أثار الاستياء والتساؤل الاعتداء الذي وقع على عشرات المعتصمين الذين يتواجدون بمحيط القصر الرئاسي منذ شهر نوفمبر الماضي، عندما أصدر الرئيس المصري إعلانًا دستوريًا، والذي اعترض عليه البعض واعتبره تكريسًا لحكم الفرد، وذلك قبل أن يتراجع الرئيس ويلغي هذا الإعلان مطلع الشهر الماضي، وهذا الاعتداء غير المبرر أثار جدلا واسعا بين التيارات السياسية فالبعض يحمل هذا الاعتداء الذي أسفر عن إصابة 16 مصابًا بينهم ضابط شرطة و8 مجندين، خرج جميعهم من المستشفى بعد تلقي العلاج عدا ضابط الشرطة، وحرق 6 خيام كانوا يقطنون بها، بعد استخدام المعتدين أسلحة الخرطوش وقنابل المولوتوف إلى الرئاسة المصرية وحزب "الحرية والعدالة" الحاكم، فيما توافد على مكان الحادث عشرات المعارضين لقرارات الرئيس متضامنين مع المعتصمين، مرددين هتافات مضادة للنظام وحكم مرشد الإخوان. وفي سياق متصل أكد عمرو السعودي المتحدث باسم اللجنة الإعلامية للتيار الشعبي، أن قيام بعض الأشخاص بالاعتداء على المتواجدين لم يأتِ إلا بعد إعلان نتائج اجتماع التيار الشعبي، والذي قرر فيه دعم المعتصمين أمام القصر وإعلانه عقد صالون ثقافي بصفة دورية هناك يتم فيه مناقشة أسباب الاعتصام، بالإضافة إلى توضيح هوية المعتصمين خاصة بعد تشبيههم بالبلطجية من جانب بعض القنوات الإعلامية الخاصة التي تهاجمهم بصفة مستمرة. وأضاف : إن هذا الاعتداء زاد المعتصمين قوة وعزيمة واستمرارًا في اعتصامهم لحين الاستجابة لمطالبهم، متهمًا من يريدون الاحتفال بتحقيق أهداف الثورة في ذكراها الثانية يوم 25 يناير المقبل هم وراء هذه الأحداث. مشيرًا إلى أن إحياء ذكرى الثورة في ميادين مصر سيكون الرد على ما حدث من اعتداء على المعتصمين، وأن التيار الشعبي يحاول التنسيق مع أحزاب وتيارات أخرى للحشد في هذا اليوم، للتعبير عن الرفض للسياسات التي يتبعها النظام الحاكم. فيما قال المهندس باسل عادل - رئيس حزب النيل - : إن حرق خيام المعتصمين بقصر الاتحادية واستخدام الخرطوش والمولوتوف على بعد خطوات من مقر الحكم، يعتبر شهادة فشل وتآمر على استكمال الثورة وأهدافها، مضيفًا أن على من قام بهذه الجريمة أن يدرك جيدًا أن حماس المصريين لن يخمد بحرق الخيام وهذه الأفعال الرخيصة. وفي اتصال هاتفي ل"وكالة الصحافة العربية" أكد د. محمد أبو حامد الناشط السياسي، وعضو مجلس الشعب السابق أن الثورة مستمرة ضد نظام الإخوان، ولن يرهبنا محاولتهم الفاشلة قبل 25 يناير، وتعدي ميليشيات مجرمة على المعتصمين السلميين، بل إن هذا الاعتداء سيزيدنا إصرارًا على استكمال أهداف الثورة، مكملًا حديثه: أقول للإخوان نحن مستمرون حتى يزول وباؤكم عن الشعب المصري. وانتقدت د. وفاء سعد المنسق العام لحركة "أنا المصري" ؛ عدم تحرك الحكومة إيذاء هذه الأحداث، لأن كل ما يحدث يصب نحو إرهاب الشعب حتى لا يشاركوا في مظاهرات 25 يناير التي نطالب بها، مضيفة أن الاعتداء على المتظاهرين السلميين بمحيط قصر الاتحادية يكرس مخاوفنا من تحول مصر الدولة التي نريدها إلى مصر الميليشيات، متوقعة أن يوم 25 يناير سيشهد مشاركة جميع المصابين في كافة الأحداث التي تمت منذ تولي الرئيس محمد مرسي حكم البلاد؛ لأن الشعب المصري لا يستطيع أحد أن يكبح جماحه بالإرهاب والبلطجة. كما انتقد مجدي حمدان القيادي بحزب الجبهة الديمقراطية، وعضو جبهة الإنقاذ ، الاعتداء الغاشم الذي تم على معتصمي الاتحادية، محملًا رئيس الجمهورية شخصيًا مسئولية حماية المتظاهرين؛ لأن المعتصمين في حماية المؤسسة الرئاسية والحرس الجمهوري، لكن ما حدث هو استمرار تعدي جماعات التيار الإسلامي على المعتصمين برعاية الدكتور مرسي، وكل ذلك تخوفًا من تظاهرات 25 يناير القادم، وأضاف حمدان أن الأيام القادمة سوف تؤكد بالبراهين أن جماعة الإخوان المسلمين هم الطرف الثالث المتسبب في قتل العديد من الثوار بداية من 2 فبراير 2011 وحتى أحداث الاتحادية، وأن تخوفهم من المتظاهرين ربما يؤدي إلى حصار مدينة الإنتاج الإعلامي مرة أخرى ومحاولة إفشال تظاهرات 25 يناير التي تدعو لها معظم القوى المدنية. فيما قال حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان: إن الهجوم على المعتصمين أمام الاتحادية جريمة يجب ألا تقيد ضد مجهول مثل ما سبقها من جرائم دون تحديد الجاني الحقيقي للواقعة؛ لأن الاعتداء على المتظاهرين السلميين أمر ينكره الجميع، خاصة بعد ثورة يناير والقضاء على الطاغية مبارك وأعوانه، كنا نأمل ألا تحدث مثل هذه الجرائم، محملًا المسئولية الكاملة للحكومة. ومن جانبه استنكر بسام الزرقا مستشار الرئيس للشئون السياسية الاعتداء الغاشم، مؤكدًا أن الهجوم على معتصمي قصر الاتحادية الرئاسي، هدفه عرقلة بناء مؤسسات الدولة، وأن الطرف الخفي بدأ في الظهور مع أول محاولة لبناء المؤسسات، خاصة بعدما أعلنت الرئاسة المصرية أن إجراءات انتخابات مجلس النواب ستبدأ في 25 فبراير المقبل حسبما نص الدستور، مطالبًا الأجهزة الأمنية بالكشف عن الطرف الخفي الذي يساند الهجوم على المعتصمين، كما يتعين على أجهزة الأمن سرعة القبض على الجناة، وفي الوقت ذاته النظر في كيفية ترميم المنظومة الأمنية، مضيفًا أنه في جميع أحداث العنف الماضية لا يقدم أي شخص للمحاكمة، وكلما اتجهت مصر نحو الهدوء يأتي من ينفخ في النار. وعلى صعيد متصل أكد وزير الداخلية محمد إبراهيم أن الأجهزة الأمنية نجحت في القبض على المتهم الرئيس بالاعتداء على معتصمي قصر الاتحادية، وإشعال النيران في خيامهم، وأنه يدعى "عنتر"، وأن الحادث شخصي جنائي وليس له أي دوافع سياسية كما يردد البعض، موضحًا أن خلافًا نشب بين المتهم الرئيسي والمعتصمين بسبب تصويره للاعتصام، وهو ما دفعه للاستعانة بآخرين للانتقام منهم بعد اعتدائهم عليه.