التصالح مع رجال أعمال النظام السابق،وسيلة يعتبرها الكثير من الاقتصاديين حلا للجدل الذي تعاني منه منظومة البورصة المصرية ، في ظل تسارع وتيرة الاحداث السياسية وتدني ايرادات الدولة بصورة مستمرة وتأثير ذلك على قيم وأحجام التداولات وتخارج بعض الكيانات الكبيرة من السوق . ملف التصالح ، لقي اقبالا شديدا من كل اطراف المنظومة الاقتصادية، معتبرين انه في حالة اقراره سيكون قوة دافعة تستفيق عليها منظومة البورصة التي تعد مرآة عاكسة للدولة اضافة الى هدوء الجانب السياسي . وربط المتعاملون بسوق المال عودة الثقة التدريجية للاستثمار في السوق مرة أخرى بهدوء الاوضاع السياسية ووجود طاقة اقتصادية جديدة تدفع عناصر المنظومة ؛وتوجه رسالة طمأنة للمستثمرين والمؤسسات الخارجية ،وهو ما يتحقق مع المضي بصورة سليمة في فتح ملف التصالح مع رجال الاعمال، للعمل على عودة الاستثمارات للسوق وإزالة خطر انهيار السوق لتخارج بعض الكيانات ذات الوزن النسبي الكبير من السوق مثل اوراسكوم للانشاء واوراسكوم تيلكوم والبنك الاهلي سوسيتيه . وأضاف الخبراء أن عودة رجال اعمال النظام السابق رسالة قوية لكافة المؤسسات والمستثمرين الخارجيين نحو تأكيد الحكومة والمسئولين الحاليين سعيهم نحو توفير مناخ استثماري مناسب يساهم بدوره في توفير عوائد ايجابية للدولة ويحقق النجاح المتوقع للمستثمرين . ومع ظهور البوادر الايجابية لدعم الاقتصاد والبورصة ، بعد تصريحات مجلس الوزراء بعودة رجال الأعمال السابقين الى ممارسة نشاطهم التجاري بحرية تامة طالما لم يكونوا متورطين في قضايا جنائية ، وهو ما اعتبره الخبراء رسالة تؤكك حرص الحكومة على استرداد حقوق الدولة وعودة النشاط الاستثماري بالسوق المصرية مرة أخرى . أكد اسامة صالح ، وزير الاستثمار أهمية سوق المال بالنسبة للمنظومة الاقتصادية بصورة عامة، لأنها آلية لتمويل الشركات ومساعدتها على المضي في تنفيذ خططها الاستثمارية بصورة ناجحة . وأضاف في تصريحات خاصة أن الوزارة تحرص على تقديم الدعم للبورصة لأداء دورها ، مؤكدا أن عمليات التصالح مع رجال الاعمال والحكومة مستمرة ،وتحرص الوزارة على متابعة ملف تسوية المنازعات بما يحفظ حقوق الدولة والمستثمرين من خلال التوازن العقدى ، واتخاذ الإجراءات القانونية لتسوية أوضاعها، فى ضوء جهود الدولة لإيجاد عوائد مالية إضافية وغير تقليدية تسهم فى معالجة عجز الموازنة العامة ، مع القناعة التامة بضرورة التيسير على المستثمرين،لدعم الاقتصاد المصرى . واضاف ان وزارة الاستثمار مستعدة للتدخل في حل اية مشاكل تقف ضد نجاح مسيرة سوق المال المصرية وودعم المفاوضات التي تهدف لاتمام مزيد من التسويات مع عدد من رجال الاعمال ، مؤكداً عزم الوزارة التدخل لحل ازمة مجموعات شركات اوراسكوم ومصلحة الضرائب في حالة تفاقم وجمود المفاوضات الجارية حاليا . وأوضح ان الحل الوحيد لأزمة مصر الاقتصادية هو استمرار التفاوض السلمي مع رجال الاعمال سواء كانوا عرب او مصريين لحل جميع القضايا بدلا من الوصول بهم الي قضايا ومنازعات مستمرة . واشار الى ان الوزارة تمضي حاليا نحو إتمام المراحل الاخيرة بعدد من التسويات مع عدد من رجال الاعمال ، لتدعيم قدرة الدولة على مواجهة التحديات الراهنة ، مؤكداً على تضرر الحكومة في حالة حدوث خلل بالمصالحات القائمة . واضاف ان الوزارة تقوم حالياً بمتابعة عملية استكمال مشروع "مول العرب"، التابع لشركة المراكز المصرية المتطورة والمملوكة لمجموعة فواز الحكير السعودية، بعد إلغاء قرار استقطاع الجزء السكنى من المشروع، والسماح بجدولة مديونية الشركة مضافةً إليها الفوائد على أربعة أقساط ، فضلاً عن التزام المستثمر بسداد مبلغ 120 مليون جنيه عقب التوقيع على عقد التسوية، والاتفاق كذلك على مد مهلة تنفيذ المشروع لمدة عامين ونصف العام . وأشار وزير الاستثمار الى التأكيد على أن الحكومة تعد الجهة المسئولة الأول والأخيرة عن إجراء أية تسويات أو مصالحات مع شركات أو رجال مصريين أو أجانب . من جهته قال هاني سري الدين ، رئيس هيئة سوق المال الاسبق ، أن التصالح مع رجال الاعمال خطوة هامة نحو تدعيم المناخ الاستثماري والبورصة بصورة خاصة طالما يتم الحفاظ على كافة حقوق الطرفين بصورة متساوية . وأضاف ان قانون التصالح بدأت ملامحه تتضح عبر تنفيذ بعض التسويات التي تتم مع عدد من الشركات ورجال الاعمال ، وهو ما يعد محاولة لخلق مناخ استثماري يلائم طبيعة التحديات التي تمر بها السوق ويدعم البورصة على مواجهة ازمة تناقص الشركات وخطر تزايد تخارجها من السوق خلال المرحلة المقبلة . واشار الى أنه على صعيد ملف التسويات،فقد تم الانتهاء من اربع تسويات بقطاع السياحة، ويتم باقي التسويات بمختلف القطاعات خلال الفترة الحالية والتي ستكون دافعة في حالة اتمامها بصورة سليمة . واكد اهمية الإسراع في اتمام التسويات وحسمها، واتخاذ قرار حاسم يضم الحكومة والسلطات التنفيذية والتشريعية، من خلال حوار مجتمعي، فلا يجب أن نحمل المستثمرين ممن لم يرتكبوا أخطاء وعلينا إرسال رسالة قوية بأن مصر تحترم تعاقداتها وتوفر مناخ الاستثمار المناسب ، مع محاولة استعادة التوازن المالي للتعاقد بقدر الإمكان وبشكل ودي ، مضيفاً أننا لا نملك محاسبة مستثمر جاء ولم يخطئ أو يرتكب جريمة، على شرائه قطعة أرض بسعر منخفض،وأطالبه بسداد فارق السعر وفقاً لقيمة الأرض اليوم . واتفق معه أشرف سلمان ، رئيس مجلس ادارة شركة كايرو كابيتال القابضة للاستثمارات على اهمية فتح ملف التصالح مع رجال الاعمال السابقين مع الحفاظ على حقوق الدولة ، لتدعيم المنظومة الاقتصادية في مواجهة التحديات الحالية وانتشال سوق المال من انتفاء الغرض منه والمتمثل في جذب شركات جديدة وتقديم التمويل اللازم لها . وأكد خطورة استمرار تخارج بعض الشركات من السوق وتفكير البعض في الاتجاه ، فهو يعد بطبيعة الحال رسالة سلبية على طبيعة المناخ الاستثماري بمصر الفترة الحالية ، لذلك يجب تقديم وسائل الدعم للبورصة والاقتصاد لمواجهة التحديات الراهنة . اشار الى أن أبرز التحديات التي تواجه مصر تتمثل في أمور أساسية مهمة منها ؛الاستمرار في إعادة البناء المؤسسي للدولة، وذلك يتوقف بطبيعة الحال مع مدى عودة وتدفق الاستثمارات الى السوق المصرية مرة أخرى ومدى الاصلاح والتنمية ، مؤكداً أن النظام المؤسسي عبارة عن مؤسسسات دولة تعمل وفقا لقوانين ديناميكية،يحافظ خلالها على تعميق سيادة القانون، بالاضافة إلي العمل على استرجاع الامن مرة اخرى والاهتمام بتنمية بعض الجوانب الهامة مثل التعليم . واضاف أن تحقيق هذه العناصر يساهم في تدعيم عمليات المفهوم الحقيقي لعملية الاستثمار المباشر بمعناه الحقيقي ومن ثم تدعيم السوق والبورصة بصورة خاصة مرة أخرى . اكد محسن عادل ، نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار أن خطوات المسئولين الحاليين نحو فتح ملف التصالح مع رجال الاعمال السابقين بما يحفظ حقوق الدولة ، يعتبر عاملا ايجابيا له مزيد من التأثيرات الجيدة على طبيعة المناخ الاستثماري في مصر بعد تعكره بصورة ملحوظة خلال الفترة الماضية ، مؤكداً أن مبدأ التصالح مقبول مع رجال الأعمال في حالة عدم ثبوت تهمة الفساد المالي أو الجنائي عليهم . واشار أن البورصة المصرية تدهور اداؤها خلال الفترات الماضية نتيجة انعدام الاخبار الايجابية المحفزة على الصعيد السياسي واستمرار حالة الضبابية المسيطرة على المناخ الاقتصادي بالدولة ، لذلك فتوارد اية مؤشرات عن توجهات المسئولين نحو تنقية ذلك المناخ الاستثماري سيؤثر بدوره على البورصة ويعيد ثقة المستثمرين المحليين مرة أخرى وبالتالي يعيد عمليات جذب الاستثمار الاجنبي عبر توفير مقومات المناخ الاستثماري الناجح. اوضح أن من ابرز القرارات التي سيكون لها تأثير ايجابي على البورصة خلال المدى القريب ، هو رفع اسم وزير التجارة الأسبق رشيد محمد رشيد من قوائم ترقب الوصول ، في ظل تأكيد هذا القرار على نزاهة وتقصي القضاء المصري لكافة الحقائق .