بعد قرار حكومة د. عصام شرف تراجعها عن المضي قدما في تنفيذ خطط للحصول على قروض من صندوق النقد والبنك الدوليين، تراجعت توقعاتها بشأن حجم الإنفاق في الموازنة العامة؛ حيث وجدت أن الحاجة للقروض الخارجية لم تعد قائمة في الوقت الراهن وقد جاء رفض مصر الاستدانة من صندوق النقد والبنك الدوليين مساهما في تعزيز تصنيفها الائتماني، حيث رفعت مؤسسة فيتش الدولية تصنيفها لديون مصر بالعملة الاجنبية - طويلة الاجل الى "بي. بي" وذلك بعد أن كان تصنيفها سلبيا فى تقريرها السابق؛ وهو الامر الذي يراه خبراء الاقتصاد أنسب الحلول امام الحكومة المصرية لتقليص حجم الدين الخارجي، وإيجاد مصادر بديلة لتوفير موارد اضافية للموازنة، كالحد من دعم الطاقة وتنفيذ برامج للاصلاحات الضريبية لدعم الاستثمار وتوفير الموارد اللازمة لتمويل مشروعات البنية التحتية وتنمية رأس المال البشرى من خلال زيادة الانفاق العام. وقد تزامنت هذه الاراء مع ما دعا إليه محللون اقتصاديون دوليون الحكومة المصرية إلى كبح معدلات التضخم، ودعم احتياطي النقد الاجنبي بعد تراجعه إلى حوالي 26.5 مليار دولار بنهاية يونيو2011، مقابل 36.1 ملياراً في ديسمبر 2010؛ لإيجاد البيئة المواتية للاستثمارات الأجنبية وزيادة معدلات الانفاق الاستهلاكي، وتفادي الصدمات الاقتصادية الدولية. ويقول سعيد الصيفي محلل اقتصادي، إنه ينبغي على الحكومة المصرية منح الأولوية لكبح معدل العجز فى الميزانية عن طريق توفير الاعتمادات المالية اللازمة سواء من خلال المساعدات الخارجية أو الموارد المحلية. ويضيف بأن تراجع حجم احتياطي النقد الأجنبي خلال الأشهر السبعة الماضية بعد الثورة بانخفاض حجم الصادرات، وتحويلات المصريين فى الخارج، خاصة بالدول التى تشهد ثورات مثل ليبيا، اضافة إلى الهبوط الحاد فى عائدات السياحة، والتدفقات الاستثمارية الاجنبية، وضخ كميات كبيرة من الدولارات بالسوق المصرفية؛ لدعم العملة المحلية. ويشير إلى أن عودة المظاهرات الفئوية والاعتصامات العمالية تشكل خطراً على بيئة الاستثمار والاستقرار الاقتصادى.. مؤكدا على ضرورة إيجاد تسوية عادلة للعوامل التى تغذى تلك المظاهرات والاعتصامات. كبح عجز الميزانية ومن جانبها، قالت د. ماجدة قنديل المدير التنفيذى للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية: إن المساعدات العربية والموارد المحلية ستسهمان فى كبح معدلات العجز فى الميزانية خلال العام المالى 2011 - 2012 عقب رفض الحكومة لقروض صندوق النقد والبنك الدوليين. وتتوقع في المقابل، احتمال تباطؤ معدل الناتج المحلى الاجمالى بمصر خلال العام المالى 2011 - 2012 نتيجة الإحجام عن طلب المساعدات من صندوق النقد، والبنك الدوليين، ورصد المزيد من المخصصات المالية بالميزانية لمواجهة متطلبات العدالة الاجتماعية. وتعتبر إن الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لمصر يعد الركيزة الأساسية لاستقرار منطقة الشرق الأوسط ، مؤكدة على ضرورة إعادة الثقة الدولية في الاقتصاد المصري ودعم المنافسة. وعلى مستوى آخر، يدعو الخبير الاقتصادي عبد المطلب عبد الحميد إلى توفير الحكومة لحوافز ضريبية للشركات الأجنبية لدعم الاستثمار فى مصر، مشيرا الى أهمية العمل للنهوض بالبلاد، الامر الذي يقتضى تحديد احتياجات البلاد خلال الفترة المقبلة، والتركيز على الصناعات كثيفة العمالة ودعم قطاع الزراعة. استثمارات وئيدة وفي السياق ذاته، ذكر المحلل المالى محمد محمود، ان الاستثمار بمصر حاليا يسير بخطى بطيئة، إلا أنها لم تعد مقلقة بالنسبة للمؤسسات الاقتصادية الدولية في ضوء حالة عدم الوضوح التى تكتنف المستقبل السياسي للبلاد.. متوقعا زيادة معدلات الاستثمارات الاجنبية فى مصر بحلول الربع الاول من عام 2012 . ويشير الى أنه من الضروري لتحسن بيئة الاستثمار فى مصر، تعزيز سيادة القانون، ومحاربة الفساد، وتعزيز دور الأجهزة الرقابية والمصرفية والإدارة الرشيدة فى المؤسسات الاقتصادية سواء العامة أو الخاصة.. منوها إلى أن الاقتصاد المصري لا يزال قادراً على تحقيق النمو رغم الصعوبات التى يواجهها فضلا عن ضرورة دعم استقرار العملة المحلية وتقليص معدلات العجز فى الميزانية والتضخم. انتعاش اقتصادي ويرى د. محمود الخفيف الخبير الاقتصادى بالأمم المتحدة، أن مؤسسات دولية عديدة توقعت انتعاش الاقتصاد المصري خلال الخمس سنوات المقبلة خاصة مع استقرار الأوضاع السياسية.. مشيرا الى أن صندوق النقد الدولي يتوقع أن يبلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في مصر 1 % فقط خلال 2011، مما سيساهم في استرداد الاقتصاد لعافيته بحلول 2012 ليصل إلى 4 % ثم 5 % خلال 2013 .