تعاني المخيمات الفلسطينية في لبنان من أوضاع إنسانية بائسة ومزرية تؤثر سلباً على الشعبين اللبناني والفلسطيني على حدٍ سواء.مما دفع "مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية" مقترحات وتوصيات مؤتمر "المخيمات الفلسطينية في لبنان" الذي أقيم مؤخرا، وحضره ممثلون عن "الأونروا" ومنظمات دولية وفلسطينية والمسؤول السياسي في حركة حماس رأفت مرّة وناشطون فلسطينيون ولبنانيون، وذلك مساهمة في محاولة تقديم أفكار واقتراحات حلول لمعضلة المخيمات الفلسطينية في لبنان . شرح مدير المركز السفير عبد الله بو حبيب مسار إعداد التقرير النهائي لمؤتمر "المخيمات الفلسطينية في لبنان" بما في ذلك المقترحات والتوصيات، مشيراً إلى أنه تمّت الإستفادة من ملاحظات واقتراحات العديد من المهتمين بملف المخيمات الفلسطينية في لبنان. كما تحدث مساعد مدير المركز ميشال أبو نجم المقترحات والتوصيات التي وُجِّهت إلى أربع جهات رئيسية هي الحكومة اللبنانية، السلطة والفصائل الفلسطينية، الأونروا والأممالمتحدة، المانحين الدوليين والعرب. وبناءً على الإجماع الذي برزَ في مؤتمر "المخيمات الفلسطينية في لبنان" على تأكيد الحال الإنسانية البائسة والمزرية في المخيمات الذي يسهم في تحويلها إلى قنابل موقوتة وتنامي الحركات التكفيرية فيها واستقطاب الفارين من وجه العدالة، إضافةً إلى الإجماع من المشاركين الفلسطينيين واللبنانيين على السواء على بسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها والتمسك بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم ورفض التوطين في لبنان بأشكاله كافةً. وقد دعت مقترحات المؤتمر وتوصياته الحكومة اللبنانية إلى استحداث وزارة دولة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين تتولى تنظيم وتنفيذ سياسة لبنان والجهات المعنية تجاه المخيمات الفلسطينية في لبنان، وإلى الإسراع في تطبيق مقررات الحوار الوطني اللبناني في العام 2006 المتعلقة بالسلاح الفلسطيني خارج المخيمات وداخلها. وشدَّدت مقترحات المؤتمر وتوصياته على ضرورة مبادرة الحكومة اللبنانية إلى وضع خطة إنقاذ شاملة بالتعاون مع المنظمات الدولية والدول العربية لمعالجة ملفّ اللاجئين الفلسطينيين ومنحهم الحقوق المشروعة كافةً من ضمن السيادة والأمن اللبنانييَن. ولفتت المقترحات إلى ضرورة أن تتضمن خطة الإنقاذ المطلوبة العمل على تحويل المخيمات من "غيتوهات" منعزلة عن المجتمع اللبناني وبؤر يلفُها البؤس وتكثرُ فيها الأعمال المخلّة بالأمن إلى مساحات للحياة الكريمة والفرح والتفاعل الإجتماعي، والعمل على إعادة تأهيل البنية التحتية للمخيمات والتركيز على معالجة الأوضاع الإجتماعية فيها، والتركيز على تأهيل كادرات فلسطينية وتدريبها لتلبية حاجات سكان المخيمات. وأشارت المقترحات الموجهة إلى الحكومة اللبنانية إلى أنَّ ورشة العمل المقترحة يجب أن تُلقى على عاتق الأممالمتحدة والسلطة الفلسطينية بإشراف الدولة اللبنانية والتنسيق معها، على أن تتولى الأممُالمتحدة قيادة حملة جمع الأموال اللازمة من خلال مؤتمرٍ دولي. ودعت أيضاً الحكومة اللبنانية إلى تصحيح الوضع القانوني للاجئين الفلسطينيين في لبنان وفق معايير حديثة وعصرية بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية، مما يسمح لهم بحيازة جواز سفر فلسطيني صادر عن السلطة أو وثيقة تعادله، بموافقة الدولة اللبنانية، إضافةً إلى منح اللاجئين بالتنسيق مع الدولة والنقابات المهنية والعمالية اللبنانية، حقَّ ممارسة المهن الحرة في المخيمات لتلبية حاجاتها أولاً، على أن يُصارَ إلى البحث في إيجاد صيغةٍ للعمل خارج المخيمات للشريحة المتبقية. كذلك تطرقت المقترحات إلى حق التملك، فطالبت بمنح اللاجئين حقَّ التملك من ضمن ضوابط محددة وصيغة مرنة تشمل التأجير البعيد المدى على ألا تزيد المدة عن عشرين عاماً، وبتشريع الروابط والجمعيات الفلسطينية على أن يكون اهتمامها محصوراً بالشؤون الخاصة بالفلسطينيين. مقترحات إلى السلطة أما مقترحات الموجهة إلى السلطة والفصائل الفلسطينية فقد دعت السلطة والفصائل إلى إنشاء مرجعية فلسطينية واحدة وشرعية تتمحور حول السلطة الفلسطينية التي تحظى باعتراف دولي، وإلى التعاون لتنفيذ مقرَّرات الحوار الوطني اللبناني في العام 2006 المتعلقة بالسلاح الفلسطيني خارج المخيمات وداخلها عبر الحوار مع الحكومة اللبنانية. وطالبت المقترحات السلطة الفلسطينية بالعمل مع الدولة اللبنانية على تصحيح الوضع القانوني للاجئين الفلسطينيين في لبنان، في شكل يصبح بإمكانهم حيازة جواز سفر فلسطيني أو وثيقة تعادله صادريَن عن السلطة الفلسطينية، بموافقة السلطات اللبنانية. وأشارت المقترحات إلى أهمية أن تؤكد السلطة والفصائل الفلسطينية للبنانيين باستمرار مبادىء رسالة السلطة الفلسطينية الرسمية حول العلاقات مع لبنان:"إعلان فلسطين في لبنان" الصادرة في العام 2008 لجهة عدم التدخل في الشؤون اللبنانية وتأكيد سيادة لبنان على اراضيه وحقه في ممارسة هذه السيادة من دون أي شروط أو عراقيل أو تبريرات، وذلك من خلال حملة علاقات عامة شاملة تسهم في إلغاء صورة المخيمات التي تشكلت منذ أواخر الستينات. مقترحات إلى الأونروا المقترحات الموجهة إلى الأونروا والأممالمتحدة شددت على ضرورة أن تبادر منظمة الأونروا في لبنان، كونها المسؤولة الرئيسية عن شؤون اللاجئين الفلسطينيين، إلى وضع خطة إنقاذ عملية وجذرية، تنهي حالة "الغيتوهات" السائدة في المخيمات بالتنسيق مع هيئات ومنظمات الأممالمتحدة الأخرى المعنية والمختصة، وبتعاونِ الدولةِ اللبنانية والسلطة والفصائل الفلسطينية وموافقتها. وطالبت المقترحات بالإعداد لمؤتمرٍ دولي تشارك فيه الدول المانحة، الأوروبية والأميركية والآسيوية والعربية، للموافقة على خطة الإنقاذ الإنمائية وجمع الأموال اللازمة لتنفيذها، بالتنسيق مع الدولة اللبنانية والسلطة والفصائل الفلسطينية. ودعت التوصيات والمقترحات إلى تأسيس هيئة رقابة مالية دائمة ومستقلة تشرف على تنفيذ المشاريع وصرف الأموال المخصصة، وطالبت الأونروا بإشراك سكان المخيمات في صياغة خطة الإنقاذ وتنفيذها وإطلاعهم دورياً على أعمالها في المخيمات، كذلك لفتت إلى أن على الأونروا أن تزيدَ من فرص العمل للاجئين الفلسطينيين في أجهزتها ومشاريعها وورش عملها. مقترحات إلى المانحين الدوليين والعرب وأكدت المقترحات الموجهة إلى المانحيين الدوليين والعرب ضرورة منح الأولوية لحلِّ مشكلةِ اللاجئين الفلسطينيين في لبنان لأنَّ أوضاع المخيمات واللاجئين فيه هي الأسوأ بين الدول التي ينتشرُ فيها هؤلاء، وبسبب الوضع الإنساني المُزري في المخيمات وحال عدم الإستقرار الأمني التي تؤثر بتداعياتها على ولفتت إلى أنَّ المماطلةَ في بحثِ قضية مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وتجاهلها في مفاوضات السلام يزيدان من خطورة الحال في هذه المخيمات. وأشارت مقترحات مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية إلى وجوب التعامل مع مشكلة اللاجئين الفلسطينيين كمعضلة معقَّدة وتستدعي حلولاً مركبة وعدم الإكتفاء بالمقاربة الأمنية والتقنية، لأنها ذات وجهين إنساني وسياسي على السواء، داعيةً المانحين الدوليين والعرب إلى التمسك بسيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها ودعم خططها لمعالجة السلاح الفلسطيني في خارج المخيمات وداخلها. كذلك شددت على أهمية ان تتجاوب هذه الدول في شكل كامل مع خطة الأونروا لعقد مؤتمرٍ لجمع الأموال اللازمة لتمويل خطة إنقاذ المخيمات وتنميتها، إضافةً إلى فتح الأبواب للشباب الفلسطيني للعمل في الدول الغربية والعربية خاصة وان الفلسطينيين يمتلكون كفاءات كبيرة ومهمة في المجالات المختلفة ولا يشكل وجودهم في هذه الدول عبئاً عليها، كما أثبتت ذلك تجاربهم اللامعة في بلدان الاغتراب الغربية والعربية منها على السواء.