أثار قرار حكم المحكمة الدستورية العليا في مصر برفض المواد الخمس من قانون الانتخابات الجديد، لوجود عوار دستوري بين بعض نصوص القانون والدستور، ووضع المحكمة بعض التعديلات على القانون في ضوء ما جاء في مواد الدستور الجديد، تمهيداً لإرساله إلى مجلس الشورى.. غضب القوى السياسية والحزبية المعارضة والتي رفضت المشاركة في العملية الانتخابية في ظل هذا القانون الذي يعمل على تحقيق مصالح ومطامع جماعة الإخوان المسلمين فقط دون غيرها، التي تعمدت التعجيل بإصدار هذا القانون رغم المعارضة السياسية عليه للحصول على أكبر عدد من المقاعد في البرلمان القادم بمخالفة القانون لمواد الدستور الذي وضعوه داخل الجمعية التأسيسية ذات التمثيل الإسلامي، الذي يتيح للجماعة التفرد بشئون الحكم مع العبث بمطالب الأحزاب المعارضة التي طالما اعترضت على هذا القانون. د. رفعت السعيد رئيس حزب التجمع أكد أن قرار الدستورية العليا ببطلان قانون الانتخابات الإخواني قرار صائب ومتوقع في الوقت نفسه، وذلك لخروجه من مجلس الشورى الإخواني المطعون في شرعيته من قبل القانون، إلا أن الإخوان تزداد عناداً في السير وفق أهوائهم ومطامعهم دون الاستماع لصوت المعارضة، مشيراً أن هذا القانون لا يمكنه أن يحقق الضمانات الكافية للأحزاب السياسية الأخرى المشاركة في الانتخابات البرلمانية القادمة. وأضاف رئيس حزب التجمع: أن قرار المحكمة الدستورية يضع الجماعة وقياداتها داخل مجلس الشورى وخارجه في مأزق كبير وحاسم، ما بين الموافقة على التعديلات الجديدة التي أدخلتها المحكمة على بعض المواد المتعلقة بهذا القانون، استخدام التجاهل وسيلة الإخوان في تمرير الأشياء والهروب من الحقائق، وإن كانت الجماعة تعمل بمبدأ أذن من طين وأخرى من عجين - على حد وصفه - وقد أشادت د. كريمة الحفناوي، أمين عام الحزب الاشتراكي المصري، بقرار المحكمة الدستورية ببطلان قانون الانتخابات الإخواني التفصيل والذي يعمل على تمكين الجماعة وقياداتها من الحياة السياسية دون تمثيل للأحزاب السياسية الأخرى بالمخالفة للقانون، مؤكدة أن الإخوان تسير على نهج الحزب الوطني الديمقراطي السابق في وضع القوانين التي تعمل على إخضاع الحياة السياسية للسيطرة والهيمنة على الحكم باعتبارهم الحزب الحاكم وصاحب الأغلبية البرلمانية من المقاعد، وذلك بالتركيز على تفصيل الدوائر الانتخابية بزيادة أعداد الناخبين في الدوائر التي يتمتعون فيها بشعبية كبيرة، لحصاد المزيد من المقاعد في مجلس النواب المقبل. وأشار د. عبد الله المغازي، المتحدث الرسمي لحزب الوفد، بأن قانون الانتخابات الجديد الذي أصدرت المحكمة قرارها ببطلانه نظرًا للعوار الموجود ببعض المواد المتعلقة بتقسيم الدوائر والذي يعمل على خدمة التيار الإسلام السياسي وخاصة حزب الحرية والعدالة، الذي يحاول بشتى الطرق الحصول على المزيد من المقاعد جراء هذا التقسيم المفتقد لمبدأ التكافؤ الفرص لجميع الأحزاب الأخرى المشاركة في العملية السياسية، بجانب إهدار الحقوق السياسية للأحزاب السياسية التي ظهرت عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير والتي يصعب عليها حصد المزيد من الأصوات والمقاعد؛ لافتقارها العناصر المالية والبشرية التي تتمتع بها هذه الأحزاب، في حال تطبيق قانون الانتخابات الجديد المتماثل لقانون الحزب الوطني القائم على مبدأ هيمنة الحزب الواحد. وأضاف المغازي، أن الإخوان المسلمين تحاول قمع الحقوق والحريات وتكميم أفواه المعارضة من خلال تمرير قانون معيب للحياة السياسية الجديدة في مصر، بالمخالفة لنصوص الدستور الإخواني للفوز بمعركة مجلس النواب، وإقصاء المعارضة وعلى رأسها جبهة الإنقاذ الوطني بجميع التيارات والأحزاب المشاركة في هذه الجبهة. محذرًا من عدم مراعاة مجلس الشورى للتعديلات التي أصدرتها المحكمة الدستورية العليا على بعض المواد، وتنفيذ الانتخابات وسط العديد من التجاوزات والتزوير. ومن جانبه قال أحمد فوزي، الأمين العام للحزب المصري الديمقراطي: إن جبهة الإنقاذ الوطني حذرت من خطورة قانون الانتخابات الذي أصدره مجلس الشورى الإخواني لعدم تمثيله كافة الأحزاب السياسية، وهذا ما طالبت به جبهة الإنقاذ خلال الحوار الوطني للوصول للصيغ والمواد التوافقية التي تعمل على مشاركة جميع الأحزاب والتيارات الوطنية، إلا أن الشائعات التي اعتادت جماعة الإخوان المسلمين الترويج بها بأن جبهة الإنقاذ حاولوا تقسيم الوطن وزعزعته، وتعمل على تنفيذ مخطط خارجي لهدم الوطن على حد قولهم. وأضاف د. عماد جاد، الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، بأن قانون الانتخابات الباطل يثبت للجميع إصرار الجماعة على تمريره في الوقت الذي تستعد للانتخابات البرلمانية المقبلة بكل قوة لحصد مقاعد الأغلبية من خلال تطبيق المواد التي تتعلق بتقسيم الدوائر، الذي يتيح للجماعة استغلال الدوائر التي تتمتع بشعبية كبيرة الموجودة في المناطق المتطرفة من الريف الأكثر فقرًا، على غرار الحزب الوطني السابق، في حين تعمل مؤسسة الرئاسة على إهدار الوقت مع الأحزاب المدنية والليبرالية وإقحامها في الحوار الوطني وتقسيم الوطن؛ حتى لا تتحد هذه الأحزاب في دخول الانتخابات. وطالب بتوفير العديد من الضمانات التي تعمل على حماية هذه العملية من انتهاكات الأحزاب الإسلامية والتي تتمثل في توفير حكومة محايدة، وإشراف قضائي كامل على العملية انتخابية، إضافة لوجود الرقابة الدولية والمحلية على الانتخابات، وكذلك منظمات حقوق الإنسان. واجبة النفاذ ومن ناحية أخرى أكد د. سامح فوزي، عضو مجلس الشورى، بأن التعديلات الدستورية التي وضعتها الدستورية العليا بشأن بعض المواد المتعلقة بقانون الانتخابات واجبة التنفيذ على مجلس الشورى، لافتاً إلى أن المواد التي تسببت في أزمة هذا القانون تعود لتقسيم الدوائر الانتخابية، الذي اعتبرته الأحزاب السياسية محاولة التيار الإسلامي للسيطرة والهيمنة على المجلس بالكامل. مضيفاً أن تعجيل أعضاء مجلس الشورى في إصدار هذا القانون إضافة للعديد من القوانين الأخرى سيؤثر سلباً على سير العملية الديمقراطية في السنوات القادمة. واتفق معه د. محمد محيي الدين، ممثل حزب غد الثورة بمجلس الشورى عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، أن ما صدر من المحكمة الدستورية بشأن التعديلات التي تم إدخالها على بعض مواد قانون الانتخابات البرلمانية أمر متوقع، وسيتم تنفيذه دون أي مناقشة، خاصة وأن معظم هذه التعديلات التي أقرتها المحكمة الدستورية كان متفقاً عليها، نظرًا للمشاكل التي ظهرت أثناء مناقشة القانون بالمجلس خاصة فيما يتعلق بموضوع تقسيم الدوائر الانتخابية. وطالب هلال عبد الحميد، عضو المكتب السياسي للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، أن حكم المحكمة الدستورية ببطلان قانون الانتخابات الجديد، ساعد على كشف حقيقة عمل جماعة الإخوان المسلمين، وإصرارها على إصدار هذا القانون وتمريره رغم العوار الدستوري السابق، والتي أدت لبطلان مجلس الشعب السابق وكذلك ببطلان مجلس الشورى الحالي الذي وضعته مؤسسة الرئاسة بالمخالفة لأحكام الدستورية العليا، لإصدار قوانين الجماعة. وبدوره أوضح عمرو علي، أمين عام حزب الجبهة الديمقراطية، حكم المحكمة الدستورية، بالحقيقة التي طالما نكرتها مؤسسة الرئاسة، وهي أن الجماعة تحاول من خلال مجلس الشورى المزعوم وجوده لإصدار القوانين لحين انتخاب مجلس النواب القادم، محذراً من عدم تطبيق التعديلات التي أصدرتها الدستورية العليا بشأن قانون الانتخابات، كما طالب بإقالة الحكومة الراهنة والتي وصفها بالحكومة المرتعشة، وإعادة تشكيل أخرى تعمل على إنقاذ الوطن من الانهيار في ظل هذه الممارسات غير النزيهة حتى الانتخابات النيابية، مما يتيح للأحزاب والحوار المجتمعي مزيدًا من الوقت، للحديث عن توفير الضمانات الكافية لانتخابات نزيهة.