداف ثورة 25 يناير، وحول تباين الرأي الإخواني حول مبدأ التصالح بعد أن رفضتها خلال حكم المجلس العسكري السابق، حتى أن الرئيس "محمد مرسي" وصف فكرة التصالح بأنها "جريمة في حق الوطن والشهداء"، أكد عارف أن الوضع الآن مختلف تمامًا، فمصر تمر بحالة من الانهيار الاقتصادي لم تكن وصلت إليها خلال الأيام التي تلت الثورة أثناء حكم العسكري، كما أن المعارضة لم تكن محتقنة بهذه الصورة التي نراها في عهد الرئيس "مرسي"، وبالتالي هي مسئولة أمام الشعب عن الانهيار الاقتصادي؛ بسبب تزايد العنف والفوضى وهروب المستثمرين، موضحًا أن اختلاف وجهة نظر الرئيس تعود إلى وضعه الحالي الذي يفرض عليه فعل الصالح العام، كما أن الفكرة سوف تعطي إشارة اقتصادية جيدة للمستثمرين بعد استقرار المناخ الداخلي. استفتاء شعبي وفي رأي نصر عبد السلام، رئيس حزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، أنه لا يوجد اعتراض من حيث المبدأ على التصالح مع رجال الأعمال المحسوبين على النظام السابق والمتهمين في قضايا فساد، بشرط عدم اتهام الشخص في قضايا دماء، وأن يكون تنازله عن المال مقدمًا باعتذاره عن ارتكابه لهذه الجرائم المالية، لافتًا إلى أن لجوء الإخوان إلى التصالح مع رجال الأعمال المحسوبين على النظام السابق دليل على فشل الرئيس "محمد مرسي" في إدارة البلاد سياسيًا واقتصاديًا، ودليل واضح على أنه هرول إلى رموز النظام السابق لإنقاذه من غضب المصريين على الحكم الإخواني؛ نظرًا لأنه افتقد الرؤية الاقتصادية مع حكومته، وجعل الشعب يتراحم على أيام الرئيس السابق، بل وعودته للحكم. ويرى نادر بكار، نائب رئيس حزب النور السلفي، أنه لابد من إجراء استفتاء شعبي للتصالح مع مبارك ونجليه ورموز نظامه مقابل رد الأموال المختلسة للدولة؛ نظرًا لأن هذه الأموال لو عادت سوف تساهم في دفع عجلة الاقتصاد وانتعاشه، كما أن المصريين لم يستفيدوا شيئًا من حبس "مبارك أو رموز نظامه"، فضلًا عن ذلك يجب أن يتخلى النظام الحالي عن تصفية الحسابات الخاصة على حساب الشعب وأمواله، موضحًا أنه بات من الواضح للجميع تعاون النظام الحالي مع النظام السابق في صفقة جديدة من صفقات جماعة الإخوان لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من انهيار شعبيتهم، أو محاولة الحفاظ على بقاء الرئيس "مرسي" قبل حدوث "ثورة جياع" تقضي على الجميع بما فيهم تيار الإسلام السياسي، حيث يئس المصريون من التجربة الإسلامية في الحكم بسبب الحكم الإخواني. صفقة إخوانية في حين أوضح منتصر الزيات، المستشار القانوني للجماعة الإسلامية، وجود صفقة إخوانية في الخفاء يديرها ويشرف عليها "خيرت الشاطر" نائب مرشد الإخوان، حيث نجح في التصالح مع المهندس "رشيد محمد رشيد" وزير التجارة والصناعة الأسبق، وتم بموجب ذلك رفع اسمه من قوائم ترقب الوصول.. لافتًا إلى أن فكرة التصالح تعد بمثابة إهدار لحق المجتمع وقيم العدالة، والقضاء فقط هو المخول به رد الأموال المنهوبة بعد إصدار الحكم كي تجعل ممن نهبوا المال العام عبرة داخل السجون وأمام المجتمع، ثم يتم بعد ذلك التصالح برد الأموال ومن الممكن العفو عنهم بقرارات من الرئاسة. فيما أكد صلاح عدلي، القيادي بالحزب الشيوعي المصري، على وجود نية مبيتة لدى جماعة الإخوان للتصالح مع رموز النظام السابق؛ نظرًا لأن ترسيخ هذا المبدأ يمهد لاستمرار مهزلة القوانين التي لا تجرم الفساد السياسي والرشوة للموجودين في مواقع الحكم الآن، موضحًا أن ذلك يعني التساهل في الفساد، وقد يفتح الباب أمام سرقات وأعمال فساد جديدة، كما يهدد الأمر بانتشار الفوضى في البلاد؛ لأن اللعبة الإخوانية أصبحت مكشوفة ومعروفة أمام المصريين، وكل مسئول يقوم بالسرقة والتزوير في حال اكتشاف أمره سيطلب العفو مقابل رد ما قام بسرقته من أموال الشعب، فضلًا عن ذلك الدولة لم تقدر حتى الآن حجم المبالغ المنهوبة، ولذلك من غير المعقول تحديد قيمة المبلغ المتصالح عليه؛ لأن جزءًا من أموال رموز النظام السابق كانت خاصة بهم وجميعهم ينحدر من عائلات ثرية، مطالبًا باتخاذ إجراءات وعقوبات رادعة لمنع تكرار نهب المال العام، ورد حق الدولة الجنائي مقابل التصالح المالي. وبدورها رفضت كريمة الحفناوي، عضو جبهة الإنقاذ الوطني، مبدأ التصالح مع رموز النظام السابق الفاسدين، حيث كان من الأولى على النظام الحالي مصادرة ممتلكاتهم وليس التصالح معهم، لكن يبدو أن المصريين وقعوا في فخ الازدواجية الإخوانية، وانقلبت المبادئ التي كانت تنادي بضرورة القصاص للشهداء جنائيًا وللشعب ماليًا، وأكدت أن سعي النظام الإخواني إلى إجراء هذه المصالحات إلى الوضع الاقتصادي المتعثر، وتجميد مفاوضات صندوق النقد الدولي مع "القاهرة" لحين تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي وعودة الهدوء السياسي، وبالتالي فإن جماعة الإخوان ترغب في إتمام فكرة التصالح؛ لأن بعض قياداتها ترتبط بمصالح اقتصادية مع رموز النظام السابق. مزاج إخواني وفي السياق نفسه تحفظ حسين عبد الرازق، عضو المكتب السياسي لحزب التجمع، على التلميح الإخواني من أجل جس نبض الشارع والقوى السياسية لتقبل فكرة التصالح مع رموز النظام السابق، موضحًا أنه منذ قيام ثورة يناير ونحن نتعامل مع قضايا الفساد المالي والجنائي بشكل جزئي وليس في سياق مترابط، وهذا ما حدث مع بعض رموز النظام السابق المتهمين في قضايا فساد أبرزهم "رشيد محمد رشيد" وزير الصناعة الأسبق في عهد "مبارك"؛ نظرًا لأنه يحظى بقبول واحترام إخواني، على الجانب الآخر نجد ضغوطًا إخوانية على "أحمد عز" أمين لجنة سياسات الحزب الوطني المنحل؛ من أجل التنازل عن شركته "حديد عز" للدولة أو بيعها، وبالطبع رجال أعمال الإخوان جاهزون للعرض بأقل سعر، مؤكدًا أن الدافع الانتقامي والمزاجي لرجال الجماعة يجعلهم يتحكمون في تحريك فكرة التصالح أو بقاء أركان النظام السابق رهن الاعتقال والحبس، ومما يحرك السلطة أيضًا في هذه القضية هو البحث عن مصدر لسد عجز الموازنة وحل المشكلة الاقتصادية الراهنة، بدلًا من وجود رؤية سياسية واجتماعية واقتصادية شاملة.