في الذكرى الثانية للثورة السورية و التي أتت وسط تصاعد القتال و الإشتباكات بين الجيش النظامي و الجيش الحر على مستوى القتال المسلح في الميدان السوري خرجت من رحم الثورة التي تأخر مخاضها حتى الآن كناية على أولية ميلادها بصيحة مصغرة لتحارب الحكومة النظامية لبشار الأسد من خلال تشكيل الحكومة المعارضة السورية على المستوى السياسي في ميدان السيادة السورية مما يعطي بعدًا إستراتيجيًا على تصاعد المعركة تجاه الشأن السوري الذي يبحث عن الإكتمال و الإستقرار في خضم تصاعد الأحداث. جاء يوم الثلاثاء 19/3/2013 يحمل في جبينه جديدًا يضاف إلى الأحداث الجسام في القضية السورية التي باتت تشبه القضية الفلسطينية في وعورتها و دقتها نحو الإستقرار على أرض الوطن بالتخلص من الإستبداد الوطني و هذا ما أصبح جليًا بشكل يومي مما يردد على أفواه السوريين بأن الحرية قادمة قادمة لا محالة و لا زالت تلك الأمنية تتراقص عبر الأفواه باحثة عن من يحقق مصداقيتها المنشودة و لذلك كان للجيش الحر دور في توكيدها بعد السيطرة على بعض المناطق السورية من خلال احتلالها و أخذها من براثن الجيش النظامي الذي يحارب لبشار و نظامه و لكي تتأكد شرعية الثورة السورية كان ميلاد الحكومة المعارضة لبشار الأسد و الذي أعلن عنها من خلال أستنبول بتركيا التي تدعم المعارضة السورية مما يعطي للصراع بعدًا دوليًا لوقوف تركيا بجانب المعارضة ضد روسيا و الصين اللتان تدعمان نظام الأسد مما قد يودي بالعالم إلى حربًا عالمية ثالثة على المدى البعيد و تكون دمشق سباقة لطهران في إشعال تلك الحرب تقلبًا للتوقعات القديمة بأن طهران هي مركز الحرب العالمية الثالثة فالأولى كانت في سراييفو و الثانية كانت في ليسينج الألمانية و الثالثة تتأرجح بين دمشق و طهران و لعل دمشق هي الأسبق في دوران عجلاتها. ما يجعلنا نستشف هذا ما حدث عام 1940 بعد احتلال ألمانيا النازية السواد الأعظم من فرنسا و إستسلام الجنرال (فيليب بتان) بطل الحرب العالمية الأولى بلجوئه للمهادنة السياسية و قبوله تولي حكومة فرنسا تحت لواء ألمانيا النازية التي مقرها (فيشي) و التي سميت ب(حكومة فيشي) و كان القائد (شارل ديجول) من ضمن حكومة فيشي في الجيش الفرنسي و أثناء توديعه لمبعوث (وينستون تشرشل) للمطار أدخل ديجول نفسه في طائرة مبعوث تشرشل قائلاً له (أنا ذاهب معك إلى لندن) و أستقبله تشرشل ليشكل حكومته المعارضة لحكومة فيشي باسم (حكومة فرنسا الحرة) مخاطبًا عبر إذاعة البي بي سي الشعب الفرنسي لكي ينضم إلى فرنسا الحرة المحفزة و المطالبة بالإستقلال منوهًا رفض الهدنة التي أجراها فيليب باتان أستاذه بالأمس و عدوه اليوم مع ألمانيا النازية و قام ديجول بضم القوات الفرنسية في (تشاد) و (الكاميرون) و (الجزائر) و لكن قوات فرنسا في (السنغال) في العاصمة دكار رفضت الإنضمام و استطاع ديجول كسب تشرشل رغم خلافاتهما المستمرة و روزفلت و ستالين في القضاء على خصمهم المشترك ألمانيا النازية و ذلك من خلال عملية الإنزال نورماندي التي قادها القائد الأمريكي (دوايت أيزنهاور) عام 1944 و لكن تحرير العاصمة الفرنسية باريس تمت بأيدي فرنسية بناءً على طلب ديجول من (دوايت أيزنهاور) ليدخل باريس و يعبر قوس النصر شامخًا منتصرًا مذكرًا العالم بجان دارك التي حررت فرنسا من إنجلترا في القرون الوسطى لإستعانته بصليب لورين المزدوج الموضوع في منتصف علم فرنسا في القسم الأبيض كناية على إستعادة روحها المقدسة في معركة التحرير. الحكومة السورية المعارضة التي بزغ شمسها من إستنبول قد تكون نسخة مكررة من حكومة فرنسا الحرة و التي تكونت من خلال انتخاب خمسين شخصًا من الائتلاف الوطني السوري ليصوت 35 شخص من 50 شخص لصالح السيد (غسان هيتو) كرئيس وزراء لتلك الحكومة و في مهمته نبرة تحدي كبيرة لإخراج المناطق التي أصبحت تحت مسئوليته من الإضطراب إلى الإستقرار مما يتطلب منه إنكار الذات مع الواقعية لصعوبة المهمة التي أصبحت على عاتقه لتوفير الخدمات و إصلاح المرافق بالمناطق التي خرجت من أنياب النظام و أصبحت تحت لواء المعارضة السورية و هنا سيكون الصراع على مقربة من التمثيل الدبلوماسي حيث نجد أن هناك سفارات سورية في بلاد العالم تابعة لنظام بشار فهل ستطلب المعارضة السورية تكوين سفارات لها في بلاد العالم مما يعطي الحيرة لتلك البلاد حول مع من تتعامل و من هو ممثل سوريا و مع من يكون النظام السوري؟! في تلك المسألة قد تتسابق الأنظمة ما بين بشار و المعارضة لشحذ الجاليات السورية في صراع البقاء الذي أصبح في حالة لوغاريتمية شديدة الصعوبة في فك شفراتها و طلاسمها المعقدة مما قد ينذر العالم بحتمية حربًا عالمية ثالثة قد تتعجل في دورانها إذا تدخلت روسيا و الصين أصحاب حق الفيتو إلى جانب إنضمام إيران لنظام بشار و في الطرف الآخر الجانب التركي صاحب الكيان المستقل في التعبير عن دورهم في إدارة أمور صراعات المنطقة من خلال حكومة أردوغان لنرى ما حدث في الحرب العالمية الثانية من خلال أطراف (ستالين – روزفلت – تشرشل – ديجول) ضد (موسوليني – هتلر – هيروهيتو) يتكرر بأطراف (بشار – بوتين – لي كه تيشيانغ) ضد (هيتو _ أردوغان) و ينقسم الشعب السوري ما بين مؤيد للمعارضة و مؤيد للنظام إلى جانب الجانب العربي و دوره في الصراع الممثل في لبنان الذي يوجد فيه معارضة كبيرة لسوريا نتيجة للصراع الدائر بينه و بين سوريا منذ حافظ الأسد مما يعطي الفرصة المنتظرة و السانحة لرافضي التواجد السوري في لبنان بالدخول في الصراع قد يحدث ضررًا كبيرًا في الشأن اللبناني و قد يؤدي إلى إقتراب الأزمة السورية للبنان لأن ما يحدث في سوريا يحدث في لبنان لأنهما جسدًا واحدًا تم شطرهما من الإستعمار الفرنسي منذ 1920 حتى 1946 و لتتزايد مشاهد التشرذم في المنطقة العربية وسط خلافات إستراتيجية و أيديولوجية تجعل المنطقة على حافة الهاوية.