بدأت البنوك الاستثمارية العالمية بتسريح موظفيها في دبي وإرسال كبار تنفيذييها إلى بلدانهم، مع جفاف الصفقات وتراجع أحجام التداول في أسواق الأسهم الخليجية إلى مستويات قياسية. ومع تزايد المخاوف بشأن النمو الاقتصادي العالمي، تعرَّض كثير من البنوك الأجنبية إلى ضغوط من قبل مراكزها الرئيسية كي تخفض التكاليف، وهي تستجيب لهذه الضغوط عبر تقليص أعداد الموظفين الذين يعملون في مجالات الاندماج والاستحواذ، وبحوث الأسهم، والائتمان، ومبيعات الأسهم، وفقا لصحيفة "الاقتصادية" السعودية. وفي هذا السياق انتقل مقر آدم كي، مدير أسواق الأسهم الخاصة بمنطقة الخليج في بنك سيتي غروب، إلى لندن. ويعتزم دويتشه بنك، أكبر البنوك الألمانية، نقل كريستوفر لينغ، مدير أسواق الأسهم للشرق الأوسط وشمالي إفريقيا، إلى لندن. وخفضت بنوك "كريدي سويس"، و"نومورا"، و"جولدمان ساكس" أعداد الوظائف في المجالات المتصلة بالأسهم. وقال مصرفي رفيع في دبي إنه ''عندما يكون لديك عام كهذا، فإنك تشعر بشدة الوطء. بنوك كثيرة بدأت تدرك أن من الأفضل لها أن تنقل بعض كبار العاملين لديها إلى أماكن أخرى''. وكانت البنوك العالمية قد ضاعفت عملياتها في مركز دبي المالي الدولي اعتباراً من عام 2005. وبعد تنفيذ جولة من تسريح الموظفين لزيادتهم عن حاجة العمل عقب الأزمة المالية عام 2008، واصل كثير من البنوك العالمية الاحتفاظ بفرق كبيرة في ضواحي دبي المريحة، مستخدمة المدينة قاعدة للعمليات الإقليمية. وبحسب مايكل فيليب، الذي عين أخيرا رئيساً تنفيذياً لبنك "شعاع كابيتال" الاستثماري: ''يراهن الناس على أن التعافي سيكون سريعاً، لكن لم يكن هناك إلا القليل من العمل في العامين الماضيين، وفي هذه البيئة العالمية التي تتسم بالتراجع لا يستطيع أحد أن يبرر وجوده هنا بالمستوى نفسه''. وساعد فيليب، في السابق، في بناء العمليات الإقليمية لدويتشه بنك وكريدي سويس في دبي. ولم تجر سوى عمليتي اكتتاب عام أولي في الربع الثالث من هذا العام، كلتاهما كانتا في المملكة العربية السعودية، حيث كافح معظم البنوك العالمية للحصول على صفقات. وبلغت القيمة الإجمالية للاكتتابين 218.9 مليون دولار، وهي أفضل من الفترة نفسها من العام الماضي، لكنها تمثل انخفاضاً بنسبة 39% عن الربع السابق، حسب إيرنست آند يونج. وخلال الأعوام الخمسة الماضية انخفضت أيضاً قيمة الأسهم المتداولة في الأسواق الخليجية. وتراجعت في العام الماضي إلى 296 مليار دولار، مقابل 1600 مليار دولار عام 2006، لكن من المحتمل أن يشهد العام الحالي تحسناً في السيولة، حسب بنك مركز الاستثماري الذي يتخذ من الكويت مقراً له. ونظراً لانخفاض أحجام التداول، أقدم بنك نومورا أخيرا على حل فريق بحوث الأسهم التابع له في دبي. وبعض الشركات الإقليمية ستستعين بالمحللين الذين يتخذون من لندن مقراً لهم. وألغى "جولدمان ساكس" وظيفة في مجال مبيعات الأسهم ووظيفة باحث في مجال الأسهم في دبي، في حين أعلن بنك إتش إس بي سي الأسبوع الماضي أنه سيغلق إدارة وساطة أسهم التجزئة التابعة له في دبي. ويرجع السبب الأساسي لعمليات الترشيد إلى الأوضاع السياسية في المنطقة وإلى حال الاقتصاد العالمي. ذلك أن الإطاحة بثلاثة أنظمة عربية حتى الآن هذا العام، والتقلب في الأسواق العالمية قوّضا الثقة رغم ارتفاع أسعار النفط. ووسط أحجام التداول المخيبة للآمال، انخفضت سوق دبي للأسهم بنسبة 16% هذا العام، وتراجعت السوق السعودية بنسبة 7%، حسب شركة زاوية العاملة في مجال تزويد البيانات. وقالت ألي هو، رئيسة ممارسة الخدمات المالية في الشرق الأوسط في شركة بيدرسون وشركاه للبحوث التنفيذية في دبي: ''إذا ترك شخص العمل، أو تم نقله إلى مكتب آخر، لا تأتي البنوك بشخص يحل محله، لكنها ببساطة توزع حمل العمل على الفريق المتبقي''. وأضافت أن جميع تفويضات المصرفية الاستثمارية التي فازت بها شركتها في العام الحالي تم تجميدها عندما جفت الأتعاب. وقالت إن الأقسام الوحيدة المستمرة في التوظيف هي تلك المخصصة للمصرفية الخاصة. وتراجعت أتعاب المصرفية الاستثمارية في منطقة الشرق الأوسط بنسبة 35%، إلى 316.6 مليون دولار في الربع الثالث، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، حسب البيانات الصادرة عن وكالة "رويترز". ونتيجة لذلك ألغى بنك كريديت أجريكول الفرنسي وحدة الاندماجات والاستحواذات التابعة له في دبي هذا العام، على أن يتولى إدارة الصفقات من مكان آخر.