نحو إختبار جديد لوضع البورصة المصرية كآلية تمويلية هامة في المنظومة الاقتصادية ، تتأهب البورصة المصرية لبدء المشاركة الفعلية في تمويل المشروعات القومية المزمع طرحها خلال الفترات المقبلة ، والمتمثل أبرزها في مشروع تنمية قناة السويس . خبراء سوق المال أكدوا على قدرة البورصة المصرية بما تمتلكه من جوانب تشريعية و رقابية و تنظيمية على توفير جزء كبير من التمويل اللازم لمشروع تنمية قناة السويس ، و التى تم الإعلان عن تفاصيله وملامحة المبدئية من قبل عبد الفتاح السيىسى رئيس الجمهورية . وأضافوا أن الاعتماد على هذا المشروع القومى العملاق يمكن ان يمثل بدوره أكبر الطروحات فى تاريخ البورصة ومن ثم المساهمة على جذب شريحة كبيرة من المستثمرين ، مؤكدين في الوقت ذاته ان ذلك الامر يتوقف ذلك على الهيكل الإستثمارى و التمويلى المُقدر للمشروع ، و العوائد والارباح المتوقعة أثر هذة الخطط . وأشار الخبراء إلى الأثار الإيجابية المتوقعة على أداء البورصة وقطاعاتها ، وذلك من خلال رؤوس الأموال و الإستثمارات المتوقع ضخها تحت مظلته . دكتور محمد عمران، رئيس البورصة المصرية، أكد على جاهزية البورصة لتوفير التمويل اللازم للمساهمة فى مشروع تنمية إقليم قناة السويس. وأضاف أن البورصة تتبنى ذلك الفكر وأعلنت عن رغبتها فى دعم الاكتتاب فى المشروعات القومية العملاقة، مشيرًا إلى أن هناك مبادرات تمت بالفعل مع عدد من الوزارات لتمويل مخططاتها الاستثمارية خاصة في قطاع النقل. وقال أن تنمية إقليم قناة السويس من المشروعات العملاقة تعد قاطرة النمو خلال الفترة المقبلة نظرًا لقدرة تلك المنطقة على جذب استثمارات فى مجالات متعددة، إلى جانب موقعها الجغرافي المتميز لربط تجارة الشرق بالغرب. وأشار إلى أن البورصة المصرية سوف تقدم كل الدعم التسهيلات بشرط أن يقوم المستثمرون بتأسيس هذه الشركات وبدورها سوف تقدم البورصة تسهيلات كبيرة فى طرح أسهم هذه الشركات للمستثمرين في السوق . وأوضح الدكتور شريف سامي رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية ان البورصة المصرية بدأت في إستعادة كافة الأمور في نصابها الطبيعي وذلك بعد ان شهدت مؤخرًا من طرح لشركة العربية للاسمنت بالبورصة بعد غياب تام للطروحات ما يقرب من 4 سنوات . أضاف ان الفترة الحالية بدأت الحياة في العودة للبورصة مجددًا ، متوقعًا ان تشهد السوق مزيدًا من الطروحات الجديدة خلال الفترات المقبلة بدعم من التحسن التدريجي في المناخ الاستثماري بالسوق المصرية فضلا عن المزايا الحالية بالبورصة في ضوء سلسلة التعديلات الاخيرة وحركة التطوير الشاملة على صعيد تعديل قواعد القيد وتسهيل إجراءاتها . وأكد على حرصه إدارته بالتعاون مع البورصة على تسهيل الاجراءات في ضوء القوانين المحددة لتسهيل عمليات القيد لشركات قطاع الأعمال العام والخاص وتأسيس الشركات للمرة الأولى عبر الاكتتاب العام بالبورصة والمساهمة في تمويل المشروعات القومية وذلك لتنشيط السوق ومعدلات التداول به . وقال محمد سعيد ، العضو المنتدب لشركة IDT ، أن دور البورصة المصرية كأداة فعالة لتمويل مشروع تنمية قناة السويس يعتمد بشكل مباشر على نشرة الأكتتاب التى سيتم الإعلان عنها لطرح جزء من أسهم المشروع بالبورصة المصرية ، مضيفا أن هذه النشرة هى مقياس هذا الدور التمويلى ، ومدى قابلية المستثمرين لشراء أسهم الإكتتاب أو شراء سندات للمشروع . وأضاف أن هذه النشرة لابد وأن تكون واضحة الملامح و تحوى على التفاصيل الخاصة بموازنة المشروع و خطط التطوير ، والتفاصيل الخاصة بالعمل والارباح المتوقعة بكل دقة ، و غيرها من المعلومات الهامة لسبل ترسيخ الأموال فى هذا المشروع . وعلى صعيد قدرة البورصة و مدى تأهيلها لإستقبال إكتتاب بهذا الحجم ، قال أن البورصة فى أزهى عصورها وأن أطرها التشريعية و التنظيمية مؤهلة و مستعدة لهذا المشروع القومى ، مؤكدا أنه على الرغم من ذلك فالبورصة لم تستطع ككيان تمويلى تغطية هذا المشروع ، متوقعا قدرتها على تغطية 15: 20% من التمويل اللازم فقط . وفى سياق متصل أشار إلى الجانب الرقابى والدور المنوط لها على أكمل وجه ، مؤكدًا أن ضخامة هذا المشروع يحتاج إلى تشديد رقابى و متابعة من قبل مستشارين ماليين ذو كفائة و ثقة . وعلى مدى تأثر البورصة من هذا المشروع ، قال أن أدراج جزء من أسهم هذا المشروع من شأنها أن تحوى تحت ظلها الكثير من المشروعات و الإستثمارات التى تحمل فى طياتها بالأثر الأيجابى على البورصة و أدائها بشكل عام ، هذا بالإضافة إلى عودة الثقة للمستثمر الأجنبى فى الإقتصاد المصرى و خططه الإستثمارية ، متوقعا وفود من المستثمرين الجدد خلال الفترة المقلبة ، و ضخ الكثير من الاموال الأجنبية بالتزامن مع هذا المشروع . وتوقع أن تشهد البورصة المصرية مستويات قياسية غير مسبوقة على كلا من المدى المتوسط و البعيد ، على أثر التحسن المنتظر من هذا المشروع و عوائده ، ومن ثم إنخفاض عجز الموازنة وزيادة الإيرادات. وأكد عيسى فتحى ، نائب رئيس الشعبة العامة للاوراق المالية ،على قدرة البورصة المصرية على تغطية ما يزيد عن نصف التمويل اللازم لمشروع قناة السويس ، ولكن هذا الأمر متوقف وبصورة مباشرة على الخطة التمويلية للمشروع و قدرتها على تحقيق العوائد و الاراباح المرجوة منها ، لجذب أكبر قطاع من المستثمرين سواء الافراد أو المؤسسات منهم ، ليتولى القطاع البنكى الجزء المتبقى من التمويل عن طريق السندات . وأكد ان الحماس وحده لا يكفى لنجاح هذا المشروع ، خاصة مع عدم الرغبة في تكرار تجربة ما تم في مشروع مدينة الإنتاج الأعلامى والتي شهدت ادراجها في البورصة وارتفاع سعره من 10 جنيهات إلى 75 جنيه على المدى القريب ، ومن ثم إنحداره لدون 5 جنيهات ، كرد فعل لتدنى أداء المالى للمشروع و عدم قدرته على تحقيق أدنى العوائد التى وعد بها . وفى سياق متصل قال أن أساس نجاح أى مشروع إستثمارى هو الشفافية و الإفصاح ، وبالتالى فنجاح هذا المشروع و قدرته على جذب المستثمرين متوقف على مدى إطلاع المتعاملين على كل التفاصيل و المعومات الخاصة به . وعلى صعيد مدى جاذبية البورصة للإستثمار فى الوقت الراهن ، قال أن حجم المعروض يتناسب طرديا مع القدرة على جذب المستثمرين ، فالعرض لا بد وأن يتبعه طلب ، مؤكدا ان مثل هذه المشاريع القومية العملاقة تكون قادرة على هذا الجذب بصورة كبيرة ، ومن شأنه أن يزيد سيولة السوق وعمقها . وأكد أن البورصة مازالت تتمتع بأكبر عوامل الجذب على الرغم من كل العقبات التى مرت بها ، فهى مازالت أفضل عائد إستثمارى ، و الدليل على ذلك تأثرها الطفيف بقرار زيادة فائدة البنوك . وأضاف أن من شأن هذا المشروع أن ينعش كل قطاعات البورصة ، وعلى رأسها قطاع البنوك و الخدمات المالية و قطاع التشييد و البناء بالإضافة إلى قطاع الشحن و التفريغ . ومن جانبة قال محمد الصهرجتى ، العضو المنتدب لشركة سوليدير ، أن الدور الأساسى للبورصة هو توفير التمويل اللازم للمشروعات ، و بالتالى هى أول سبيل من الطبيعى الإعتماد عليه حين التفكير فى تدشين مشروع قومى عملاق مثل هذا المشروع ، مضيفا أن هذا المشروع قادر على تدعيم نشاط البورصة و النشاط الإقتصادى ككل ، بالإضافة إلى قدرته على إعادة ثقة المستثمر الغير المحلى فى الفكر الإستثمارى المصرى . وأكد أن تقدير حجم التمويل الذى تستطيع البورصة توفيره معتمد على الهيكل الإستثمار للمشروع ، و رأس المال المقدر و النسبة المقدر عرضها للإكتتاب العام ، مؤكدا أن هذا المشروع من شانه أن ينعش الأدوات المالية و على رأسها الصكوك و التى تعد آلية فعالة للغاية فى لتمويل هذا المشروع بجانب السندات و الأسهم كأدوات مالية أخرى . وأضاف أن أى تدعيم للقطاع الإقتصادى من شانه أن يعود بالإيجاب على البورصة خاصة وانها مرآة حقيقة للوضع الإقتصادى ومؤشر فعال له .