ان الاوضاع التى تشهدها الحالة السياسية فى الوقت الراهن، خاصة بعد ان ارسى اعتصام 8 يوليو بعض المطالب التى أقر من اجلها، وجاء على رأسها المحاكمات العلنية والعاجلة لكل رموز الفساد بمن فيهم مبارك ونجلاه، أدخلت البلاد عهدا جديدا بسيادة دولة القانون والمحاسبات وهى اول قواعد التحول الديمقراطى واهمها على الاطلاق. وبالرغم من وحدة الموقع - ميدان التحرير - الذى حوى كل القوى السياسية التى شاركت فى الاعتصام، الا ان هذه التكتلات عجزت فى اول تجربة حقيقية بعد ثورة يناير لتوحيد الصف ولم الشمل تحت راية واحدة. فاللقاءات والاجتماعات التى انعقدت دعوة للوقوف على قلب رجل واحد - وبالرغم من تعددها وبحضور ممثلى الكتل - لم تصل إلى حلول توافقية وغطاء موحد يشملها ويحدد اهدافها ويضمن ديمومة التواصل فيما بينها حال فض الاعتصام الذى كان متوقعا شكلا ومضمونا وفى تقديرى انه كان لذلك اسباب لابد ان اوجزها من وجهة نظرى كمنسق لأحد الكيانات السياسية الفاعلة والاكثر قربا من الموقف حتى نتلاشى السلبيات ونؤكد على رفضها إذا مكن؛ اهمها: 1- التشوية الاعلامى الذاتى: وقعت بعض القوى فى فخ تشويه نظيرتها اعلاميا بادعاءات شقت الصف ونالت من وحدة الهدف فبات التربص والغموض سيد الموقف. 2- الشائعات المغرضة: انتشرت الشائعات التى تهدف الى التشكيك والتخوين فى وطنية بعض القوى لتخدم فكرة التشويه مما زاد الفج عمقا. 3- البلطجة الفكرية: سادت البلطجة الفكرية بفرض الرأى واقصاء الاخر. 4- الشحن المعنوى والنفسى: تم شحن الرأى العام من خلال التشويه الاعلامى المنظم للاعتصام والقوى السياسية وإصدار البيانات لتحريض الشعب على المعتصمين بدعوى تعطيل عجلة الانتاج وخلافه. واستضافة من ليست لهم علاقة بالثورة ولا الثوار للتحدث باسم الميدان لعكس سلبية الموقف للجمهور. 5- التفكك والتقسيم: نظرا لعدم قدرة القوى الموجودة من لم الشمل والعمل بروح الجماعة، قسمت تكتلاتهم فيما بينهم الى حركات وهمية يليها حركات غير فاعلة واخرى فلول ثم تأتى الائتلافات والحركات العميلة. 6- الاختراق والتوريط: وبناء على هذا التشتت والتشكيك وتعدد الرؤى بات من السهل اختراقهم وتوريطهم من قبل قلة مندسة دأبت على اثارة الفتنة وزرع الشائعات بين جموع المعتصمين ليخرجوا بهم عن اهدافهم وغاياتهم - موقعة العباسية. 7- الوصاية والسيطرة: أصرت بعض الكتل على فرض سيطرتها على الاغلبية المعتصمة، ليصدروا بيانات ليست لها علاقة بواقع الاعتصام ولكن بغرض الظهور والشو الاعلامى. 8- الاستعلاء والفوقية: تعمدت بعض الكتل المنتشرة اعلاميا للنظر بدونية لنظيرتها التى فضلت العمل فى الخفاء. 9- وبنى على كل ما سبق تعدد المطالب لاسيما عدم التوافق سيد الموقف. وفى النهاية جاء اعلان اكثر من 30 حركة وحزبًا بتعليق الاعتصام دون فتح حالة حوار مع من تبقى حول الاستمرار او التعليق ليؤكد نظرية الاقصاء وعمق الاختلاف. وفى اعتقادى لو كان الامر شورى ما كان لاعتصام 8 يوليو ان يلقى مصير فضه بالقوى الجبرية الذى ترك مدلولا قويا على وهن الكتل السياسية المعتصمة وخاصة بعد جمعة الاسلاميين الاكثر تنظيما. واخشى ما اخشاه ان يكون هذا المشهد صورة مصغرة من الوضع السياسى فى البلاد، اما اذا كان بالفعل كذلك فلابد ان نحترس لان الثورة ربما سنرجع بها - نحن ثوارها - الى الخلف.