يبدو أن اتحاد كرة القدم - الذى يرأسه سمير زاهر - اعتاد على المشاكل وكأنه لا يعرف طعم الراحة أبدا، فمنذ أن جاء هذا الاتحاد ومبنى الجبلاية فى عرض مستمر للمشاكل والأزمات وكأننا ندير لعبة ليست فى العالم، فلا نسمع عن كم هذه المشاكل إلا فى مصر، والأمر الذى يدعو للدهشة أكثر أن غالبية أزمات اتحاد الكرة يتم تصديرها للفيفا، فما يكاد يخرج من أزمة حتي يقع في أخري، وتكون الأزمة الجديدة أكثر عنفا وأشد تعقيدا من سابقتها.. فبعد أيام قليلة من الأزمة الكبري التي فجرتها المباراة الودية للمنتخب الأول مع البرازيل، ومن قبلها كانت الأزمة الخاصة بالاختلاف علي حقوق الرعاية مع بعض أندية الممتاز، جاءت لتطفو علي السطح أزمتين عنيفتين في توقيت واحد، الأولي خاصة ببيع حقوق بث مباريات التصفيات الأفريقية المؤهلة لاولمبياد لندن والتي يشارك فيها المنتخب الاوليمبي المقامة حاليا بالمغرب للفضائيات، والثانية هي التي فجرها ائتلاف شباب ثورة يناير بتقديم بلاغ ضد د. كرم كردي عضو مجلس ادارة الاتحاد وهو أحد الأعضاء الثلاثة الذين نجحوا في الانتخابات التكميلية الأخيرة للاتحاد بتهمة أنه ممن أفسدوا الحياة السياسية وحققوا مكاسب مالية ضخمة من وراء علاقاتهم الشخصية مع بعض رموز الفساد السابقين مثل يوسف عبد الرحمن رئيس جهاز أمن الدولة السابق، صاحب الأزمة الأخيرة وهو كردي كان هو نفسه الذي فجر آخر أزمات الاتحاد وهي الخاصة ببيع مباراة البرازيل لإحدي القنوات الفضائية الخاصة، وهاجم بمنتهي القسوة كل من كان له دور في بيع المباراة، وطالب بفتح ملف التحقيق مع كل من لهم دور في هذه القضية. والأزمة الأولي الخاصة بالبيع الحصري للتصفيات الافريقية المؤهلة لاولمبياد لندن لن تكون آثارها ونتائجها بنفس الحجم الذي كانت عليه نتائج وآثار بيع مباراة البرازيل ليس فقط لأن صاحب حق البيع هنا هو الاتحاد الأفريقي المنظم للتصفيات، وإنما لأن المستفيد من البيع هذه المرة أكثر من طرف تربطهم مصلحة واحدة.. لكن المشكلة أو الأزمة هنا ستكون في بيع كواليس المنتخب المصري لنفس المشتري، فالكواليس الخاصة بالمنتخب المصري هي المملوكة للاتحاد المصري، وهي التي يتوقع أن تثير الخلاف داخل اتحاد الكرة بحثا عن الأطراف المستفيدة من البيع.. والذي يزيد الأمر غموضا وشكوكا هو أن الذي باع حقوق بث المباريات هو عمرو عفيفي الذي هو صاحب الوكالة المالكة لحقوق رعاية الاتحاد، وهذا الغموض هو الذي ستكشف عنه الأيام القليلة المقبلة، أما بالنسبة للأزمة الثانية والخاصة بالبلاغات المقدمة ضد كرم كردي، فهي أزمة وإن بدت خاصة لا تهم إلا صاحبها فقط وليس لاتحاد الكرة علاقة بها، إلا أنها تمثل خطرا بالغا علي باقي مسئولي الاتحاد، خاصة اذا ما قام بعض الأشخاص ممن كانوا علي خلاف ببعض مسئولي الجبلاية بتقديم بلاغات مماثلة ضد هؤلاء المسئولين، وقد تضمن البلاغ الذي تقدم به شباب جبهة ائتلاف ثورة يناير للنائب العام أنه لابد من تطبيق قانون الإفساد السياسي علي كرم كردي بتهمة أنه قام بتزوير شهادة الخدمة العسكرية، وأنه صدر ضده بالحبس ستة أشهر في القضية رقم (375/84) جنايات عسكرية الإسكندرية، بل إنه نجح في استخراج جواز سفر بهذه الشهادة المزورة. وأضاف أعضاء الجبهة في البلاغ، أن كردي أثناء دراسته بكلية الصيدلة كان زميل شقيق زوجة اللواء حسن عبد الرحمن مساعد وزير الداخلية لإدارة مباحث أمن الدولة واستغل هذه العلاقة ليحقق مأربه وقام بمشاركته في عدة شركات يتم من خلالها جمع 7.1 مليار جنيه وكان الوجه الآخر لحسن عبد الرحمن وظل صديقا له سواء قبل 25 يناير أو أثناء الثورة وبعدها وظل علي علاقة المودة به ويزوره الآن في محبسه بطرة ويحضر له المحامين والمأكولات والمشروبات، وأضاف مقدمو البلاغ أن كردي استغل المحجوب وعبد الرحمن للتسلق والصعود الي رئاسة النادي الأوليمبي عام 2002،وبعيدا عما يمكن أن تسفر عنه تحركات هذا الائتلاف سواء برحيل كردي عن اتحاد الكرة أو ببقائه في موقعة، إلا أن ما جاء في البلاغ من تهم أصاب كل من بالوسط الكروي خاصة الشرفاء المتطلعين لتطهير الوسط من الفاسدين بالصدمة الشديدة في كردي وفيمن مثله بالاتحاد ممن حملوا في الأيام الفائتة لواء الشرف والأمانة للدفاع عن حقوق الجبلاية وتطهير الاتحاد من الفساد والمفسدين. وعلى جانب آخر، اشتعل الصراع داخل اتحاد الكرة بين سمير زاهر رئيس مجلس الإدارة والثلاثى مجدى عبدالغنى وكرم كردى وجمال محمد على، أعضاء المجلس الذين يصرون على تقديم أنور صالح - القائم بأعمال المدير المالى للاتحاد - تقرير كل ثلاثة أشهر لمجلس الإدارة كاملا عن الموقف المالى للاتحاد، كما طلب الثلاثى من زاهر تقديم جميع المستندات الخاصة ببيع حقوق مباراة المنتخب الوطنى الأول مع البرازيل التى أقيمت فى الدوحة مؤخراً ووضع حد لقراراته الفردية التى يتخذها دون الرجوع لأعضاء المجلس مثل بيع حقوق بث مباراة البرازيل لإحدى القنوات دون الرجوع للمجلس، رغم أنه لم يكن يملك تفويضاً من المجلس بالبيع. وفى المقابل، وجه زاهر الدعوة لرؤساء الأندية لعقد اجتماع لمناقشة دورى المحترفين المنتظر تطبيقه الموسم المقبل، كما تعهد فيه حازم الهوارى - عضو مجلس إدارة الاتحاد - بسداد قيمة تذكرة سفره إلى المغرب للتواجد مع المنتخب الأوليمبى الذى شارك فى تصفيات أفريقيا المؤهلة لأوليمبياد لندن 2012، خلال جلسته مع علاء عبدالعزيز مدير المنتخب الأوليمبى فى المغرب، خصوصاً أن الهوارى أعلن فى وقت سابق أنه سافر على نفقته الخاصة. وأكد د. كرم كردى - عضو مجلس الإدارة - تمسكه بموقفه الرافض للسياسة العشوائية والفردية المتبعة داخل الاتحاد مهما تعرض لضغوط، قائلًا: إن الحملة التى تعرض لها مؤخراً كان غرضها إبعاده عن التنقيب عن المخالفات داخل الجبلاية وتوجيه رسالة إلى بقية الأعضاء بعدم الاعتراض على سياسة زاهر. وشدد كردى على أن هناك مفاجأة لم يعلن عنها حتى الآن ستقلب الموازين خلال الفترة المقبلة، وأوضح أنه لا يهمه بقاء المجلس الحالى من عدمه، ولكن كل ما يشغله هو تطبيق العدالة وعدم وجود مخالفات وتجاوزات حتى لا يسأل عنها بصفته عضوا بالمجلس. وأكد مصدر بارز داخل الاتحاد أن سمير زاهر رئيس اتحاد الكرة بدأ فى خطة "تهميش" مجدى عبدالغنى عضو مجلس الإدارة على ضوء الخلافات القوية التى نشبت مؤخرًا بينهما على خلفية إذاعة مباراة المنتخب الوطنى الأول لكرة القدم مع البرازيل والتى أقيمت بالدوحة يوم 14 نوفمبر الماضى والتى اتهم فيها عبدالغنى رئيس اتحاد الكرة بوجود صفقة مشبوهة فى بيع حقوق بث المباراة لإحدى القنوات الفضائية؛ الأمر الذى أثار حفيظة سمير زاهر والذى قرر بعد عودته من قطر تنفيذ خطة التهميش وتقليص دوره داخل اتحاد الكرة والخطوة الأولى ستكون بلجنة شئون اللاعبين والتى يشرف عليها مجدى عبدالغنى ويتدخل فى كل صغيرة وكبيرة وفق أهوائه الشخصية بما يخالف قرار الجمعية العمومية بعدم الجمع بين عضوية مجلس الإدارة والإشراف على شئون اللاعبين وهى الضربة الموجعة التى يسعى زاهر لتوجيهها إلى عبدالغنى والتى ستجعل الأخير يعود إلى الوراء خطوات ويفكر ألف مرة قبل الهجوم على رئيس الاتحاد ليس ذلك فقط بل سيتم وقف أى طلب له فى الجبلاية وعدم تنفيذه وفى مجلس الإدارة سيتم رفض أى رأى له وبالقانون وبالأغلبية فليس لدى أى عضو باستثناء كرم كردى الوقوف بجانب عبدالغنى. ويعلم الجميع داخل الجبلاية أن عبد الغنى يتبنى القضية دفاعًا عن القناة الفضائية التى يعمل بها والتى لم تحصل على حقوق المباراة وهى فى نفس الوقت مديونة لاتحاد الكرة بما يزيد على تسعة ملايين جنيه، وبالتالى فليس مستبعدا أن يتراجع عبدالغنى عن الهجوم وتقديم الاعتذار واقترح البعض بأن يكون علنيًا مثلما قام بمهاجمة زاهر فى القنوات الفضائية بعقد مؤتمر صحفى، وفى حالة عدم إستجابته فهناك العديد من علامات الاستفهام حول عبدالغنى والتى من السهل كشفها بسهولة ويتحفظ عليها زاهر منها ورقة أحمد مجاهد عضو الاتحاد والذى يوجد له خلاف مع عبدالغنى قديم برغم التظاهر بالصلح وتصفية الأجواء بينهما بعد ذلك ومن السهل أن يقوم بوضع يده على لجنة شئون اللاعبين والتى كان يرأسها مجاهد من قبل ولديه دراية واسعة بشئونها، لكن هناك بعض الوسطاء مازالوا يتدخلون لإنهاء الخلاف بين الطرفين، كما أن هناك محاولات لاستقطاب كل من د. كرم كردى ود. جمال محمد على إلى صف سمير زاهر على أن يبقى مجدى عبدالغنى منشقًا عن المجلس، وكشف د. جمال محمد على عن مفاجأة بأن الأعضاء الجدد فى الجبلاية غير مسئولين عن رحلة مباراة البرازيل لأن اتحاد الكرة تعاقد بشأنها فى عهد المجلس السابق وقبل أن ينضموا، كما أن من واجب الأعضاء الاستفسار عن الطائرة الخاصة التى أقلت المنتخب وهل كان ذلك على نفقة الاتحاد أم لا؟ إضافة إلى الأشخاص الذين سافروا على متن الطائرة من خارج البعثة الرسمية، كما أن زاهر بصفته رئيسًا للبعثة ملزم بتقديم تقرير عن الرحلة شامل كافة التفاصيل لمجلس الإدارة، وهو ما لن يحدث على أرض الواقع، خاصة فى ظل المحاولات الخفية التى تتم بين أعضاء الجبلاية أو فى حضور وسطاء لمنع الاصطدام مع رئيس المجلس سمير زاهر، الذى يعرف عنه بالذكاء الشديد فى مثل هذه الأمور، خاصة أنه كان عضوا بارزا فى الحزب الوطنى المنحل ولا يمكنه أن يقف أمام أى مشكله دون إيجاد حلول جذرية لها، وهو ما قد يرجح كفة زاهر ليبقى الوضع على ما هو عليه وتستمر الكرة فى التدهور.