فى جلسة استماع عقدت صباح الخميس أمام لجنة العلاقات الدولية لمجلس الشيوخ، أكدت آن باترسون المرشحة لتولى منصب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى أن استمرار المساعدات العسكرية لمصر مصلحة وطنية أمريكية وضرورية لتحقيق وضمان الاستقرار فى المنطقة. وأشارت من جديد إلى المراجعة الشاملة التى تتم حاليا لسياسة أمريكا تجاه مصر وملفات العلاقات معها والمساعدات لها. وتحدثت باترسون أيضا عن قلق واشنطن من «قتل المتظاهرين غير المسلحين» و«إعادة العمل بقانون الطوارئ» وذكرت خارطة الطريق التى وضعتها الحكومة قائلة «نحن سنفعل كل شىء فى إمكاننا أن نفعل لدفعهم على طريق إعادة إقامة حكومة مدنية». وآن باترسون السفيرة السابقة لدى مصر التى أثارت كثيرا من «الجدل» و«الأقاويل» حول دورها وعلاقتها مع الإخوان تناولت فى كلمتها وردودها على أسئلة أعضاء اللجنة كلا من مصر وإيران والعراق وعملية السلام فى الشرق الأوسط. وأغلب الأسئلة التى طرحت على باترسون كانت من جانب السيناتور روبرت مينانديز «ديمقراطى من ولاية نيو جيرسى» رئيس اللجنة والسيناتور بوب كوركر «جمهورى من ولاية تينيسى» قيادى الأقلية باللجنة والجزء الخاص بباترسون من الجلسة لم يحضره أغلب أعضاء اللجنة، ومنهم على سبيل المثال السيناتور جون ماكين. الذى تحدث فى الجزء الأول من الجلسة والذى كان مخصصا لكارولين كيندى «ابنة الرئيس السابق» والمرشحة كسفيرة لأمريكا لدى اليابان. والجلسة عقدت بقاعة 216 فى مبنى هارت بمجلس الشيوخ. باترسون وهى تتحدث عن ضرورة استمرار المساعدات العسكرية قالت: «دعنى أتحدث عن مصلحتنا الوطنية خصوصا فى ما يتعلق بالجيش المصرى. ودعنى أقل بأننى متأثرة جدا ببعض هذه الأمور من خلال تجربتى فى باكستان. حيث قطعنا المساعدات للجيش الباكستانى لمدة 12 عاما، ومن وجهة نظرى كانت له عواقب استراتيجية كارثية. لأن لدينا الآن جيلا منهم (من الباكستانيين) ليس لديه اتصال مع الجيش الأمريكى، ولم يتعرض لقيمنا من خلال تدريبه هنا. ولهذا أعتقد بأن (بالنسبة لمصر) لدينا بعض القضايا السياسية الصعبة جدا يجب أن نتعامل معها. ولكن أعتقد أن علاقتنا مع الجيش المصرى وفى المقابل علاقتهم مع نظرائهم فى الجيش الإسرائيلى حول القضايا الهامة جدا فى تنفيذ اتفاقية كامب ديفيد وقضايا الحدود وحول الوضع فى غزة.. هى بالفعل حجر زاوية للسلام فى المنطقة». وأضافت: «وبالتالى أعتقد بأننا يجب أن ننظر عن كثب جدا لدور مساعدتنا فى حفظ مصالح أمننا القومى فى مصر خصوصا فى حماية والعمل مع حليفنا إسرائيل». وعندما سأل السيناتور كوركر: «أحيانا الدول لا تفكر بالضبط بالطريقة التى نتمنى أن تفكر بها، ولكن لدينا مصلحة فى الحفاظ على علاقتنا.. هل هذا ما تقولينه؟» ردت باترسون: «نعم.. غالبا هم لا يفعلون ما نقول لهم أن يفعلوه بكل صراحة، ولكن لدينا مصالح متناقضة فى أحوال عديدة هناك، ونحن علينا أن نحقق توازنا فى ما يخص مصالحنا، وفى هذه الحالة تحديدا فإن اتفاقية كامب ديفيد وتطبيقها كانت بالفعل حجر الزاوية للسلام فى هذه المنطقة على مدى عقود. وبالتالى فإنه مهم جدا أن يستمر هذا ومهم جدا أن تستمر العلاقات، العلاقات مع صفوف الضباط ليس فقط فى مصر بل فى دول أخرى على امتداد المنطقة». كانت باترسون قد قالت فى كلمتها فى بداية الجلسة: «لقد أكملت للتو عامين كسفيرة لدى مصر. وهى دولة مهمة للغاية بالنسبة لمصالح الأمن القومى الأمريكى وتستحق شراكتنا المستمرة ودعمنا المستمر. محمد مرسى قد تم انتخابه كرئيس لمصر فى انتخابات كانت حرة ونزيهة. رغم أن العملية الدستورية والتشريعية المعقدة التى أفرزت هذه الانتخابات استطاعت إرباك وإثارة غضب الجميع تقريبا. أن خلعه من منصبه فى 3 يوليو تبع مجموعة ممتدة من الحسابات السياسية الخاطئة وعدم قدرة على خلق عملية ديمقراطية تشمل الكل»، ثم قالت: «فى النهاية فإن المصريين هم أنفسهم سيكونون من يحدد عما إذا كان ما حدث صحيحا. ونحن أوضحنا كثيرا قلقنا تجاه هذا الأسلوب فى تغيير الحكومة وحول العنف المستخدم ضد متظاهرين غير مسلحين». مضيفة «وردنا على الوضع فى مصر سوف يكون متوافقا مع القوانين الأمريكية ومصالحنا القومية ومبادئنا. وبناء على توجيه الرئيس فإننا نقوم بمراجعة كبيرة لبرنامجنا فى المساعدات الاقتصادية والعسكرية. ومثلما تتغير مصر يجب أيضا أن تتغير علاقاتنا الثنائية. وعندما يتم اعتمادى كمساعد وزير، سوف أواصل حث الحكومة المصرية على المضى قدما نحو انتقال يقوده مدنى ولا إقصاء فيه.. يضمن الحقوق العالمية لكل المواطنين بما فيهم المرأة والمسيحيون». وطرح خلال الجلسة قضية الديمقراطية ومفهومها لدى كثيرين فى الشرق الأوسط بأنها فقط انتخابات. مثلما حدث مع المالكى فى العراق ومرسى فى مصر «كما قال أحد أعضاء اللجنة» فقالت باترسون: «هذا الأمر سيكون تحديا كبيرا لأن الانتخابات فى تلك الدول ليست كافية كما هو واضح، لأن تلك الدول ليست لديها المؤسسات والهياكل. وأنا أعنى بشكل أساسى بأن لديهم هياكل ضعيفة.. حتى لدعم عملية انتخابية. وبالتالى نحن علينا أن نساعدهم فى تكوين آليات لسيادة القانون وفى التشريع التجارى، وأيضا فى تحقيق المشاركة من جانب الأقليات. وأعتقد أن هذه غالبا هى أكثر الأمور حرجا على امتداد الشرق الأوسط. أن تكون لديك مشاركة مناسبة من الأقليات السكانية فى المناخ السياسى بشكل عام. وهذا يتطلب العمل مع الأحزاب السياسية، ويتطلب العمل مع المجتمع المدنى وبالتأكيد سيأخذ وقتا طويلا لأن ليس هناك تاريخ فى هذا الأمر. وأنا لا أريد أن آتى إليكم وأقول بأن هذا سيكون أمرا يسيرا. وأعتقد أننا قد تتم مساعدتنا من خلال المساندة من جانب كثيرين من حلفائنا.. ولكن سيكون عملا شاقا وطويلا». وعندما تساءل عضو باللجنة: هل هناك فرق عن ما كان من قبل؟ وهل حدث تغيير بالفعل؟ أم أننا عدنا حيث كنا من سنتين؟ بالنسبة لمصر ولدول المنطقة أيضا فقالت بارتسون «لا أعتقد بأننا عدنا إلى حيث ما بدأنا، لأن الشعب نشيط ويتحرك. هذا العدد الضخم من الشباب العاطل غالبا والذى لديه الآن القدرة على التواصل من خلال وسائل لم تكن موجودة قبل خمس سنوات..»، إلا أنها أضافت: «ولكن أعتقد بسبب مجموعة من العوامل قد نجد أنفسنا فى مرحلة ممتدة من عدم الاستقرار فى هذه المنطقة وليس فى مصر وحدها». وبما أن مسؤولية باترسون ستكون كل قضايا وهموم المنطقة فإنها قالت فى موضع آخر: «أعنقد أن التغييرات فى الربيع العربى أو فى الصحوة العربية كما نسميها الآن أتت إلينا بسرعة جدا جدا. ولكن أعتقد بأن هناك استراتيجية شاملة تجاه المنطقة. ومنها أولا المحاولة والدفع بنوع من الانتقال الديمقراطى». وقالت أيضا «إن هذه المجتمعات لن تعود إلى الوراء، حيث كانت من قبل. لقد تخلصوا من المستبدين القدماء. وهناك درجة عالية من العنف. وهناك نقص فى المؤسسات وآلياتها على امتداد المنطقة». والجلسة كانت فى مجملها طرحا لعديد من الأسئلة التى تنتظر الإجابات ومن التحديات التى تنتظر المواجهات. خصوصا أن مصر وبالطبع المنطقة فى حالة غليان وتغير وتبدل وغضب وإحباط. كما أن واشنطن فى حالة مراجعة وتراجع وتردد وتخبط تحاول فيها الإمساك بكل هذه القضايا والتعامل معها أو «تجميدها» أو «نزع فتيل إشعالها».. والمهمة المستحيلة مستمرة!!