تركز «فاينانشيال تايمز» على تحليل المشهد السياسى الحالى من خلال توضيح طبيعة دور المجلس الأعلى للقوات المسلحة وكيفية إدارته لشؤون البلاد من جهة، ووضع توقعات سياسية بشأن صعود جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين من جهة أخرى. وتقول الصحيفة إن إدارة المجلس العسكرى فى الفترة الانتقالية أصبحت «غير منظمة»، مضيفة أن المجلس ظهر فى البداية بأنه يدعم جماعة الإخوان المسلمين وتماشى مع رغبتهم فى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة، ثم عاد ليضع مبادئ دستورية تمكنه من لعب دور سياسى بشكل دائم، وذلك بعد إدراكه أن سيطرة الإسلاميين على البرلمان ستعطيهم سلطة أكبر لكتابة الدستور وتقليص نفوذه، حسب الصحيفة. وفقا لجريدة المصري اليوم وأوضحت أن الإسلاميين يسعون إلى اكتساح الحياة السياسية عن طريق تحقيق انتصار ساحق فى الانتخابات فى ظل الدخول إلى مرحلة سياسية جديدة، مع إعلان انتهاء 60 عاماً من الحكم العسكرى، الذى يعود إلى عام 1952. ووصفت ملامح النظام الجديد بأنها «ضبابية» فى ظل حصول القوى الإسلامية على تفويض شعبى قوى، مضيفة أن القوى الإسلامية تشكل النخبة الصاعدة الجديدة التى قد تحل محل الحزب الوطنى المنحل. ونقلت الصحيفة عن المحلل السياسى خليل العنانى، قوله إنه «لا مفر من نهاية القوة العسكرية فى ختام هذه العملية السياسية»، متوقعاً تقسيم السلطة بين الجيش والإسلاميين وجزء من النخبة المدنية، وأضاف: «لانزال نصارع لتفكيك الهياكل القديمة وبناء نظم جديدة». ورأت أن الانتخابات البرلمانية «عملية معقدة»، إلا أنه من الواضح اكتساح الأحزاب الإسلامية لأغلبية المقاعد مما يمنحهم القول الأكبر فى كتابة الدستور الجديد، مؤكدة أن المفاجأة الحقيقية هى صعود حزب «النور» السلفى، الذى حصد ما يقرب من 21% من المقاعد. وأشارت الصحيفة إلى أن أداء الناشطين الشباب كان ضعيفاً جداً بعد تمكنهم من الإطاحة بالرئيس السابق حسنى مبارك، وأرجعت ذلك إلى الانقسام فيما بينهم، فضلاً عن نقص فى التمويل، مما أثبت عدم قدرتهم على تنظيم حملات فعالة لمواجهة الإسلاميين. ورأت الصحيفة أن موازين القوى بدأت تتجه بعيداً عن حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة، مضيفاً أنه رغم وعد جنرالات المجلس بقيادة البلاد نحو الديمقراطية، إلا أنه يبدو عازماً على الحفاظ على بعض صفات نظام «مبارك» الاستبدادى، مشيرة إلى أن قرار إحالة مبارك ونجليه للقضاء وحل الحزب الوطنى وإجراء الانتخابات الرئاسية فى عام 2012 جاءت فقط بسبب «ضغط الشارع». وأكد الصحيفة أن محاولات تدخل المجلس العسكرى لكتابة الدستور الجديد تتلقى مقاومة شديدة من قبل الأحزاب الإسلامية، التى نجحت فى حشد آلاف من مؤيديهم فى الشوارع لإجبار الجنرالات على التراجع عن تلك الرغبة. وفى تقرير آخر للصحيفة عن صعود السلفيين فى مصر، قالت الصحيفة إن الإسلاميين المحافظين اعترفوا صراحة بأنهم لا يؤمنون بالديمقراطية، مشيرة إلى الخوف الذى انتشر فى قلوب الليبراليين والأقلية المسيحية بعد الصعود المفاجئ لهم فى الانتخابات الأخيرة. ورأى التقرير أن السلفيين، الذى يأتون فى المركز الثانى بعد جماعة الإخوان المسلمين فى الفوز بالمقاعد البرلمانية، يسيرون بخطى حثيثة لمنافسة الليبراليين على جميع المستويات، قائلة إنه أصبح من المؤكد وجود كتلة سلفية فى البرلمان المقبل، وهو الأمر الذى لم يستعد له الليبراليون أو جاء فى حسابات جماعة الإخوان المسلمين، التى كانت تعتزم أن تكون القوة الكبرى الوحيدة فى البرلمان. وتابع: «الخوف الآن من السلفيين إذا حاولوا الالتفاف على أساس الدين حول جماعة الإخوان المسلمين، وسحبهم إلى المواقف المتشددة، التى قد تفقدهم التأييد الشعبى لهم أو تقويض علاقاتهم مع واشنطن». ورأى التقرير أنه رغم كون الإخوان محافظين اجتماعياً ودينياً، ولكنها تبدو أكثر إدراكا لضرورة الحفاظ على صناعة السياحة الحيوية والمضى قدماً فى رعاية قضايا الحرية الشخصية. وأشار التقرير إلى أن الجماعة السلفية لا تمتلك قيادة واحدة، وأنها تجنبت السياسة منذ زمن حتى قيام الثورة المصرية، قائلاً إن «قادتهم اعترفوا علناً بأنهم ضد الانتخابات، بحجة أن الديمقراطية تعارض تطبيق قوانين الله». وتابع: «ولكن عندما جاءت الحرية السياسية أمام الجميع بعد الثورة، هرع السلفيون إلى الساحة، حرصاً منهم على منع الليبراليين من صياغة النظام الجديد»، مشيراً إلى عزمهم تطبيق المركزية الإسلامية فى الحياة العامة. وخلص التقرير إلى أنه مع خروج البلاد من عصر الديكتاتورية، بعد أن أصبح جميع السياسيين «سيئى السمعة» وينظر إليهم باعتبارهم «انتهازيين»، أصبح أغلب الناخبين يقولون إن السلفيين هم الفئة الوحيدة غير الملوثة. ووصفت الصحيفة، فى تقرير مفصل، جماعة الإخوان المسلمين، بأنها «حركة تسعى إلى تطبيق العدالة الاجتماعية»، ولكنها قد تجد نفسها ممزقة بين إرضاء الشعب أو تحقيق الانضباط المالى. ونقلت الصحيفة عن خيرت الشاطر، نائب المرشد العام للإخوان قوله إن «النظام الإسلامى» يعطى «الكثير من الحرية» للقطاع الخاص ولكن ضمن «القيود الاجتماعية».