من نشطاء أقباط وبهائيين وشيعة، شكك بعضهم في مصداقية الإحصائية الأمريكية الصادرة عن مركز "بيو" للدراسات ، فيما قلل البعض الآخر من أهمية التعداد علي أساس طائفي ، فلم يصدر التقرير - الذي تضمن تصنيف سكان مصر حسب هوياتهم الدينية - حتي سارع اللواء أبو بكر الجندي رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، بعقد مؤتمر صحفي للتعليق علي النتائج والأرقام التي تضمنها التقرير، خاصة عدد المسيحيين المصريين، ووفق مصادر بمركز المعلومات، فقد عقد الجندي مؤتمره الصحفي ، بعد أوامر حكومية حول ضرورة الرد الفوري علي التقرير• ويخضع عدد المسيحيين في مصر لاعتبارات سياسية ، حيث تصر الحكومة المصرية طوال السنوات الماضية علي إخفائه، رغم أن الجهاز يصدر تقاريره حول جميع الإحصائيات المرتبطة بالحياة الاجتماعية في مصر بداية من إنفاق المصريين علي إجراء مكالماتهم التليفونية، وحتي استهلاكهم الفول السوداني واللب والفستق ، ويصر رئيس الجهاز علي أن الجهاز لا يهتم بإحصاء السكان حسب دياناتهم• من جهتها تصر الكنيسة المصرية علي تقدير عدد المسيحيين الأرثوذكس بعدد يترواح ما بين 10 ملايين و13 مليوناً، وقد اعلنت الكنيسة المصرية في وقت سابق أنها أعطت تعليمات ل الإبراشيات بإحصاء رعاياها حتي تحصل الكنيسة بمعرفتها علي التقدير الحقيقي والدقيق بعدد المنتمين إليها، وسبب إخفاء عدد المسيحيين من جانب الحكومة المصرية وتضخيمه من جانب الكنيسة إلي مطالبات المسيحيين في مصر بعدد من المقاعد البرلمانية، يعادل عدد المسيحيين بالإضافة إلي المطالبة بمقاعد وزارية، ومواقع قيادية في مؤسسات الدولة، وهو ما تعلق عليه الدولة بشكل غير رسمي بأن الشعب يختار نوابه بحرية مطلقة• التقرير الصادر عن مركز " بيو " للأبحاث توصل إلي أن المسلمين في مصر تصل نسبتهم إلي 95 %من السكان مصر، بينما تصل نسبة الأقليات الدينية إلي 6 %فقط ، ووفق التقرير يصل عدد المسلمين في مصر 78.5 مليون شخص،• بينما يصل عدد المسيحيين علي اختلاف مذاهبهم إلي 4.5 ملايين شخص من عدد سكان مصر البالغ 83 مليون شخص• وقال منتدي "بيو" :إنَّه اعتمد في إجراء التقرير- 65 صفحة - علي أحدث البيانات المتاحة لأعداد السكان في 232 دولة ومنطقة حول العالم، وأن باحثيه استعانوا في التقرير بحوالي 50 عالمًا في العلوم الاجتماعية والإحصاءات في جامعات ومراكز أبحاث حول العالم، وقال منتدي "بيو": إنه اعتمد علي تحليل نتائج حوالي 1500 مصدر من بينها تقارير الإحصاء السكاني والدراسات الديموجرافية للوصول إلي هذا التقرير الذي يعد الأكثر شمولاً، والأول من نوعه حتي الآن• الغريب أن التقرير الذي أصدره مركز " بيو " الأمريكي للأبحاث لم يختص بمصر أو تصنيف سكانها حسب أديانهم ، لكنه كان تقريراً عن 25 دولة علي مستوي قارات العالم منها الولاياتالمتحدة وكندا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا وبولندا وروسيا وتركيا ومصر والأردن ولبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل والصين والهند وإندونيسيا واليابان وباكستان وكوريا الجنوبية والأرجنتين والبرازيل والمكسيك وكينيا ونيجيريا• وقد تم إجراء الاستطلاع علي 26 ألف شخص منهم ألف شخص في مصر وحدها، وقد رصد التقرير، بالإضافة إلي البيانات العامة عن السكان في البلدان المشار اليها، عدة محددات حول التوقعات التي تراها العينة عن المستقبل ومدي الرضا عن الأوضاع المالية، ورأي العينة في الظروف الاقتصادية، التي تعيشها أوطانها، قد جاء في التقرير إحصائيات مرتبة حول الدول التي يشعر سكانها بالرضا عن الحياة وتوقعاتها الإيجابية عن المستقبل مما ينفي عن التقرير الصفة التي طالته عندما نشرت الصحف المصرية تقديره عدد المسيحيين في مصر، وكأنها محاولة مقصودة لتشويه مقاصده، خاصة أن إحصائياته لم تكن في صالح الحكومة المصرية• فقد أكد التقرير أن المصريين هم الأقل ميلا إلي الاعتقاد بأن المستقبل يحمل شيئا إيجابيا بالنسبة لأبنائهم، مشيرا إلي أن نحو نصف المصريين 54%رأوا في عام 2008 أن معيشة أبنائهم سوف تكون أفضل من معيشتهم، فيما عبر 21%فقط عن هذا في العام 2009، وفي سؤال عن الأوضاع المالية الشخصية جاء المصريون في المركز الأخير، وبينما قال سبعة من كل عشرة مصريين تقريبا 6%:إن وضعهم الاقتصادي الشخصي سيئ، قال 30%فقط : إن وضعهم الاقتصادي جيد• وأكد اللواء أبو بكر الجندي رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن الأرقام التي نشرها التقرير الأمريكي حول عدد المسلمين في مصر لا يستند إلي مصدر معروف للبيانات ، مضيفاً خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده بمقر الجهاز، أنه ليس لديه رقم محدد لعدد المسلمين والأقباط في مصر، لأن هذه البيانات مصدرها الوحيد هو التعداد السكاني، وخانة الديانة في استمارة التعداد اختيارية وفقا للمعايير الدولية، مشيرا إلي أن عددا كبيرا من المواطنين يفضل عدم الإفصاح عنها، وبالتالي لا يوجد رقم محدد خاص بهذا الأمر• وأشار الجندي إلي قيام العديد من دول العالم بالشكوي لدي الأممالمتحدة، بسبب البيانات التي تنشرها بعض المنظمات الدولية والتي لا يعرف أحد مصدر بياناتها، لافتا إلي أنه حاول معرفة مصدر معلومات التقرير الأمريكي إلا أنه لم يتوصل إلي شيء، وقال الجندي: "مستعد لاحترام أي رقم يصدره أي شخص، بشرط توضيح مصدر المعلومات"• وأضاف: "لا يحق لأية جهة طبقا للقانون عمل أي تعداد أو استطلاع للرأي بدون إذن من جهاز الإحصاء والموافقة علي أسئلته، ولم يطلب مني أحد أن يقوم بهذه الدراسة"• وحول قيام الجهاز بتوجيه رد رسمي علي هذا التقرير، نفي الجندي هذا، مشددا علي ضرورة غلق ملف تعداد الأقباط والمسلمين في مصر، لأن هذا الحديث لا يجلب سوي اللغط وقد يؤدي لإحداث فتنة طائفية نحن في غني عنها وقال: "يجب تعدي هذا الأمر لأنه ليس لدينا بيانات نقولها"• وقد قال كمال زاخر الكاتب القبطي : إن نتائج الدراسة تفتقر إلي الدقة والمصادر المعروفة"، مشيراً إلي أن مركز " بيو "اعتمد علي تعداد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر مما يقلل من مصداقية نتائجه، لأن الإحصاءات في مصر منذ 1952 تشوبها الأغراض السياسية بعيداً عن الاعتبارات العلمية، خاصة أن الحكومة تجرّم إجراء أي إحصاءات في مصر دون الرجوع للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، مشيراً إلي أن التعداد في مصر لا يعتمد علي قواعد منتظمة• وقال زاخر: "إنه لا توجد إحصائية دقيقة ترصد تعداد الأقباط في مصر، فهم 4 ملايين مواطن طبقاً للتصريحات الرسمية، وحوالي 10-15 مليون مواطن حسب كشوف الكنيسة، والأبرشيات "وكلا الرقمين غير دقيق"، وأضاف أن التعداد ليس وظيفته أن يقيس الطوائف الدينية، لأن هدفه الحقيقي اقتصادي ويتمثل في تحديد دافعي الضرائب"• بينما اتهم د• أحمد راسم النفيس الكاتب الشيعي، التقرير بعدم الدقة، خاصة أنه اعتبر الشيعة في مصر من الأقليات الدينية، فضلاً عن صعوبة الوصول اليهم وإحصاء أعدادهم وأكد النفيس، نحن كشيعة ننتمي لمسلمي مصر شاء من شاء وأبي من أبي، معرباً عن دهشته مما وصف بالرعب من وجود الشيعة في مصر• وقد امتد رفض نتائج التقرير إلي عدد من النشطاء الدينيين، بالإضافة إلي الكنيسة القبطية، التي شككت في أرقام التقرير الخاصة بتقدير عدد المسيحيين في مصر، وأكدت الأرقام التي سبق وأشارت إليها، ومن جهته انتقد د•رءوف هندي الناشط البهائي تقرير "بيو" •• مشيراً إلي أن الإحصاءات الطائفية تعمل علي تعميق التصدع، والشقاق بين المواطنين، بينما من الأجدي إصدار تقارير تحض علي التفاهم، وقبول الآخر، ونشر مفاهيم الاحترام والمحبة بين الأديان• وأشار هندي إلي أنه كبهائي مصري لا يتوقف كثيراً أمام التعداد الطائفي، لأن ما يشغله هو تطبيق مبدأ المواطنة الذي ينص عليه الدستور، والتي تعني أن جميع المصريين متساوون في الحقوق والواجبات أمام القانون، وكذلك المادة 40 و46 اللتان تنصان علي حرية العقيدة والاعتقاد ، وقال : إن التقرير لم يأتِ بجديد لأن مصر بها أغلبية مسلمة وهذا أمر مفروغ منه، فيما يقاس تقدم الأمم ورقيها بين دول العالم باحترامها لحقوق الأقليات بصرف النظر عن أعدادهم• هذا فيما أشار د• نادر فرجاني الخبير التنموي إلي أن نتائج التقرير الأمريكي تقترب من الإحصاءات الرسمية، رافضاً إعطاء الأرقام الواردة بالتقرير أبعاداً سياسية•