القاهرة منار عبد الفتاح: واصل عدد من منظمات حقوق الإنسان في مصر إدانة اقتحام نقابة الصحافيين، إلا ان هناك نوعا من الحرج لدى البعض بسبب العناصر السياسية التي تحكم المشهد مثل العلاقة مع جماعة الإخوان وغير ذلك، كما قال القيادي في المنظمة المصرية لحقوق الإنسان ل»القدس العربي». وأدانت منظمة العدل والتنمية لحقوق الإنسان إقدام قوات الأمن المصرية على اقتحام نقابة الصحافيين، وقالت ان اقتحام الداخلية لنقابة الصحافيين أمر في غاية الخطورة وانتهاك لحرية الإعلام ورسالة ترهيب وإرهاب لكل صحافي داخل مصر من جانب نظام سياسي أمني بامتياز لا يعرف التعامل مع وسائل الإعلام محاولا بكافة الوسائل احتكارها والسيطرة عليها. وهي رسالة ردا على تظاهرت 25 نيسان/ابريل أمام نقابة الصحافيين ونظرا لوجود أصوات صحافية حرة داخل النقابة ترفض المساس بحرية الإعلام والخضوع للسلطة الحاكمة. وأكدت المنظمة ان فترة حكم السيسي شهدت تراجعا كبيرا في حرية الرأي والتعبير وتزايدت فيها الاعتداءات على الصحافيين ومندوبي القنوات ووسائل الإعلام مع تزايد الاعتقالات في صفوف الصحافيين، لانه نظام يستخدم الداخلية والعصا الأمنية لإرهاب الصحافيين لفشله في توجيه النقابة والسيطرة عليها للتطبيل للنظام. وقال الدكتور احمد عبد الحفيظ، نائب رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان في ل»القدس العربي» ان «ما حدث في نقابة الصحافيين يعد انتهاكا للقانون بخصوص دخول النقابة دون الضمانات الموجودة في قانون النقابة الذي ينص على ان في حالة دخول الشرطة لابد من وجود أشخاص من النقابة ومن النيابة، فالشرطة انتهكت قانون النقابة وتغولت عليها وكان يجب ان يثور الصحافيون لهذا السبب». وأكد «ان هناك تحديات بالفعل أمام المنظمات الحقوقية لمواجهة انتهاكات الحكومة للحريات، لان هذه المنظمات تواجه حرجا شديدا لان الأمور المتعلقة بالإرهاب وتحدي مواجهة الإرهاب والصراع القائم مع الإخوان، ما يجعل المنظمات الحقوقية تواجه صعوبات شديدة وإلا يكون دفاعها عن حقوق الإنسان هو الدفاع عن الإرهاب، وان كان يجب عليها ان تمارس دورها لانها الضمان الوحيد لمواجهة الإرهاب ما يزيد من خطر الإرهاب ولا يقلله». وأضاف «ان المنظمات الحقوقية ترصد الأحداث على قدر امكانياتها التي أصبحت محدودة جدا في ظل الوضع الحالي وعلى الأخص انها تعتمد على التمويل الأجنبي بشكل كبير وهو لم يصبح متوفرا الآن، فالجهات الممولة لديها أزمات فلم يعد هناك تمويل بصورة كبيرة، كما ان السلطات المصرية من خلال وزارة التضامن الاجتماعي تضع شروطا وبالتالي توجد عقبات أمام تلك المنظمات». وأوضح «ان الرئيس السيسي يتعامل بسياسة «انقاذ ما يمكن انقاذه» وان البلد في خطر شديد ومهدد ان يكون مثل سوريا أو العراق، ويعتقد ان هذا يتيح له ألا يتوقف أمام أي اعتبارات اخرى. وبالتالي فالحديث عن الحقوق والحريات لا يُلقي إعجابا من الحكومة ولا تهتم به، فمجمل الوضع العام ليس في صالح الحريات وحقوق الإنسان». وأكد «ان حالة الحقوق والحريات بشكل عام في مصر ليست جيدة بل في حالة من السوء غير مسبوقة، لان أي بلد يرى ان هناك خطرا وجوديا على سيادته فلن يهتم كثيرا أو يتوقف أمام الحقوق والحريات وهذا ليس حاصلا في مصر فقط». وأشارت منظمات حقوق الإنسان إلى أن أداء الصحافيين لمهنتهم في تغطية هذه الاحتجاجات السلمية المشروعة، التي اندلعت في 25 نيسان/ابريل الماضي، كان سببًا في توقيف واحتجاز أكثر من 43 صحافيًا بينهم أجانب، وفقًا لغرفة العمليات الخاصة بالنقابة، فضلًا عن عشرات الشكاوى التي تفيد بتعرض الصحافيين لاعتداءات من قبل قوات الأمن وقت احتجازهم. وقال المستشار نجيب جبرائيل، رئيس الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، ل»القدس العربي» ان «اقتحام الشرطة لنقابة الصحافيين يعد سابقة، لا يمكن ان ننسبها إلى تهمة الصحافيين اللذين اندسا داخل النقابة، ولكن ما يعنينا هو اختراق وانتهاك الدستور في سابقة غير مكررة من قبل، والمادة 70 من قانون الصحافة تنص على انه لا يجوز دخول النقابة إلا بإذن، وهذا الأمر أساء لسمعة مصر في وقت نحتاج فيه إلى ترميم الأوضاع بعيدا عما ينسب إلينا من إعتقالات عشوائية وتعذيب وتكميم للأفواه. وكنا نتمنى ان يتم حل تلك الأزمة بإعتذار وزير الداخلية وتسوية الأمر بدلا من التصعيد. لابد من احترام القانون والحريات والدستور». وأكد «ان التحديات التي تواجه المنظمات الحقوقية والمجتمعية تتمثل في عدم الاستجابة إلى توصياتنا ومناداتنا باحترام الحقوق والحريات». وأضاف «انا متفق تماما مع من يقول ان الصحافة تعيش أسوأ حالتها في الفترة الحالية، وان وصول مصر للمرتبة الثانية عالميا في اعتقال الصحافيين يعد أمرا مؤسفا للغاية في ظل وجود مؤسسة دستورية وفي ظل وجود برلمان، والمشكلة ليست في الدستور ولكن المشكلة هي في تفعيل مواد الدستور، وحتى الآن لم يخرج قانون ينظم حريات الصحافيين أو مفوضية عدم التمييز، فنحن أمام دستور نباهي به أمام الدول ولكنه لا يطبق». وأعتبرت المنظمات الحقوقية أن اقتحام الأمن لنقابة الصحافيين يأتي ضمن حزمة من الإجراءات التعسفية والحملات الممنهجة ضد الصحافيين بشكل عام، لافتة إلى انخفاض مؤشر مصر من 158 إلى 159 في ترتيب حرية الصحافة السنوي الصادر عن منظمة «مراسلون دون حدود» وبلوغها المرتبة الثانية عالميًا في اعتقال الصحافيين، بعد الصين في تقرير لجنة حماية الصحافيين، الأمر الذي دفع النقابة في بيانها إلى الإقرار بأن حرية الصحافة في مصر تعيش أسوأ فتراتها منذ أكثر من عامين. وقالت «جبهة الدفاع عن الحريات» التي تضم 6 أحزاب، في بيان لها، إنه خلال الشهور القليلة الماضية شهدت مصر حملة متصاعدة على العمل الأهلي والحقوقي تأتي في سياق هجمة على الحريات العامة وانتهاكات متواصلة للقانون والدستور وللمعايير الدولية لحقوق الإنسان. وطالبت الجبهة في بيان لها، بوقف الإجراءات المتخذة ضد المنظمات الحقوقية والقائمين عليها، والتوقف الفوري عن الممارسات الأمنية التي تنتهك حقوق الإنسان وكرامته، ووقف التعذيب الممنهج في أماكن الاحتجاز، والالتزام بالدستور والقانون في التعامل مع المحتجزين وإنهاء حالات الإخفاء القسري، وإعداد قانون جديد ديمقراطي ينظم عمل منظمات المجتمع المدني بالمشاركة مع هذه المنظمات وتقديمه لمجلس النواب لإصداره. وقال الكاتب الصحافي قطب العربي، رئيس «المرصد العربي لحرية الإعلام» إن مصر تأتي في المركز الأول عالميًا من حيث عدد الصحافيين المعتقلين في سجونها، موضحا أن عدد المعتقلين في السجون الآن وصل ل 90 صحافيا. وأضاف، أن الصحافيين المعتقلين في سجن العقرب بدأوا الإضراب عن الطعام احتجاجا على سوء معاملتهم، موضحًا أن النظام الحالي لم يكتفِ بسجن الصحافيين بل يتم معاملتهم معاملة سيئة أيضًا. وأكد أن 12 قتيلا سقطوا من الصحافيين منذ 30 حزيران/يونيو وحتى الآن، منوها أن حالات الصحافيين المعتقلين الصحية تنذر بزيادة هذا العدد. وأصدرت أسر الصحافيين المحبوسين، بيانا أكدت فيه أن الصحافة المصرية وحريتها تواجه هجمة شرسة تهدد وجودها، وتعيق التطور الذي يأمل المصريون أن تصل إليه الصحافة في مصر. وتابع البيان:»مثّل اقتحام النقابة من جانب قوات الأمن، للمرة الأولى في تاريخها، مرحلة غير مسبوقة من التعسف والقمع والإرهاب للصحافيين بهدف كتم أصواتهم، ومنعهم من كشف الفساد». والجدير بالذكر، ان نقابة الصحافيين المصرية رصدت 782 انتهاكاً بحق الصحافيين خلال العام الماضي وأكدت أنه يوجد أكثر من 42 صحافياً ما بين محبوسين أو مهددين بالحبس، بينهم 28 صحافياً داخل أماكن الحبس والاحتجاز المختلفة، كما أوضحت أنها رصدت سبعة أحكام بالحبس وإحالة ثمانية آخرين للتحقيق ببلاغاتٍ من وزير العدل. وتنوعت الانتهاكات التي تمت بحق صحافيين من قبل قوات الأمن المصرية بين الحبس الاحتياطي والتوقيف واقتحام المنازل لالقاء القبض وتلفيق التهم، بالإضافة إلى إصدار أحكام شديدة القسوة وكذلك المنع من مزاولة المهنة عبر تكسير المعدات والكاميرات، وأيضاً المنع من الكتابة أو وقف المقالات، فضلاً عن المطاردات الأمنية واقتحام نحو 4 مقار صحف أو مواقع إخبارية، وتعطيل طباعة عدد من الصحف أو فرم نسخ منها. وبحسب التقرير النقابي فقد تعرض عدد من الصحافيين للتعذيب داخل السجون على رأسها سجن العقرب شديد الحراسة، وكانت أبرز الأسماء التي وصلت شكاوى بشأن تعرضها للتعذيب هم: «أحمد جمال زيادة، وعمر عبد المقصود، وعبد الرحمن علي طاهر، ومحمود السقا». فيما منع العلاج عن 9 آخرين، ولفتت لجنة الحريات في نقابة الصحافيين إلى ان تدهور صحتهم بشكل خطير قد يودي بحياتهم ومنهم الصحافيون «هشام جعفر وهاني صلاح ويوسف شعبان ومجدي حسين». كما سجلت النقابة 12 واقعة منع من الكتابة ووقف برامج، كما لفت التقرير إلى إقرار وإعداد مجموعة من التشريعات التي اعتبرها ردة حقيقية على نصوص الدستور، وشمل ذلك بعض بنود قانون مكافحة الإرهاب ومشروع قانون تنظيم المياه الجديد.