أكد الدكتور أحمد جلال، وزير المالية، أن الحكومة المصرية تسعي إلي تهيئة مناخ الاستثمار العام في مصر، وتذليل العقبات أمام المستثمرين وإجراء إصلاحات تشريعية تخدم الوصول إلي معدلات النمو المستهدفة والمقدرة لها بنحو 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي الحالي، فضلاً عن تحقيق العدالة الاجتماعية والذي يعد الهدف الأساسي للحكومة الانتقالية. وقال وزير المالية، في حوار ل "أموال الغد"، أنه تم إدراج اعتماد مالي جديد بقيمة 60 مليار جنيه لإدخال المساعدات العربية بالموازنة العامة للدولة، موضحاً أن تضمين خطة التحفيز المعلن عنها بالموازنة يعكس التوجهات الجديدة للحكومة وعلى رأسها التوسع في الاستثمارات العامة. وأضاف جلال أن الحزمة المالية الإضافية التي رصدتها الحكومة لتنشيط الاقتصاد بلغت 29.6 مليار جنيه لتعزيز مخصصات عدة برامج مثل سداد مستحقات المقاولين والموردين وتطوير مزلقانات السكك الحديدية ومساندة المصانع المتعثرة وصندوق إعادة هيكلة شركات قطاع الأعمال العام، والإسكان الاجتماعي وتقوية الترع والجسور والكباري والمشروع القومي لمياه الشرب والصرف الصحي وتدعيم شبكات الكهرباء وترفيق عدد من المناطق الصناعية وتوصيل الغاز الطبيعي لنحو 800 ألف وحدة سكنية وتعزيز موارد مشروع التنمية المتكاملة لسيناء. وأكد وزير المالية أن هذه الحزمة المالية لن تزيد من عجز الموازنة العامة للدولة عن المعدل المستهدف من قبل الحكومة والبالغ 10%، نظراً لنجاح الإصلاحات التي اتخذتها الحكومة مؤخراً وتأثير حزمة المساعدات العربية على أسعار فائدة أذون وسندات الخزانة التي انخفضت بنحو 4%. وأشار جلال إلى أن الحكومة تسعى إلى الإسراع في تنفيذ منظومة ضريبة القيمة المضافة بإعتبارها الأكثر عدالة من النظام الحالي لضريبة المبيعات، خاصة وأنها تطبق في أغلب دول العالم، كما أن ذلك يأتي ضمن برنامج الإصلاح الضريبي الذي تقوم به وزارة المالية في إطار خطة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية للحكومة، مشيراً إلى أن تطبيق هذه المنظومة يتم الحديث عنه منذ فترة طويلة ومع تعاقب الحكومات المختلفة ولكن دون تنفيذ. وأوضح أن طلب وزارة المالية مساندة فنية من الصندوق عقب قرار الإكتفاء بمشاركة السفير المصري في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين وعدم القيام بطلب قرض مالى من صندوق الدولي يؤكد أن الحكومة تتعامل مع المؤسسات الدولية بإعتبارها عضو مؤسس ولنا حقوق فيها ونستفيد منها وفقاً لاحتياجاتنا وترتيب أولوياتنا، مشيداً بالاستجابة السريعة من إدارة صندوق النقد الدولي بإرسال بعثة فنية رفيعة المستوى فور تقديم الحكومة بطلبها، وهو ما يشير إلى وجود رغبة حقيقية من الصندوق في مساندة مصر خلال المرحلة الحالية. وقال الوزير إن الوضع الاقتصادي الحالي الذي نعاني فيه من تباطؤ وانكماش لا يتوافق مع فرض ضرائب جديدة ولكن هذا لا يمنع أن الحكومة تعمل الآن علي إعداد اقتراح بضرائب تصاعدية يمكن تطبيقه في المستقبل، مؤكداً أن كل الدراسات العالمية أثبتت إن الضرائب ليست العامل الأهم في جذب الاستثمارات خاصة وأن معظم المستثمرين الوافدين لمصر من دول ترتبط مع مصر باتفاقيات لمنع الازدواج الضريبي وبالتالي إذا لم يدفع في مصر سيدفع في دولته. وأشار إلي التوسع في تطبيق البرامج والسياسات التي تخدم القطاع التصديري بوجه عام مثل تبسيط الإجراءات البيروقراطية الخاصة بالتراخيص والموافقات علي إنشاء وتأسيس المشروعات الجديدة وتوسعات المشروعات القائمة وزيادة التنسيق بين السياسات المالية والنقدية الداعمة للنشاط الاقتصادي، والاستفادة من تغير أسعار صرف العملة المحلية وهو ما ساعد بصورة غير مباشرة علي استمرار زيادة قيمة وحجم الصادرات المصرية. وأضاف أن الحكومة مهتمة بالقطاع غير الرسمي لما له من أهمية كبري خاصة وأنه سيسهم بنحو 30% من الدخل القومي لمصر مستقبلا ويعمل بمنشآته 40% من قوة العمل المصرية، كاشفاً عن دراسة وضع تشريع وقنوات خاصة لمنح العاملين بهذا القطاع حوافز وإصلاحات تمكنهم من الانضمام طوعاً للاقتصاد الرسمي، مؤكداً أن نجاح الحكومة في هذا الملف سيؤسس لمجتمع اقتصادي قادر علي النمو وسيكون له مردود إيجابي علي استقرار الوضع المالي لمصر. وحول آليات التمويل التي قد تعتمد عليها وزارة المالية، أكد جلال أن كل الآليات والأدوات التمويلية متاحة سواء أذون وسندات الخزانة أو الصكوك أو مشروعات ال P.P.P، والعبرة دائما بالأفضل والأنسب بينها حسب ظروف الاقتصاد. وكشف وزير المالية عن وجود مشاورات مع شركات البترول الأجنبية لجدولة تلك المتأخرات مع البدء بسداد جزء منها قبل نهاية العام وفور التوصل لاتفاق، لافتاً إلي أن هناك تفهم وترحيب من الشركاء الأجانب لمصر بقطاع البترول للظروف الراهنة ولأهمية انتظام أعمال البحث والاستكشاف عن البترول والغاز حيث ان تحقيق المزيد من الاكتشافات سيخفض من فاتورة الاستيراد. وأوضح الوزير أن الحكومة قطعت شوطاً كبيراً نحو ترسيخ مبادئ العدالة الاجتماعية في المجتمع من خلال تقليل الفجوة الموجودة في أجور العاملين بالقطاع الحكومي، مشيراً إلي الانتهاء من تدبير التمويل اللازم البالغ 18 مليار جنيه سنوياً لتطبيق قرار زيادة الحد الأدنى للأجور الي 1200 جنيه للعاملين بالجهاز الإداري للدولة من يناير المقبل، حيث سيتم التركيز علي زيادة دخول كل من يقل دخله عن الحد الأدنى مع منح زيادات بنسب تتناقص كلما ارتفعنا في هيكل السلم الوظيفي وهو ما سيحافظ علي وجود فروق مالية بين شاغلي المستويات الإدارية المختلفة. وأضاف أن مجلس الوزراء وافق علي التعديلات التي أعدتها وزارة المالية علي قانون الضريبة علي العقارات المبنية، والتي تضمنت محورين أساسيين الأول توسيع مظلة الإعفاءات من الضريبة لتشمل محوري الوحدات السكنية وغير السكنية، والثاني تعزيز الضمانات القانونية المنصوص عليها للتيسير على المواطنين عند تطبيق القانون وسد أيه ثغرات قد تؤثر علي حصيلة الضريبة التي سيوجه 50% منها لتطوير المناطق العشوائية والمحليات مضيفاً أن الحصيلة المتوقعة للقانون الجديد تتراوح بين 2.5 و3 مليار جنيه.