بدأ موسم حصاد محصول القمح في مصر قبل بضغة أيام. لكن كثيرا من الزراع المصريين أحجموا منذ سنوات عن زراعة القمح. ويقول بعض المزارعين إن الحكومة تفرط في تفاؤلها عندما تتوقع زيادة كبيرة في محصول الموسم الحالي بينما لم تجد حتى الآن حلولا لمشكلاتهم التي يشكون منها منذ وقت طويل بخصوص جودة الأسمدة ونقص مياه الري والبذور. وزاد عدم التيقن بشأن إنتاج القمح بسبب مخاوف جديدة من نقص السولار اللازم لتشغيل المضخات والجرارات والشاحنات لجمع المحصول ونقله. وتسعى مصر أكبر مستورد للقمح في العالم إلى خفض الواردات بنحوعشرة بالمئة هذا العام أملا في أن يساعد ارتفاع الإنتاج المحلي وتحسين نظام التخزين في توفير الخبز المدعم للمواطنين البالغ عددهم 84 مليون نسمة بسعر منخفض. وذكر زراع بمحافظة المنوفية في دلتا نهر النيل أن الحكومة تتبع سياسات خاطئة. وقال مزارع يدعى أبو طالب حماد "الحكومة اللى هي ماشية دلوقتي مش ماشية صح. ما تدعم الغلة يا أخي. إيه خلاه نروح نزرع في السودان ونزرع في انجلترا ونزرع في أمريكا. ما نزرع في بلدي. يدعمني ونزرع في بلدي ونطلع أحسن من السودان وأحسن دولة احنا نطلع. إحنا دولة صناعية. إحنا دولة زراعية. نطلع زراعة ونطلع كل اللى أنت عايزه نطلعه. بس الدعم. النهاردا لما تدعمني ح نطلع كل حاجة من أرضنا. أحلى أرض وأحلى فلاح وأحلى إيد عاملة وأحلى راجل الراجل المصري. إنما النهاردا تقول نروح السودان. طيب ما تزرع يا عم هنا. إيه اللي حايشك عن بلدك تزرع فيها يعني.. إنما سياسات خاطئة كلها." وتشهد مصر اضطرابات سياسية واقتصادية منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك عام 2011. وتراجعت احتياطات النقد الأجنبي من 30 مليار دولار إلى 13.4 مليار دولار أي أقل من تكلفة واردات ثلاثة أشهر الأمر الذي أثار الشكوك في قدرة الدولة على استيراد السلع الغذائية الأساسية مثل القمح. وتستورد مصر نحو عشرة ملايين طن من القمح سنويا بكلفة ازيد على ثلاثة مليارات دولار. لكن الدولة تقول هذا العام إنها لن تستورد سوى ما بين أربعة وخمسة ملايين طن أملا في الحصول على باقي الاحتياجات من الإنتاج المحلي. وقال مسؤول بوزارة التموين طلب عدم ذكر اسمه إن مصر ستحتاج دائما إلى استيراد القمح. وأضاف أن الإنتاج المحلي قد يزيد إذا عملت الحكومة على تحسين التربة والأسمدة وإذا بذلت جهودا أكبر لحل مشكلات المزارعين ولكن ذلك سيستغرق سنوات. ويؤكد المطلعون على أحوال الزراعة أن كثيرا من المزارعين يحجمون عن زراعة القمح لأنهم لا يحصلون على أي مساندة من الدولة. وقال محمد شفيق المهندس الزراعي بمحافظة المنوفية "طبعا ياأفندم. فيه إحجام. السنة دي فيه نسبة زيادة عن السنة اللى فاتت ولكن كان من المفترض أن النسبة تبقى أزيد من كدا. لأن طبعا مفيش دعم. المُزارع لو فيه دعم من قبل وزارة الزراعة أنها بتدي له تقاوي مدعومة. واخد بال سيادتك.. من الإرشاد الزراعي مدعومة.. وبتدي له ميكنة وبتساعده في الكيماوي والأسمدة كانت المساحات المزروعة السنة دي تبقى قد كدا أربع مرات. لكن للأسف الشديد قلة الدعم حجمت معظم المزارعين عن زراعة مساحات كبيرة." وتشير تقديرات أحدث تقارير وزارة الزراعة الأمريكية عن مصر إلى أن إنتاج القمح سيزيد 2.3 بالمئة إلى 8.7 مليون طن هذا العام بسبب زيادة مساحات الزراعة. غير أن التقرير ذكر أن نقص السولار قد يعرقل الحصاد. وتتوقع الحكومة أن تزيد واردات مصر من القمح إلى 8.5 مليون طن في السنة المالية التي تبدأ في يوليو تموز من ثمانية ملايين طن في العام المالي الجاري وذلك بتراجع حاد عن حجم الواردات في 2011-2012 الذي بلغ 11.65 مليون طن. وقالت إن من المرجح أن يقل مخزون القمح عن مليون طن بحلول 30 يونيو حزيران نظرا لأن الأزمة الاقتصادية عرقلت عمليات الشراء من السوق العالمية. وأجلت الحكومة الاستيراد لتوفير العملة الصعبة وقالت في منتصف أبريل نيسان إنها ما زال لديها احتياطي يبلغ مليوني طن تكفي لاستهلاك 81 يوما. وتستهدف الحكومة حصد 1.4 مليون هكتار في الفترة من 15 أبريل نيسان إلى 20 مايو أيار كما تبنت تقنية جديدة لتسوية أرض الحقول الزراعية لتتسنى زراعة المزيد من القمح في نفس المساحة.وفقا ل"رويترز". كما أعلنت الحكومة الشهر الماضي عن خطط لبناء 150 صومعة قبل موسم حصاد القمح عام 2014 وقالت في فبراير شباط إنها سترفع السعر الذي تشتري به القمح المحلي إلى 400 جنيه (58.30 دولار) للأردب (150 كيلوجراما) من 380 جنيها. وكثير من صوامع الحبوب الحالية عتيقة وتساهم في إهدار كميات من المحصول.