نتيجة للمنافسة غير الشريفة بين شركات تجارة الأدوات الكهربائية الملتزمة وغير الملتزمة قرر النوع الأول من التجار أن يرفع شكواه ومذكرة فورية إلى وزير الكهرباء لتوضيح خطورة تجارة الأدوات الكهربائية غير المطابقة للمواصفات وقد ساعد التجار الملتزمون في ذلك القرار مجلس إدارة شعبة تجار الأدوات الكهربائية الجديد برئاسة ماجد أحمد الذي رفع مذكرة إلى د.محمود عيسى وزير الصناعة والتجارة الخارجية للمطالبة بإحكام الرقابة على المصانع المحلية الخاصة بتصنيع الأدوات الكهربائية خصوصًا أن هناك نحو 80 منها غير مطابق للمواصفات القياسية. كما قرر المجلس أيضًا رفع مذكرة لوزارة الكهرباء لحل مشكلة اللمبات الموفرة خصوصًا أن الشركات التابعة للوزارة تدعم اللمبة وتبيعها للمستهلك بنحو 6 جنيهات وهو ما دفع أغلبية الشركات المحلية بخفض جودتها خصوصًا أن التكلفة الفعلية لها تصل إلى 12 جنيهًا وذلك لمنافسة الشركات الحكومية. الجدير بالذكر إن الآثار السلبية لتجارة الأدوات الكهربائية المضروبة وغير المطابقة للمواصفات لا تقتصر على الناحية الاقتصادية المتعلقة بخسائر التاجر الملتزم لكنها تتعدى الأمر إلى الضرر الصحي الرهيب المتعلق بصحة المواطنين فاستخدام بعض الأدوات الكهربائية غير المطابقة للمواصفات قد يؤدي إلى إصابة الإنسان بالعمى كما حدث منذ بضع سنوات في قرية منيل شيحة بالجيزة عندما أصيب 220 شخصًا بالعمى المؤقت نتيجة تعرضهم للإضاءة الشديدة في أحد الأفراح وانفجار كشاف الإضاءة. فقد أكد أطباء العيون أن التعرض للإضاءة الشديدة وحدوث انفجار اللمبات يسبب التسمم البصري والعمى المؤقت ويرى تجار الأدوات الكهربائية أن الاستيراد غير المحسوب خصوصًا من الصين وزيادة الغش التجاري وبحث المستهلك عن الأرخص قبل الجودة يسبب الضرر للسوق والمواطن وقد أوضح د.أحمد الجندي أستاذ جراحة العيون بمعهد بحوث العيون أن إصابات العين من المواد المتفجرة شديدة الإنارة تؤدي إلى تطاير الزجاج وإصابة قرنية العين بأجسام غريبة وقد تحتاج إلى الجراحة. وفي حالة اللمبات الضخمة يمكن أن تتطاير مادة الزئبق التي بداخلها وتنتشر الأبخرة الحارقة عند انفجار اللمبات وتحدث حرقًا في السطح الأمامي للعين ويؤدي إلى العمى المؤقت وعدم القدرة على فتح العين والحرقان الشديد وهو نوع من الحروق لسطح القرنية وفي هذه الحالة يحتاج المرض إلى قطرات ومراهم وغلق العين حتى الشفاء التام. وأضاف د.فهيم سالم مدرس بكلية طب جامعة عين شمس قسم طب وجرحة العيون أن تعرض العين لأي مادة كيماوية مثل غاز الهالوجين بالمصابيح الكهربائية يؤدي إلى حدوث تقرحات سريعة والإصابة بما يسمى "الشبورة في القرنية" وإحداث العمى المؤقت نتيجة التورم أو التجمع المائي ويشعر الإنسان بعدم الرؤية ولكن يوجد بالعين خلايا داخلية تعمل على شفط المياه الناتجة عن التورم ويعود الإبصار خلال 24 ساعة. قال حسن سلوكة أحد تجار الأدوات الكهربائية: إن أغلب الأدوات الكهربائية تأتي من الصين حتى الماركات العالمية الأصلية تغش وتباع بضعف السعر، وهذا بسبب أن المستهلك دائمًا يبحث عن الأرخص ويسأل عن السعر قبل الجودة ورغم أن الحكومة رفعت رسوم الإغراق إلا أنه ما زال الاستيراد بكل أنواعه يغرق السوق المصرية كما أن مصانع بير السلم التي تصنع بعض الأدوات الكهربائية غير المطابقة للمواصفات خصوصًا الأسلاك تتسب في اندلاع الحرائق المختلفة في المنشآت الناتجة عن الماس الكهربائي لأن تلك الأسلاك لا تتحمل الجهد الكهربائي مما يجعلها تحترق وتحرق ما حولها الأمر الذي يؤدي إلى خسائر فادحة في الأرواح والمنشآت. قال يوسف أحمد موظف بأحد محلات بيع الأدوات الكهربائية بأحد محلات بيع الأدوات الكهربائية: إن التصنيع في مصر محدود خصوصًا للمفاتيح والترنسات والفيوزات واللمبات الكبيرة أو الكشافات ذات الإضاءة الشديدة فأغلب هذه البضائع مستوردة وتباع بأقل من السعر عند أصحاب التوكيلات والماركات العالمية ويرى أن المستورد هو المسئول الأول عن فساد السوق المصرية ودخول البضاعة المضروبة التي تضر بالناس وسريعة التلف سواء بالحرق أو الانفجار. أضاف إبراهيم حجازة محاسب بشركة أدوات كهربائية: إن الرغبة في الكسب السريع هي السبب الأول وهذا ناتج عن عدم تشديد الرقابة وزيادة الغش التجاري خصوصًا أن الأدوات الكهربائية مثل الترنسات والأسلاك واللمبات تتشابه في الشكل ويصعب التفريق بين الأصلي والتقليد أما محمد جمال صاحب كشك كمنفذ لبيع الأدوات الكهربائية بسوق العتبة قال: أحصل على البضاعة من أحد المستوردين وأعرضها للزبائن الذين يعرفون أن البضاعة صينية ويتم تجربتها أمام الزبون وبعد شرائها لست مسئولاً عنها وإذا تلفت بعد ساعة لا يمكن ردها أو استبدالها خصوصًا أنه تم اختبارها أمام الزبون. وقد أوضح ناصر فتحي مهندس كهرباء وصاحب مصنع ومستورد أسباب الاعتماد على البضاعة المستوردة فذكر أن مشكلات التصنيع كثيرة فهو يحتاج إلى عمالة وخامات واستثمار وغيرها لكن الاستيراد أسهل كثيرًا وأكثر ربحًا، وهذا أحد أسباب دخول اللمبات المغشوشة والأدوات الكهربائية غير المطابقة للمواصفات السوق المصرية بالإضافة إلى أن المصانع أصبحت كثيرة ودون رقابة كافية وبالتالي البضاعة كثيرة وتؤدي إلى التنافس الشديد على السعر والكل يسعى إلى التخفيض ليستطيع البيع ومواجهة السوق. وهناك بضاعة صينية مكتوب عليها منشأ إيطالي وبالتالي يصعب اكتشاف الغش ويرى أن الحل في الشراء من مصدر موثوق به والحصول على ضمان والحد من الاستيراد وتسهيل العقبات أمام المصانع المحلية. ويتحدث المهندس زاهر عطية عن السلع الكهربائية المضروبة فيقول: هناك العديد من السلع والماركات المغشوشة والمقلدة بإحكام من قبل متخصصين ومتقنين في الغش والتقليد والنسخ وكثير من الناس تفضل ماركة بعينها أو الشكل الخارجي أو كلمة (أصلي) أو صنع في اليابان مثلاً وكثير من الماركات التجارية يحدث الغش فيها اعتمادًا على قوة الملاحظة وضعفها يتغير حرف واحد فمثلاً sanyo الشهيرة يمكن أن تصبح sonyo ويفوت على المشتري ذلك كما أن كثيرًا من السلع والمنتجات (تجمع) تجميعًا مصدر الصناعة البلد الذي جمعت فيه فهناك تجميع (ماليزي) و(تايواني) و(كوري) واشتهرت اليابان لعقود طويلة ببضاعتها الجيدة وماركاتها الشهيرة مثل (فيلبس) الهولندية و(جوفيال) السويسرية في الساعات وغيرها. وفي أسواقنا كثير من السلع الكهربائية المضروبة حيث يكون تصنيعها رديئًا وتخزينها سيئًا أو أحيانًا منتهية الصلاحية والزبون الشاطر يعرف كيف يفرق بين ماركة وأخرى وما بين المقلد والمنسوخ والأصلي وهذه الظاهرة تحتاج أيضًا إلى خبرة ومعرفة بنوع الصناعة وأنواع الماركات الشهيرة وبوليصة الضمان قبل أن يشتري. وترى إيمان محمود موظفة أن انتشار هذه السلع الرديئة والمقلدة بهذا الشكل الكبير في أسواقنا ينطوي على سلبيات متعددة فهي أولاً تحجب السلع الجيدة الصنع من الأسواق كما أن لها أضرارًا كبيرة من الناحية الصحية والاستهلاكية خصوصًا الأدوات والآلات الكهربائية الرديئة التي تشكل خطرًا على سلامة مستخدميها وهذا له تأثيره السلبي البالغ في صحة الإنسان. ويقول محمد رستم صاحب محل أدوات كهربائية بشارع عبد العزيز: تمتلئ المحلات وتتخصص في بيع السلع الرخيصة والكثير منها يبيع الأجهزة والأدوات الكهربائية الرديئة الصنع والمقلدة والتي تعد خطرًا على الصحة والسلامة وهي للأسف في تزايد وتغري المستهلك بأسعارها المنخفضة والمتابع لمستوى جودة البضائع والسلع رديئة الصنع والمقلدة حتى صارت أسواقنا تمتلئ وتزخر بهذه الكميات من السلع بل إن هناك محلات تخصصت في هذا النوع من البضائع مثل محلات السلع المخفضة التي صارت تجذب أعدادًا كبيرة من الزبائن الذين يبحثون عن السعر الرخيص وهذا بدوره أثر في المحلات الأخرى التي صارت أيضًا تركز على هذه البضائع الرخيصة والرديئة جذبًا للزبائن. ويوضح عامر فؤاد الخبير الاقتصادي أن انتشار السلع المغشوشة ليس مرتبطًا برخص أسعارها مقارنة بأسعار السلع الأصلية حيث إن السلع الأصلية والمقلدة والمغشوشة تباع بنفس السعر والمستهلك يقع ضحية الغش والتدليس. ويضيف عامر: إنه في ظل سيادة العولمة اتسع نطاق الغش ليصير قضية خطيرة وذات أوجه متعددة تطال المستهلك في كل القطاعات سواء الأغذية والإلكترونيات والأدوات الكهربية والاتصالات وتقنية المعلومات والأدوية والأجهزة الطبية وانفتاح السوق تشكل مما يستدعي اتخاذ الإجراءات الكفيلة لمحاربة الغش والتقليد والقضاء عليه وإيجاد الأرضية الخصبة لنمو الثقة العالمية في الأسواق لأن الآثار المدمرة لهذه الظاهرة خطيرة ولا يمكن إغفالها والحل الوحيد للحد من دخول هذه السلع هو التنسيق بين الجهات الحكومية المختصة والقطاع الخاص وإلزامهم بعدم استيراد البضائع المقلدة وتوعية المواطنين بعدم شراء هذه السلع. وعن كيفية حماية المستهلك من البضاعة المغشوشة أوضح د.حسن جميعي رئيس قسم القانون المدني ومدير مركز بحوث حماية المستهلك بجامعة عين شمس أن المسئولية تقع بالدرجة الأولى على الأجهزة الرقابية فمهمتها الكشف عن الغش في الأسواق خصوصًا المجمعة مثل سوق العتبة للكهرباء وأسواق شارع عبد العزيز وغيرها.. لأنها المصب الذي تصب فيه الأجهزة الكهربائية ومن خلالها يتم ضبط السلع المخالفة وردع المخالفين وتطبيق قانون حماية المستهلك 67 لسنة 2006 الذي تصل فيه العقوبة للحبس سنة والغرامة ومصادرة البضاعة وغلق المنشأة والحبس المؤبد في حالة إصابة الأفراد أو الوفاة. كما أنه على المستهلك أن يبلغ عند التأكد من غش وتقليد الأدوات الكهربائية وأن يلجأ إلى جمعيات حماية المستهلك والتي لها الحق في الادعاء المباشر أمام القضاء وإثبات أن المنتج غير مطابق للمواصفات وعدم الوفاء بالالتزامات القانونية والتعاقدية لأن هذا يمس بأمن المواطن وسلامته وأكد أن تشديد الحملات الدورية المفاجئة ومواجهة المخالفين بحزم شديد وعدم الرأفة في إغلاق المنشأة حتى يكون المخالف عبرة للآخرين كل ذلك كفيل بالحد من الإضرار بالمستهلك صحيًا وماديًا وقد كشف ماجد أحمد رئيس شعبة تجار الأدوات الكهربائية أن 80% من المصانع المحلية إنتاجها غير مطابق للمواصفات القياسية باستثناء 3 مصانع وذلك لأن المصانع ليست في حقيقة الأمر مصنعة للأدوات الكهربائية من أسلاك وترانسات ومشتركات كهربائية ولمبات موفرة وقواطع التيار الكهربي وإنما تقوم باستيراد المكونات الخاصة للسلع بنسبة 90% من الصين بجودة منخفضة وتعيد تجميعها. أشار إلى أن المصانع تلجأ إلى هذه العملية نظرًا إلى انخفاض التعريفة الجمركية للمكونات التي تصل إلى 16% في حين أن الضريبة الجمركية على الأدوات الكهربائية تامة الصنع تصل إلى 45%. أكد رئيس الشعبة أن الأدوات الكهربائية المستوردة والتي تصل نسبتها إلى 30% من إجمالي السلع الموجودة بالسوق ذات جودة عالية ويستورد 90% منها من الصين والباقي من تركيا مقارنة بالسلع المحلية نظرًا إلى إحكام الرقابة على المنتجات تامة الصنع الصادرة من الخارج وتحليل عينات منها من قبل الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات للتأكد من مطابقتها للمواصفات القياسية وهو ما لا يحدث في السوق المحلية فالأجهزة الرقابية لا تقوم بدورها في متابعة المصانع المصنعة للأدوات الكهربائية. وأضاف: إن الشعبة تمت إعادة تشكيلها للتعاون مع الجهات المعنية للقضاء على العشوائية التي تسيطر على القطاع وإحكام الرقابة على الأسواق والدفاع عن التاجر الشريف بالتوازي مع العمل على تجويد الصناعة المحلية لضمان سلامتها وسلامة المستهلك وفيما يتعلق بحالة السوق قال إن المبيعات انخفضت بنسبة تصل إلى 60% نظرًا إلى الظروف الاقتصادية التي تشهدها البلاد خلال الفترة الحالية وتوقف معظم المشروعات الاستثمارية والسياحة.