قبل أن يخلي الشباب ميدان التحرير، وقبل أن يتخلي مبارك عن الحكم، اندفعت أيادي عدد من المثقفين تسجل وتؤرخ لهذا الإنجاز السياسي الباهر عبر صفحات كتبهم، وعقب الإطاحة بمبارك في الحادي عشر من فبراير، تدفق سيل الكتابات؛ فمن كتاب "ثورة التحرير.. أسرار وخفايا ثورة الشباب" للكاتب السيد عبد الفتاح، و"اباطرة الفساد " والصادرين عن دار الحياة للنشر والتوزيع، مرورًا بما صدر عن دار "أكتب"، مثل: "ثورة الغضب صنع في مصر" للكاتب مراد ماهر، و"كان في مرة ثورة" للكاتب محمد فتحي، و"ليلة سقوط الرئيس" للكاتب سامي كمال الدين، و"مصر والمصريون في عهد مبارك 1981 - 2011" للكاتب جلال امين عن دار الشروق، و"فيش وتشبيه" للكاتب مصطفي الطبجي عن دار المصري للنشر، وكتاب "من الاخوان إلي ميدان التحرير" للكاتب أسامة درة والصادر عن دار المصري للنشر، وكتاب "مائة خطوة من الثورة" للكاتب أحمد زغلول الشيطي، والذي صدر عن دار ميريت للنشر والتوزيع، وصولًا إلي "ثورة 25 يناير قراءة أولي" للكاتب وحيد عبد المجيد عن مركز الاهرام للترجمة، وكتاب "كيف تفجرت الثورة في 25 يناير؟ الفيس بوك وأدوات التكنولوجيا الثورية" للكاتب محمد سيد ريان، وديوان "ميدان التحرير 25 يناير 2011" للشاعر عبد الله السمطي. وفي الحصاد السنوي الذي أجرته "صوت البلد" علي المكتبات، والكتب الصادر عنها خلال العام 2011، تراءت ظاهرة استحقت النظر خاصة عقب تصريحات د. محمد صابر عرب رئيس دار الكتب والوثائق القومية، عقب الثورة علي أن التأريخ لها لم ولن يكون خلال الفترة الراهنة، وأن ذلك لن يتم إلا بعد مرور سنة علي الأقل، وهو التأكيد الذي يسلب من تلك الكتابات أهم ما ميزها، ويجعل منها مجرد "كتابات عادية" يحاولون من خلالها السعي لمزيد من الربح، ووافقه الرأي الروائي يوسف القعيد الذي قال فى الوقت الراهن لا تصلح أي كتابة عن الحدث؛ لانه لم يكتمل بعد، فجميع مراحله لا تزال غير مكتملة حتى الآن؛ فالعمل الادبي الابداعى لم يولد ولم يتشكل عند المبدع الحقيقي؛ لان الثورة لم تكتمل؛ فعلينا الانتظار لتضع مولودها، واعتبرالشاعر شعبان يوسف هذه الإصدارات مجرد "كتابات عادية"؛ قائلا: يوجد أشخاص منافقون يريدون أن يركبوا علي أكتاف الثورة، وهم الذين كانوا بالأمس يشيدون بالنظام، ويقفون في أول صفوف الموالين، واليوم يقفون بين صفوف المعارضين، وهؤلاء المتلونون هم الذين يكتبون الان عن الثورة كبعض شعراء النظام السابق، وأضاف الكاتب محفوظ عبد الرحمن، أن ثورة يناير ليست ثورة سياسية فقط، بل ثورة ثقافية وفنية علي الأعمال الهابطة، خاصة أن الناس أصبح لديها وعي سياسي ولن تقبل بالتفاهات في المرحلة المقبلة، ودورنا كمؤلفين ومثقفين خلال هذه المرحلة هو العمل الجيد. إلا ان الغريب في حصاد هذا العام، أنه لم تظهر أي محاولة من كاتبة نسائية للتأريخ لأحداث الثورة، مما طرح تساؤلًا؛ مفاده: هل هناك من يمارس الإقصاء الثقافى ضد المرأة فى عالمنا العربى، خاصة أن معظم الكتابات التي شهدتها المرحلة التالية علي ثورة الخامس والعشرين من يناير، كانت لكتّاب رجال، ولم نجد أي إصدار عنها ضمن "الكتابات النسوية"، فهل لا يزال الرجل سيد الموقف، أم أن المرأة ذاتها هى التى تجنى على نفسها بسبب ترددها، وضعف شخصيتها؟ فقال وزير الثقافة د. شاكر عبد الحميد: إن أهم المعوقات التى تحول دون مشاركة المرأة الفاعلة فى الثقافة، أن هناك وصاية من قبل الرجل على المرأة بصورة فطرية؛ لأن الحياة خُلقت على هذه الشاكلة؛ ابتداء من وصاية الأب والأخ والزوج، وهذه الوصاية تكون جيدة إذا كان الرجل واعياً ومنفتحاً ومتحرراًَ من الفكر المتخلف، بحيث لا يضع العقبات فى طريق المرأة؛ فالمرأة موجودة فى الساحة الثقافية، لكن ليس بالمستوى المطلوب أو المتوقع؛ لعدة أسباب؛ منها: المرأة نفسها؛ حيث هناك بعض النساء لا يمتلكن الثقة الكافية بالنفس، وهذا النموذج يكون مدمراً لنفسه وللأخريات، كذلك فإن المجتمع لا يزال ينظر للمرأة المتحررة فكرياً وثقافياً نظرة حذر وتخوف؛ باعتبار أن هذا المجتمع والقيم السائدة فيه ترى أن المرأة هى صانعة الأسرة، ويجب أن تخرج عن هذا الأطار إلى المجال الثقافى أو غيره.